آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » رودولف سعادة يوسّع امبراطوريته في عالم الميديا: أما زال هناك اعلام حرّ في فرنسا؟

رودولف سعادة يوسّع امبراطوريته في عالم الميديا: أما زال هناك اعلام حرّ في فرنسا؟

علا طبري

 

باريس | يواصل الملياردير رودولف سعادة (1970) تسلّق المشهد الرأسمالي الفرنسي، وهذه المرة عبر امتلاكه منصات ووسائل إعلامية فرنسية جديدة ومهمة، وانضمامه بذلك إلى قائمة رجال الأعمال الذين يديرون دفة الإعلام. لا يتحدث رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال في السياسة علناً، لكنّ تداعيات اجتماع التجارة والسياسة والميديا في كفٍّ واحد تستدعي بلا شكّ عاصفةً، ولو من غبار، لدى أصحاب الشأن في الأوساط الإعلامية والشعبية. لا جديد في أنّ «الإعلام الحرّ المستقل» في خطر منذ مدة ليست بقصيرة بسبب سيطرة رؤوس الأموال على ملكية الوسائل الإعلامية أكان عالمياً، أو في فرنسا تحديداً، حيث يسيطر أصحاب الملايين مثل مارتان بويج، وكزافييه نيل، وعائلة داسو، وبرنار أرنو، وفنسان بولوريه، وبيار بيرجي، وفرانسوا هنري بينو، وماتيو بيغاس وارنو لاغاردير وباتريك دراهي على الميديا، رغم أنّ عالم الصحافة الذي يحتاج إلى الكثير من الأموال ليس بالعالم المربح تجارياً. لكن تبعات هذا الامتلاك ظهرت جلياً في تحوّل المنصات الإخبارية إلى منصات رأي موجَّهة تدعم أفكاراً معينة، ولم نسمع فعلياً عن تحولات إيجابية تميل إلى اليسار والتعددية، وإنما من اليمين إلى اليمين الأكثر تطرفاً. وبالتالي، يتواصل الصراع بين الصوت الفرنسي الذي يطالب بحرية الصحافة وحماية ما يمكن من استقلالية الصحافيين/ ات وعدم المسّ بالخط التحريري للصحف التي يتم اقتناؤها من رجال الأعمال.

 

 

الوقت وحده كفيل بتظهير الخطوط التحريرية الجديدة لمنصات رودولف سعادة الإعلامية

Ad

Unmute

تركيا – تكلفة زراعة الأسنان بالفم الكامل قد تفاجئك تمامًا

زراعة الاسنان في تركيا

 

ديون بالمليارات ملفات قضائية امتدت لسنوات أدت إلى انتكاسة مجموعة «ألتيس ميديا» الفرنسية التي تعدّ ثالث قطب إعلامي خاص في فرنسا (تمتلك مجموعة إعلامية ضخمة من بينها محطة «بي إف إم تي في») وانسحاب مالكها ومؤسسها الإسرائيلي الفرنسي باتريك دراهي من المشهد الإعلامي، باستثناء استمرار امتلاكه القناة الإسرائيلية «آي 24 نيوز» (وفقاً لما جاء في صحيفة «لوموند» في 16 آذار/ مارس 2024). إذ تقدّم الملياردير سعادة بشراء كامل أسهمها وفروعها في 15 آذار (مارس) 2024، مضيفاً إياها إلى ملكية صحيفة La Provence التي ضمّها عام 2022 ومنصات أخرى أعلن أنه سيعمل على توطيد ترابطها مع الشركة الأم ومجموعة الشحن والخدمات اللوجستية التي يملكها مع الالتزام بـ «الحفاظ على التعددية والاستقلالية والأخلاقيات الصحافية في قنواتها»!

