| جلنار العلي
أوضح وزير الكهرباء غسان الزامل أن الوزارة تعمل جاهدة لتحسين واقع الكهرباء، في ظل التحديات الموجودة والمعوقات المتمثلة في استيراد المشتقات النفطية، التي تؤثر بشكل كبير في آلية العمل، لافتاً إلى أن حجم الاستطاعة التوليدية يقارب 5500 ميغا واط جاهزة للعمل، ويتراوح حجم المنتج حالياً بين 2000-2200 نتيجة عدم توافر حوامل الطاقة، كاشفاً عن وجود إقبال كبير من المستثمرين على الاستثمار بالطاقات المتجددة سواء الريحية أم الشمسية.
وأشار الوزير خلال كلمة له في ندوة أقيمت يوم أمس بعنوان «الاستثمار في قطاعي المياه والكهرباء»، إلى أن الوزارة عملت خلال الفترة الماضية على تحديث التشريعات بما يتلاءم مع التوجه نحو الاستثمار بقطاع الكهرباء، حيث تم إنشاء أول مشروع تشاركي مع القطاع الخاص، كما تدرس الوزارة إمكانية إنشاء هيئة توليد الطاقة الكهربائية.
وصرح الزامل بأن الوزارة توجهت لرفع تسعيرة الكهرباء للمناطق الصناعية والتجارية إلى ما يقارب سعر التكلفة، الأمر الذي سيؤدي إلى توجه معظم الصناعيين إلى تأمين جزء من احتياجاتهم عن طريق الطاقات المتجددة، وكان قد سبق أن أصدرت وزارة الكهرباء تعميماً على المدن الصناعية لتأمين 30 بالمئة من الاحتياج عن طريق الطاقات المتجددة، ولكن لم يكن هناك أي التزام بذلك.
وتطرق وزير الكهرباء إلى الأمبيرات التي تعد ممنوعة بشكل نهائي في قانون الكهرباء رغم كل التحديثات التي نصت على تشجيع الاستثمار، معتبراً أن الاستثمار بالأمبيرات يعد من أسوأ أنواع الاستثمارات سواء من حيث التكلفة أم من حيث التشويه البصري والسمعي، مؤكداً أن رؤية وزارة الكهرباء خلال الفترة الحالية لا تتضمن تشريع هذا الاستثمار على الرغم من أنه أصبح حقيقة واقعة في الكثير من المدن.
وحول مطالب الصناعيين بتخفيض تعرفة الكهرباء، بيّن الوزير في تصريح خاص لـ«الوطن» أن الأسعار ما تزال دون سعر التكلفة، وهذه التسعيرة ستلزم الصناعيين بالاتجاه نحو التقنين الطاقي واستعمال تجهيزات موفرة للطاقة الكهربائية، إضافة إلى تأمين جزء من احتياجاتهم عن طريق الطاقات المتجددة التي تعتبر أرخص أنواع الطاقات، لافتاً إلى أنه تم خلال الندوة الاستماع إلى الكثير من الطروحات التي يمكن تنفيذ البعض منها، لذا ستضع الوزارة خطة لتنفيذ مخرجات هذه الندوة الحوارية التي سيكون لها مردود هام على تطوير واقع قطاع الطاقة الكهربائية.
بدوره، بيّن معاون مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة الدكتور يونس علي وجود عدة عوامل تؤثر في الاستثمار في الطاقات المتجددة، منها وجود خطط تنفيذية للاستفادة من الكمون الطاقي المتاح من مصادر الطاقات المتجددة، إضافة إلى توجه وسياسات حكومية معتمدة في مجال الاستفادة من مصادر الطاقات المتجددة، وبيئة تشريعية وقانونية محفزة ومشجعة على الاستثمار في هذا المجال، إلى جانب الآليات التمويلية المناسبة والواضحة.
وأشار علي خلال محاضرة له إلى أن الوزارة وضعت ضمن خطتها الإستراتيجية لغاية عام 2030 تركيب 1500 ميغا واط لواقط كهروضوئية، و1000 ميغا واط عنفات ريحية، و1.2 مليون سخان شمسي، في حين وصل عدد المشاريع الكهروضوئية المنفذة وقيد الاستثمار إلى 146 مشروعاً، باستطاعة 73.77 ميغا واط، أما المشاريع المرخصة وقيد التنفيذ فقد وصل عددها إلى 197 مشروعاً باستطاعة 270 ميغا واط، في حين نفذ مشروع كهروريحي واحد فقط في محافظة حمص باستطاعة 5 ميغاواط.
وفي سياق متصل، كشف علي عن وجود منظومات كهروضوئية منفذة من بعض المواطنين في منازلهم ومنشآتهم المختلفة «الصناعية والحرفية والزراعية والتجارية والخدمية»، وتقدر الاستطاعة الإجمالية لهذه المنظومات بنحو 1500 ميغا واط، على حين تقدر الاستطاعات المركبة من وزارات الدولة حتى نهاية عام 2023 بـ15 ميغا واط، أما الاستطاعات المركبة من خلال صندوق دعم الطاقات المتجددة ورفع كفاءة الطاقة فهي 9 ميغا واط.
