آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » هل من جهات رسمية تتدارس كيفية استثمار رؤوس الأموال الكبيرة المجمدة في قطاع البناء؟

هل من جهات رسمية تتدارس كيفية استثمار رؤوس الأموال الكبيرة المجمدة في قطاع البناء؟

 

 

عبد اللطيف شعبان

 

بعيدا عن حصاد ثمرات الخير الاقتصادي الكبير، الذي كان سيتحقق لو تمت الاستثمارات المثمرة للمبالغ المالية الكبيرة التي يملكها القطاع الخاص، في المنشآت الإنتاجية السلعية في الميدانين الزراعي والصناعي خلال العقود الماضية، نحصد هذه الأيام السيئات الكبيرة للتوجه الخاطئ التراكمي لقسم كبير من تلك الأموال باتجاه إنفاقه في شراء العقارات، وخاصة ما هو منها صالحا للبناء ضمن المخططات التنظيمية وعلى الطرق العامة، وتشييد البناء عليها بأنواعه المتعددة، ما أدى لوجود أبنية كثيرة، تم بناؤها منذ سنوات في أغلب المحافظات لغايات تجارية جاهزة للاستخدام سكنيا أو منشآتيا، ولا تجد من يشتريها، وأبنية أخرى أكثر مازالت قيد الحاجة للاكساء بانتظار بيعها على وضعها الراهن، وأبنية قيد الإنشاء يتعثر إكمالها لسبب أو لآخر، فحجم العرض التجاري من هذه الأبنية فاق حجم الطلب بكثير ما كان منه سكنيا أو منشآتيا، وخاصة بعد بناء تلك البرجيات الكبيرة التي زاد انتشارها تتابعيا، لأن السعر العالي الكبير المطروح للأبنية، وخاصة إثر ارتفاع الأسعار لما تم إنشاؤه منها في السنوات الأخيرة أو يتم إنشاؤه حاليا، لا يتناسب مع قلة السيولة المالية الموجودة لدى كثير من الراغبين والمحتاجين، كما أن مئات البرجيات التي تم بناؤها – بناء على اقتراح ومطلب الكثيرين بغية التخفيف من المساحات المستخدمة للبناء- أصبحت غير مرغوبة الاستخدام في هذه الأيام نتيجة بعض التخوُّف من احتمال تأثرها بموجات الزلازل، وبسبب صعوبة الصعود على طوابقها العالية دون مصعد بسبب ندرة توفر التيار الكهربائي المعهود، ومن المؤكد ليس بمقدور العديد من ساكنيها تغطية الكلفة الكبيرة المترتبة على تأمين التيار حال تم العمل على ذلك من خلال المولدات الخاصة أو مولدات الأمبير أو ألواح الطاقة الشمسية، وبالتالي فالواقع الاقتصادي رهن حجم كبير من رأس المال المجمَّد، فالتجار مالكي هذه الأبنية يجددون ارتفاع سعر بيعها مع تجدد ارتفاع أسعار مكوناتها تناسبا مع سعر الصرف، ومحتاجيها يعزفون عن شرائها لضعف الوفر المالي المتحقق لديهم بسبب تبدد معظم دخلهم لصالح المتطلبات الاستهلاكية اليومية.

الغريب في الأمر، أن العديد من تجار البناء مالكي السيولة المالية الكبيرة، غير ميالين للاستثمار في ميادين الإنتاج السلعي حتى تاريخه، رغم الحاجة الماسة لهذا الاستثمار، ومستمرين في تشييد أبنية تجارية جديدة رغم الكلفة العالية لهذا البناء حاليا، وبعض هذه الأبنية الجديدة على مقربة من الأبنية القديمة الكاسدة منذ سنوات، لا بل من المؤسف أننا أمام حالات تجميد أخرى لرأس المال من خلال لجوء الآلاف من حائزي رؤوس الأموال النقدية – على اختلاف تعدد مصادر حيازتها –لشراء الذهب والعملات الصعبة وبالتالي هم وراء الكثير من حالات ارتفاع هاتين العملتين، ويتضح ذلك جليا في السوق جراء تهافت التجار لشراء هاتين العملتين بأعلى من السعر الرسمي المعلن لهما، كل ذلك نتيجة ضعف السياسات الاقتصادية الحكيمة، المستوجب وجودها وفعاليتها في توجيه رأس المال في الجانب الإنتاجي الذي نعيش حالات الحاجة الماسة له، والمؤسف وجود مثل هذه الأبنية المجمدة منذ سنوات لدى بعض الجمعيات التعاونية السكنية وبعض الجهات الرسمية.

لست متعاطفا أبدا مع أصحاب رؤوس الأموال، ولكن لست مع البعض الذين يتهمون رأس المال الخاص بأنه جبان، ولكن أقول إن أصحابه حذرون ومن حقهم ذلك، وحالات إقدامهم لاستثمارها في مشاريع إنتاجية قائمة متى رأوا أفقا رابحا لها، بدليل أن كثيرون من أصحاب الأموال استثمروا أموالهم خارج محافظاتهم بل وذهب بها بعضهم لاستثمارها في الخارج إقليميا وعربيا ودوليا، شاكين من ضعف محفزات الاستثمار المحلي، لا بل ومن بعض المعوقات الإجرائية الإدارية بين زمان ومكان، بالترافق مع العديد من الرسوم تحت عنوان أو بلا عنوان، عدا عن الشكوى من استمرارية الوضع المتردي لحالة التيار الكهربائي والمحروقات وتقلبات سعر الصرف.

هل من جهة أو جهات رسمية تتدارس هذا الواقع وتبحث في كيفية تحريك هذا الرأسمال الكبير المجمَّد والحد من تراكمه، هل من إجراء مكلَّل بالحكمة يسهّل بيعها ولو بأسعار أقل من كلفتها، بدلا من استمرار تجميدها، وتحفيز استثمار كتلة السيولة النقدية المخزونة والجديدة الناتجة عن حصيلة قيمة المباع، باتجاه الاستثمار في مشاريع إنتاجية سلعية تحقق أرباحا موازية أو أكثر.

* عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

(خاص لموقع اخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تحديد سعر طن الذرة الصفراء بمبالغ مقاربة للأسواق المحلية … شباط لـ«الوطن»: لا نستطع رفع الأسعار لكي نتمكن من التصريف.. والفلاح مخيّر بيننا وبين القطاع الخاص

أكد مدير المؤسسة العامة للأعلاف عبد الكريم شباط، أن المؤسسة حددت سعر الطن الواحد من مادة الذرة الصفراء المحلية المجففة طبيعياً ضمن المواصفات العالمية «دوكمة» ...