لا تبدو السوق العراقية عادية بالنسبة لمنظومة الإنتاج السورية، بل ثمة تكامل طويل الأمد بين سوقين، الأولى إنتاجية والثانية استهلاكية إلى حد كبير، هذا ما كان واقع الحال لسنوات بل عقود خلت.
إلا أن ثمة تطورات جديدة طرأت، من شأنها إعاقة تدفق المنتج السلعي السوري إلى الأسواق العراقية، أولها: بعض قرارات التقييد التي صدرت عن الجانب العراقي، وثانيها: “اقتحام” منتجات دول أخرى مجاورة للسوق العراقية، وهذا ما خلق بعض الهواجس لدى التاجر والصناعي السوري, لكن مؤخراً اختتمت اجتماعات اللجنة المشتركة السورية العراقية في بغداد، ولعل الاجتماعات قد حملت بعض الحلحلة لما يراه بعضهم معوقات.
أطر جديدة
تتوقع معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رانيا أحمد، أن تؤسس الأطر القانونية الجديدة الموقعة مع الجانب العراقي خلال اجتماعات الدورة الثانية عشرة للجنة السورية- العراقية المشتركة التي عقدت مؤخراً في العاصمة العراقية بغداد، والمواضيع التي تتم متابعتها حالياً حتى بعد انتهاء أعمال اللجنة، أن تؤسس لتعاون تجاري وصناعي على أسس تكاملية لا تنافسية بين البلدين.
وتلفت أحمد في تصريح خاص لـ”الثورة” إلى أن ثمة مذكرات تفاهم جديدة انبثقت عن اجتماعات اللجنة المشتركة، إذ تمّ التوقيع على مجموعة من وثائق التعاون كمذكرة التفاهم في مجالات الاتصالات، الأشغال العامة والإسكان، حماية الملكية الصناعية والشؤون الاجتماعية، مشيرةً إلى أنّ توقيع هذه المذكرات لا يعني عدم وجود تعاون سابق في المجالات المذكورة، وإنّما يعني إيجاد إطار قانوني ناظم للتعاون يتم الاستناد عليه في عمليات التنفيذ والمتابعة وقياس الأداء.
تفاهمات موثّقة
وفي ذات السياق تؤكد معاون الوزير أنه تمّ توقيع وثائق تعتبر بمثابة تتمة لوثائق سابقة مثل ملحق بروتوكول التعاون العلمي والفني في مجالات المواصفات والمقاييس ومراقبة الجودة ومنح شهادات المطابقة، حيث أنّ التوقيع على هذا الملحق يعكس ضرورة تطوير البروتوكول الموقع سابقاً بما يتناسب مع المستجدات التي ظهرت أثناء التنفيذ، وبما يساهم في تسهيل حركة التبادل التجاري من المنتجات التي تتمتع بالمواصفات والجودة المطلوبة.
وتضيف: إنّ مضامين الوثائق الموقعة تعكس تفاهمات هامة داعمة لتطوير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ولاسيما في المجال التجاري، حيث إن وجود اختلاف في طبيعة الموارد المتوفرة لدى كل من سورية والعراق، وأيضاً وجود اختلاف على مستوى طبيعة الأنشطة الإنتاجية ساهم في الوصول إلى مستوى هام لحجم التجارة البينية، ولاسيما من السلع والبضائع السورية التي تتمتع بمستوى جودة مناسب ومتميز وبنفس الوقت تلبي احتياجات المواطن العراقي.
هواجس
إلا أن الملاحظ خلال السنوات الأخيرة أن ثمة تعقيدات وتقييدا للتعاون التجاري من الجانب العراقي، وهذا ما يمكن أن تفضي إليه متابعة ما يرشح عن الحكومة العراقية من قرارات، نظر إليها التاجر وكذلك الصناعي السوري على أنها تقييد لحركة تدفق البضائع السورية إلى الأسواق العراقية التي يعوّل عليها المصدر السوري بشكل كبير، ليبقى السؤال: هل ستثمر الاتفاقات الجديدة ببعض الانفراجات.
هنا تلفت معاون وزير الاقتصاد، إلى أن التعاون التجاري بين سورية والعراق لا يواجه تقييدا بالمعنى الحرفي للكلمة، وإنّما يخضع لبعض السياسات والتوجهات التي فرضتها الظروف التي يمر بها كل من البلدين، والتي نتج عنها اتخاذ بعض القرارات غير الموجهة من قبل أي من البلدين إلى البلد الآخر، وإنّما تطبق على الواردات من أية دولة.. ومع ذلك فإنّ هناك تعاوناً جيداً على مستوى تسهيل منح التأشيرات اللازمة لدخول المستثمرين ورجال الأعمال، وأيضاً على مستوى المشاركة في المعارض المتبادلة، وتسهيل حركة البضائع المصدرة والترانزيت.
آليات جديدة للنفاذ
على العموم السوق العراقية واعدة بالنسبة لسورية.. لكن الواضح أن هناك تهافتاً عليها من قبل بلدان الجوار والاقتصادات المنافسة بمنتجاتها المشابهة للمنتج السوري، وهذا وفق رؤية مراقبين قلّص من فرص نفاذ المنتج السوري إلى هذه الأسواق، بل خسارتها بعد أن كان رائجاً هناك.. بالتالي ثمة تساؤلات اليوم حول ما يجب فعله لنحجز حصة وافية للمنتج السوري في السوق العراقية..؟
ترى أحمد أن المنتجات السورية استطاعت أن تحجز لها حيزاً هاماً في السوق العراقية نتيجة تمتعها بالجودة والمواصفات المطلوبة، ما عزز من فرص رواجها بالرغم من وجود بضائع مماثلة واردة من دول أخرى، إلاّ أنّ الصعوبات التي تحيط بالعملية الإنتاجية في سورية وعلى رأسها صعوبة تأمين بعض مستلزمات الإنتاج بما فيها الطاقة، نتج عنه زيادة في تكاليف المنتج السوري وبالتالي زيادة في أسعاره، وضمن هذا السياق تمّ خلال أعمال اللجنة التباحث في سبل تعزيز الحصة السوقية للبضائع السورية، وتمّ الاتفاق على مجموعة من الخطوات التي يمكن العمل عليها، بما في ذلك افتتاح مركز دائم لعرض وبيع المنتجات السورية في العراق.
بالإضافة إلى المشاركة في المعارض التي تقام في كل من البلدين بالاستناد إلى مذكرة التفاهم الموقعة بينهما والتي تتيح المشاركة بمزايا تحفيزية.
ويضاف إلى ذلك حوافز التصدير وبرامج دعم شحن البضائع التي تعمل عليها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وتقوم بتنفيذها من خلال هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات لتعزيز تنافسية المنتجات السورية.