وتابع: «كما طرحنا عدة مشاريع للتنفيذ على أساس مفتاح باليد مع تسهيلات للدفع، وبلغت استطاعة الريحية منها 320 ميغا واط، والشمسية 925 ميغا واط، أما المشاريع المطروحة للتنفيذ من القطاع الخاص وتلتزم الوزارة بشراء الكهرباء المنتجة منها فبلغت استطاعة الشمسي منها 1010 ميغا واط، والريحي 250 ميغا واط».
وذكر علي بأسعار شراء الكهرباء المنتجة من مشاريع وأنظمة الطاقات المتجددة التي يمكن ربطها على شبكة التوزيع وفق القرار رقم 6 لعام 2022، حيث وصل سعر الكهرباء المنتجة من اللواقط الشمسية إلى 7 سنت يورو لكل كيلو واط ساعي، و6 سنت يورو للكيلو واط المنتج من الطاقات الريحية، و5.7 سنت يورو للكيلو المنتج من غاز مكبات القمامة «المطامر»، و10 سنت يورور للكيلو المنتج من الكتلة الحيوية، و6 سنت يورو للكيلو المنتج من العنفات الكهرومائية.
وأشار علي إلى وجود مقومات عدة تساهم في دفع القطاع الخاص للاستثمار في مشاريع الطاقات المتجددة، منها وجود أطر مؤسساتية وتشريعية ووجود خريطة استثمارية محددة، ووضع نظام تسعير وأسس تعاقدية واضحة، إضافة إلى الحوافز المالية، لافتاً إلى أن وزارة الكهرباء توصي بالتشجيع على إقامة شركات مساهمة مغفلة عامة للطاقات المتجددة، ومنحها التسهيلات والمزايا المطلوبة، بحيث تكون الغاية منها إقامة مشاريع توليد كهرباء من خلال استقطاب رؤوس الأموال المحلية، والاستفادة من التمويل المجتمعي لهذه المشاريع بطرح أسهمها للاكتتاب العام لجميع المواطنين الراغبين في ذلك.
كما نصت توصيات الوزارة ومقترحاتها على تفعيل دور القطاع المصرفي في عمليات التمويل اللازمة لتلك المشاريع من خلال منح قروض بشروط ميسرة وضمانات متاحة، واعتبار أصول المشاريع المنفذة كجزء من قيمة الضمانات المطلوبة، إضافة إلى إعادة هيكلة تعرفة بيع الكهرباء بما يضمن تنفيذ إجراءات رفع كفاءة الاستهلاك والتوجه تدريجياً للاستفادة من مصادر الطاقات المتجددة والتحفيز على خلق الظروف المناسبة لإنشاء سوق للكهرباء وفق أسس اقتصادية سليمة.
وفي محاضرة ألقاها النائب الإداري لعميد كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية الدكتور مصطفى الحزوري، بيّن أن تحسين واقع شبكتي التوزيع 0.4 KV، 20 KV، يتطلب إصدار تشريعات أكثر مرونة لزيادة عدد المستثمرين في مجال الطاقات المتجددة، والتحول نحو مفهوم تداول الكهرباء كسلعة قابلة للتداول والمنافسة، وإمكانية رفع نسبة الاستطاعة المولدة من مصادر التوليد الموزع وربطها على الشبكة، ما يسمح بتغذية أحمال جديدة، وتطبيق مبدأ التحول الرقمي من خلال إصدار فواتير مؤتمتة، وبناء مراكز تنسيق لشبكات التوزيع تمكن من إدارتها بشكل أفضل، وإمكانية تحويل الشبكة إلى مجموعة شبكات ميكروية وبالتالي شبكة ذكية، مما يمنع وقوع حوادث التعتيم، التي تؤدي إلى وقوع أضرار كبيرة بالشبكة الكهربائية.
الميزان «المائي» عاجز بـ1,5 مليار م3
وزير الموارد المائية حسين مخلوف، أكد أن وزارة الموارد المائية تنظر بقدسية إلى القيمة المعنوية لقطرة المياه من خلال الكثير من القوانين المتعلقة بخدمات إيصال المياه إلى المواطنين، مؤكداً أن المستثمر الوحيد في المياه هو الحكومة وقد نجحت في ذلك، حيث تعد سورية من أوائل دول العالم التي أتاحت مياه الشرب النظيفة لمواطنيها.
وأشار إلى أنه بعد الحرب الكبيرة التي تعرضت لها سورية، أصبحت هناك فجوة كبيرة بين الموارد المائية اللازمة لإعادة تأهيل وتطوير الموارد المائية بما يلبي الاحتياجات وبين الإمكانية لذلك، لافتاً إلى الجهوزية لتطوير التشريعات بما يحسن خدمات إيصال المياه للمواطنين بالشكل الأفضل، كما تحاول الوزارة البحث عن السبل التي تجعل الشراكة مع القطاع الخاص لها جدوى وهذا يعد تحدياً كبيراً، لأن هذا الأمر يطرح لأول مرة.