لكن إذا كانت السياسة المحلية والدولية تتحرك وفقاً لتعاقدات رؤوس الأموال، فلا بد من أنّنا أمام تحولات جديدة ستتكشف قريباً. رودولف سعادة المعروف بحذره الإعلامي وسريته السابقة لا يزال منذ عام 2021 يقوم بخطوات جريئة في الصعود إلى سلالم السلطة والنفوذ والمال، إذ ذكرت مجلة «فوربس» في 31 أيار (مايو) 2022 أنّه «قرّر فجأة اللعب في الدوريات الرأسماليّة الفرنسية الكبرى، وأنّ ثروته وصلت إلى 41.4 مليار دولار، ما يجعله (حينها) صاحب ثالث أكبر ثروة فرنسية». بعدما حصد ثقة والده الراحل جاك سعادة عام 2018، قاد رودولف شركة النقل البحري CMA-CGM عبر مطبات وأمواج عاتية اقتصادياً وسياسياً حتى أصبح صاحب أكبر شركة نقل بحرية في العالم. وقد كان والده الذي انتقل من اللاذقية فبيروت فمرسيليا للبدء بمشروع نقل بحري بسفينة واحدة، ترك لابنه وشركته إرثاً بمئات السفن والموانئ في العالم. وإن طال الحديث عن تاريخ علاقته بالرئيس السابق جاك شيراك، فإن العلاقة الوطيدة التي تجمع رودولف بالرئيس ماكرون وزوجته تتصدّر الصحف والتحليلات الفرنسية اليوم. وكانت صحيفة «ميديابار» قد خصّصت مقالاً مطوّلاً حول سعادة عام 2022 مع اقتراب امتلاكه لمنبر La Provence الإعلامي بعدما «عرض مبالغ طائلة أكثر بكثير من القيمة الحقيقية للشركة. كما لم يعقّب قصر الأليزيه حينها إن كان امتلاك سعادة حصة في الخطوط الجوية الفرنسية Air France-KLM بالتوافق مع الأمين العام للأليزيه»!

في الوضع الراهن، يستحيل الحديث عن أكبر شركة نقل بحرية في العالم (يملكها رجل أعمال فرنسي عربي لبناني) من دون ذكر واقع البحر الأحمر وسيطرة القوى اليمنية عليه، منذ التاسع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ومنع عبور الشحن البحري إلى الكيان العبري حتى فكّ الحصار عن غزة وإدخال ما يلزم من المساعدات. وكانت بعض الشركات البحرية قد قررت الابتعاد عن المنطقة العسكرية المسيطر عليها من قبل ثوار صنعاء بينما واصلت شركات أخرى العبور، معتمدين على حماية قوى «التحالف الدولي» بقيادة القوات الأميركية والبريطانية. أما شركة CMA-CGM، فقد كانت قد أعلنت في بيان صحافي (وفقاً لما جاء في مجلة Challenges بتاريخ 16 كانون الأول/ ديسمبر 2023) أنّها علّقت أيضاً عبور سفن الحاويات التابعة لها للبحر الأحمر من أجل حماية السفن وطواقمها بعد الهجمات التي شنّها المتمردون الحوثيون من اليمن، معلنةً أنّ «الوضع مستمر في التدهور والمخاوف الأمنية تتزايد». أما وفقاً لما جاء في موقع «مجلة البحرية التجارية» في 22 كانون الثاني (يناير) 2024 أنه رغم استهداف إحدى ناقلاتها في بداية العام الحالي، لا تزال شركة سعادة تحافظ على موقف ملتبس يتمثل في تحويل مسارها نحو الطرف الأفريقي فقط في حال عدم التأكد بأنّ السفن قد تستفيد من الحماية العسكرية الفرنسية التي يوفرها البرنامج متعدّد الأهداف FREMM عبر تمركز البارجة Languedoc في المنطقة، وقد قامت بإحباط هجمات للحوثيين فعلياً.

في النهاية إن أردنا العودة إلى أصل الحكايات، فالبحث عن عائلة وأعمال جاك سعادة باللغة العربية، يأخذنا دوماً إلى اسم رامي فيتالي مهندس الكمبيوتر الذي عمل بين عامَي 2012 و 2019 في إحدى شركات سعادة في اللاذقية (محطة حاويات اللاذقية)، وكان أول من وصف سعادة بـ «أسد البحر» عبر رثاء كتبه بعد وفاته. يقول رامي فيتالي عن أصول سعادة أنه كما هو مكتوب في شركة ملاحته السورية في اللاذقية، فإنّ سعادة من مواليد لبنان خلافاً لما يذكر عادةً بأنّه من مواليد سوريا، لكنه أمضى طفولته في اللاذقية وعاد إليها واستثمر فيها ولو كان هذا الاستثمار ليس بالمنفعة المادية المرجوّة.

لا بد من أنّ الوقت سيكون كفيلاً بإظهار الخطوط التحريرية الجديدة لمنصات سعادة الإعلامية ومدى التزام مالكها الجديد بالتعددية التي لمسنا خلال العدوان على غزة كم أنّها غائبة عن المشهد الإعلامي الفرنسي.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قانون اتحاد الصحفيين… ندوة حوارية‏ في دار البعث

دعا المشاركون في الندوة الحوارية التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الصحفيين على ‏مدرج دار البعث تحت عنوان “ماذا يريد الصحفيون من قانون اتحاد الصحفيين” إلى تعديل ...