راما العلاف
رأى الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية في حديثه لـ«الوطن» أن تعامل الجهات المصرفية السورية بالعملات الرقمية (المشفرة) ولاسيما عملات الدول الصديقة منها غالبا ممكن ومتاح من قبل الطرف الآخر إلا أنه غير متاح في سورية بسبب عدم وجود البرامج الحاسوبية والبنية التحتية اللازمة، والأهم هو عدم الاستعداد المادي وغير المادي لقبول مثل هذه العملات الأكثر حداثة من منهجية التبادل المالي التقليدي المستخدم والسائد لدينا.
وقال: إضافة إلى ذلك فإن برامج «العملات المشفرة» والأصح «الإلكترونية لدى شركائنا التجاريين المحتملين ليست جاهزة بعد للتوسع لكونها ربما ما زالت في المرحلة التجريبية.
وأوضح فضلية أن العملة الرقمية هي مجرد حسابات بنكية تقرها الدولة عن طريق المصرف المركزي وكأنه قام بطباعة عملة جديدة وهي تنتقل من المصرف المركزي الذي أوجدها وهو الجهة الوحيدة التي يمكنها إيجادها كما هو الأمر عند طباعة العملة الوطنية وتنتقل إلى المصارف الأخرى كـرقم بما يعني أننا حولنا إلى حسابكم لدينا مبلغ كذا في الوقت الذي تقوم المصارف بتحويل هذه المبالغ (الأرقام) فيما بينها وبين المصرف المركزي وطبعاً من دون أن يكون لها مقابل ورقي تقليدي ملموس.
وتابع موضحاً: إنه عندما يطلب صاحب الحساب أكان مصرفاً أم شخصاً طبيعياً سحبها أو سحب مبالغ منها يعطيه المصرف المركزي أو أي مصرف عام أو خاص غير المركزي مقابلها نقوداً ملموسة تقليدية من مخزونه النقدي، علماً أنه يكون دائماً لدى المركزي مخزون نقدي أو نقد ملموس من الاحتياطي الإجباري الذي تضعه المصارف لديه أو بتصرفه بموجب نص القانون، وهذا الاحتياطي يعادل ما بين (5 إلى 8 بالمئة) من رأس مال كل مصرف عامل ضمن حدود البلد.
وأشار إلى أن «العملة المشفرة» هي عبارة عن عملة عالمية عابرة للحدود تنشئها جهة ما كما هو الأمر لدى المصارف المركزية ويتم شراؤها بتحويل قيمتها إلى حسابات محددة يتم من خلالها تسديد قيم صفقات تجارية أو تسديد التزامات أو تخصص لشراء الأسهم والمضاربة بالبورصات العالمية أو للادخار.. إلخ، وذلك من خلال التعامل أو التداول مع حسابات موجودة أرقامها على صفحات الإنترنت، حيث لا يرى المتداولون فيها بعضهم بعضاً ولا يعرف زبائنها متى وكيف سوى أنهم يحصلون مقابل ما يشترونه على قوة شرائية تتاح لهم عبر المصارف.
وعن مخاطر التعامل بهذه العملات قال: استطاع بعض قراصنة النت «هاكارز» اختراق مثل هذه الحسابات عدة مرات خلال السنين الماضية؛ وذلك من خلال ما يسمى «الحفر» باستخدام نظريات الاحتمالات.
وعلى الرغم من كل الغموض الذي يحيط بهذه العملات وبآليات التعامل بها وتحريكها والأهم عدم وجود أي عامل أمان مضمون للحفاظ على الحقوق أو تحصيلها، إلا أن مشروع العملات المشفرة استمر منذ ذلك الحين دون معوقات ومشاكل تذكر، بل ظهرت عملات مشفرة جديدة معروف مصدرها مضمونة وموثوقة ومعترف بها محلياً و/أو إقليمياً و/أو دولياً، مثل العملات المشفرة في العديد من دول العالم لغاية استخدامها في تسديد الالتزامات الناشئة عن التبادل التجاري الدولي التي أصدرتها العديد من دول العالم؛ ومنها بعض دول الخليج العربي وروسيا ولكن هذه العملات الحديثة هي بمنزلة العملات المصرفية الإلكترونية التي نوهنا إليها أعلاه أكثر مما هي عملات مشفرة مثل الـ«بيتكوين» وأخواتها وما يشابهها.
وبالنسبة للتعامل التجاري بين سورية الدول العربية والأجنبية الصديقة بالعملات المحلية لهذه الدول فرأى فضلية أنه في كثير من الحالات وفي الظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية العادية ممكن ولكن بحدود تفرضها الظروف الخارجية العامة المؤثرة في بعض أو كل الأطراف والفرقاء ذوي الصلة.
وذكر فضلية وجود حالة عملية واقعية ملموسة في سورية تشابه ذلك مع إيران عندما سمحت السلطات السورية منذ نحو 7 أشهر للزوار والسياح الإيرانيين بالدفع بالعملة السورية في سورية في بعض المواضع (الفنادق) حيث كان لزاماً عليهم الدفع بالقطع الأجنبي؛ وبالمقابل وافقت السلطات الإيرانية بالوقت ذاته على أن يدفع السوريون في إيران بعملة إيران المحلية.
سيرياهوم نيوز1-الوطن