من جهته، بين معاون وزير الموارد المائية جهاد كنعان، أن المتجدد المائي الوطني يبلغ نحو 16,2 مليار متر مكعب سنوياً، في حين بلغ الاستهلاك المائي نحو 17,7 مليار متر مكعب سنوياً، نتيجة لتنامي احتياجات التنمية، أي إن هذا الاستهلاك يفوق المتجدد السنوي، ويتسبب بعجز في الميزان المائي يصل إلى نحو 1,5 مليار متر مكعب سنوياً على المستوى الوطني، لافتاً إلى أنه تتم تغطية هذا العجز على حساب الاحتياطي المائي الجوفي، حيث فاق الاستنزاف التراكمي المتجدد السنوي في معظم الأحواض متجاوزاً الـ40 مليار متر مكعب في أحدها.
وتابع: «تبلغ حصة الفرد أقل من 700 متر مكعب سنوياً، فيما تتوزع الاستخدامات الرئيسية المائية بين الزراعة التي تستحوذ على نسبة 88 بالمئة، ومياه الشرب والصناعة».
وكشف كنعان عن وجود تحديات عديدة تواجه قطاع المياه منها العجز المتنامي في الميزان المائي المتفاقم بنتيجة التغير المناخي وازدياد معدلات التلوث وانخفاض كفاءة استخدام المياه في كل القطاعات، إضافة إلى الحرب على سورية وما نتج عنها من أضرار، والإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية الجانب وضعف الإيرادات المالية للقطاع.
وحول الاستثمار والتشاركية في خدمات قطاع المياه، أكد كنعان أن الماء ثروة وطنية، وتعد خدمات مياه الشرب الميسورة التكلفة حق من حقوق الإنسان بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيراً إلى أهمية الحد من استنزاف المياه الجوفية، وتحميل المقصرين في اتخاذ الإجراءات الترشيدية أعباء مالية إضافية رادعة.
وفي تصريح لـ«الوطن»، أكد أن الأمن المائي يواجه ضغوطاً كبيرة نتيجة الحرب على سورية والزلزال وجائحة كورونا، إضافة إلى التغيرات المناخية التي بدأت آثارها على المياه، لافتاً إلى أن الوزارة تضع خططاً وإستراتيجيات للتعامل معها.
من ناحيتها، بيّنت عميد كلية الهندسة المدنية الدكتورة خولة منصور أن التغيرات المناخية تهدد الموارد المائية ما يشكل تحدياً كبيراً للحياة والتنمية، لافتة إلى أن أهم التأثيرات للتغيرات المناخية على الموارد المائية تتمثل في انخفاض هطول الأمطار وزيادة درجات الحرارة وزيادة تواتر وشدة الجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر وحدوث تغيرات في أنماط هطول الأمطار، مشيرة إلى أهمية فهم هذه التأثيرات لتطوير إستراتيجيات فعالة للتكيف مع تغير المناخ في هذه المناطق.
وكشفت منصور عن وجود استبيان يؤكد إمكانية انخفاض هطل الأمطار بنسبة تتراوح من 10-20 بالمئة في عام 2070، فيما ستؤدي زيادة درجات الحرارة إلى زيادة التبخر وفقدان المياه من التربة وبالتالي زيادة الطلب على المياه، مشيرة إلى وجود توقع بازدياد متوسط درجات الحرارة بنسبة 1. 6-2 بالمئة مع حلول عام 2070.
في سياق متصل، أشارت منصور إلى أن زيادة تواتر وشدة الجفاف يؤديان إلى نقص مياه الشرب والغذاء وبالتالي إلى انزياحات سكانية، ذاكرة أنه بين عامي 2007 و2010 أدى الجفاف الذي حدث في المناطق الشرقية إلى حركة نزوح شديد للسكان ما أدى إلى تغير في التوزيع الديموغرافي بين المحافظات.
وأكدت منصور وجود الكثير من التحديات منها التنازع والتنافس على الموارد المائية وتدهور النظم البيئية وتغير النظم البيولوجية البحرية والبرية والمياه العذبة، كما توجد تحديات تواجه الأمن الغذائي والصحة العامة نتيجة لنقص المياه النظيفة وانتشار الأمراض، إضافة إلى تكرار لحركة النزوح السكاني آنفة الذكر بسبب نقص توفر المياه وسعياً نحو سبل عيش أكثر استدامة، لافتة إلى وجود الكثير من إستراتيجيات التكيف يمكن تنفيذها لمواجهة تلك التحديات منها تحسين إدارة الموارد البشرية واستنباط أصناف نباتات متحملة لظروف الجفاف والاستثمار في تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدام المياه العادمة، وتعزيز حصاد مياه الأمطار.
سيرياهوم نيوز٣_الوطن