تترقّب إسرائيل، بقيادتيها السياسية والأمنية، الردّ الإيراني، الذي يبدو أن هنالك إجماعاً في إسرائيل، وفي دول المنطقة والعالم، على أنه واقع لا محالة، مع اختلافات في تقدير شكله ومداه، وما سيؤدّي إليه. وعلى أي حال، فإن إسرائيل تتجهّز لتلقّي الردّ؛ إذ إنها تدرك – بحسب الخبير العسكري ألون بن دافيد – أن «الإيرانيين أكثر إصراراً هذه المرة مما كانوا عليه في المرات السابقة على الردّ بشكل كبير على عملية الاغتيال في دمشق». وأشار بن دافيد إلى «استعدادات في سلاح الجو لإطلاق صواريخ من الأراضي الإيرانية». وبناءً على ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أنه قد «تقرّر استدعاء جنود الاحتياط في سلاح الدفاع الجوي في إطار تقييم للوضع الأمني». كما كشف موقع «واللا» العبري أن «السلطات المحلّية في غوش دان (الوسط) تدرس فتح الملاجئ العامة». وفي السياق نفسه، نقلت قناة «كان» العبرية عن مصادر سياسية، قولها إن «الأيّام المقبلة ستكون متوتّرة للغاية، مع اقتراب نهاية شهر رمضان وعملية الاغتيال في دمشق المنسوبة إلى إسرائيل»، مضيفة أن هنالك «استعدادات عالية في إسرائيل والعالم لاحتمالية قيام إيران بشن ردّ انتقامي». وفي المقابل، أكّد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، خلال لقاء رمضاني في طهران أمس، أن «الكيان الصهيوني سيتلقّى صفعة بشأن هجومه على قنصليتنا بسوريا»، مضيفاً أن «هزائمه في غزة سوف تتواصل». واعتبر خامنئي أن «الكيان الصهيوني وقع في مصيدة لا نجاة منها في غزة، وهو يصبح يومياً أضعف وأقرب إلى الزوال».في هذا الوقت، تحتدم الخلافات السياسية داخل الكيان، وبين أطراف حكومة الحرب نفسها، بالتوازي مع تظاهرات عارمة يوميّاً تجتاح مراكز المدن الأساسية في الأراضي المحتلة، رافعة شعارات تطالب برحيل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وبإتمام صفقة تبادل للأسرى مع حركة «حماس». وفي حين لا يبدو أن الأميركيين بعيدون عن الدفع قُدماً بهذا الحراك في وجه نتنياهو الذي يعارض توجّهات إدارة الرئيس جو بايدن، بخصوص طريقة إدارة الحرب على غزة، واحتمالات التصعيد في المنطقة، خرج الوزير في حكومة الحرب، و«المفضّل» أميركياً، بني غانتس، مساء أمس، ليطلق مجموعة من التصريحات التي ستكون لها آثارها الأكيدة على المشهد السياسي الإسرائيلي خلال الأيام المقبلة. واعتبر غانتس، في مؤتمر صحافي أمس، أنه «يجب أن لا نضرّ بالعلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة»، مشدّداً على ضرورة استمرار «الحوار مع الأميركيين بخصوص العملية في رفح»، مذكّراً بأنه أوضح للأميركيين سابقاً أن «العملية في رفح مهمة وتمنع حماس من تنظيم نفسها». وتطرّق غانتس إلى الخلافات السياسية الداخلية، والتظاهرات المستمرة، وقال: «علينا أن نعالج المواضيع الخلافية لكي ننجح في القتال بشكل موحّد (…) ولا يمكن تحقيق أي إنجاز سياسي أو عسكري مهم إذا كان شعبنا يعاني من الانقسام».
غانتس: لا يمكن تحقيق أي إنجاز سياسي أو عسكري مهم إذا كان شعبنا يعاني من الانقسام
وأشار إلى أننا «ندير حرباً معقّدة ولدينا تحدّيات كبيرة حالياً (…) ويجب أن تكون لدينا القدرة على القضاء على حماس بشكل استراتيجي والحدّ من قوة إيران». ورأى أن «أمامنا فرصة تحقيق انقلاب استراتيجي أمام حماس، وكل من يطلب الشرّ لنا، وعلى رأسهم إيران»، و«من يريد أن يجلب علينا حرباً إقليميّة، يجب أن يجد نفسه أمام تحالف إقليمي – «التحالف الإبراهيمي»، واتفاق تطبيع مع السعودية، سيشمل تحرّكاً سياسياً عبر تشكيل إدارة من دول عربية لقطاع غزة»، متابعاً أن «اتفاقاً كهذا سيكون جزءاً مركزياً في جهود استبدال نظام حماس». ويروّج غانتس، بهذا الحديث، للرؤية الأميركية لمسار الحرب وطريقة إنهائها عبر اتفاق تطبيع إسرائيلي – سعودي، يشكّل وقف إطلاق النار بدايةً له، ويحقّق مكسباً كبيراً لإدارة بايدن ولإسرائيل على حدّ سواء، بنظر الأميركيين. لكن تصريحات غانتس الأكثر إثارة للجدل، كانت دعوته إلى «التوافق على موعد جديد للانتخابات بحلول شهر سبتمبر». كذلك، كان حديثه عن ملف الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، حيث اعتبر أن «على عائلات المختطفين أن تدرك أننا نقوم بكل ما يلزم من أجل إعادة أبنائها إلى ديارهم قبل عيد الفصح (24 نيسان الجاري)». وتابع موجّهاً رسالة إلى نتنياهو من دون تسميته: «إذا كانت هناك فرصة – ونحن نحتاج باستمرار إلى الدفع نحوها – فلن نفوّتها. أنا وأصدقائي لن نجلس في حكومة لا تعمل حقاً على إعادة المخطوفين».
ومباشرة، علّق زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي، تشاك شومر، الذي هاجم نتنياهو سابقاً، على اقتراح غانتس، قائلاً: «عندما يدعو عضو بارز في حكومة الحرب إلى إجراء انتخابات ويوافق عليها أكثر من 70% من الإسرائيليين، فأنت تعلم أنه الشيء الصواب لفعله». وفي المقابل، هاجم حزب «الليكود» الذي يرأسه نتنياهو، غانتس، معتبراً أنه «في لحظة مصيرية للكيان وفي خضمّ الحرب، يجب على بيني غانتس التوقف عن الانخراط في السياسة التافهة، فقط بسبب تفكك حزبه». وأضاف حزب نتنياهو أن «الانتخابات الآن ستؤدي حتماً إلى الشلل والانقسام والإضرار بالقتال في رفح والإضرار القاتل بفرص التوصل إلى صفقة للأسرى… ستستمر الحكومة حتى تحقيق كلّ أهداف الحرب». وكانت «هيئة البث» الإسرائيلية كشفت أن «المحادثات بين نتنياهو وغانتس شهدت خلافات بشأن تحديد موعد الانتخابات»، وأشارت إلى أن «نتنياهو رفض بشكل قاطع مقترح غانتس إجراء انتخابات في أيلول المقبل».
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية