ميخائيل عوض
مضى شهر رمضان ولم تنفجر الضفة وفلسطين ال٤٨ ولا تغيرت حال مصر والاردن وتركيا والدول الاسلامية وكان الجاري من مذبحة في غزة لا علاقة له بالإيمان والدين ولا بشهر الخير والاحسان.
على عكس توقعات وتقديرات الاجهزة الامنية وخوف بايدن من الشهر الفضيل.
فالضفة والاقصى وفلسطين ال٤٨ استمرت على وتيرتها من المقاومة والاشتباك والعمليات الفردية والسلطة واجهزتها ضلت متماسكة وتمارس دورها وتنسيقها مع الإسرائيلي واستهداف المقاومين وبذلت عبر ماجد فرح محاولة للسيطرة على بعض غزة عبر مرافقة شاحنات الغذاء وبمحاولة للاستثمار بحرب تجويع غزة وابادتها.
بينما للظرف الموضوعي واستحقاقات الازمنة ومنطق التحول من التراكم الكمي الى النوعي منطق ومسارات مختلفة تفرض نفسها عنوة ومن يعاندها تسحقه.
كان لابد لنتنياهو ان يرتكب الحماقة ويورط اسرائيل بحدث يستلزم الرد ويستوجبه وقد وفر لإيران الذريعة والفرصة الذهبية ووضعها في حالة الحرج الشديد ولم يترك لها خيارات للمناورة والمماطلة ومراعات امريكا وتبادل المنافع.
قصف نتنياهو القنصلية في دمشق واغتال ثلة من قادة قوة القدس.
الاعتداء بحسب القوانين والقواعد المرعية للعلاقات بين الدول يمثل اعتداء صارخ على السيادة الايرانية واعلان حرب بلا مواربة فالحرب السرية جارية منذ اليوم الاول لانتصار الثورة الاسلامية.
ايران في حرج فقد جرى الزمن واستحقاقاته على غير ما خططت وترغب.
كانت ليست بعجلة من امرها للحرب. فحرب استنزاف إسرائيل وامريكا وكشفهما على العجز والانحسار جارية تحت نظرها ومع حلفائها وبأسلحتها وتمويلها وتكسب بالجملة والمفرق ودون ان تبل يدها وتحارب.
الصحيح ان ايران لم تعلن يوما على لسان احد فيها انها ستتولى مهمة تحرير فلسطين وبانها ستحارب من اجل ذلك.
لكنها لم تدع فرصة سانحة الا وصرحت عن قرارها وقدراتها بتحويل اسرائيل الى رماد ان هي اعتدت على ايران.
هكذا قال الزمن وفرضت حاجات الظرف الموضوعي كلمتها.
قصف القنصلية عدوان سافر على ايران وسيادتها وفي ادق الأمكنة واخطر الأزمنة.
لم يشهد رمضان احداث عاصفة كانت متوقعة وكان يراهن عليها ان تغير في ايقاع الأزمنة ومسارات الحرب.
ولم يفلح نتنياهو باجتياح رفح والسيطرة على محور فيلاديلفيا ولا استجاب لقرار مجلس الامن ولا لطلبات بايدن بوقف النار لستة اسابيع.
فكانت حماقة قصف القنصلية بالتقاطع مع مجزرة مشفى الشفاء وقتل متطوعي المطعم العالمي.
احداث وتطورات تدفع الى العصف وتستوجب تغير مسارات الحرب لتفرض حقائق جديدة.
رمضان لم يحقق غايات دعاة والمراهنين على الحرب الدينية.
نتنياهو المنفلت من العقال لم يستطع فرض اجنداته العسكرية والسياسية.
صمود غزة ومثابرتها وشراكة جبهات المحور قلصت الفرص امامه فما كان الا ما يجب ان يكون ويرتكب الحماقات.
ايران ملزمة بالرد وكما قال السيد حسن نصرالله سترد بيدها وعلنا وبلا مواربة ونبه السيد الى ضرورة اليقظة والتحسب والاستعداد لكل الاحتمالات واخطرها ان تؤدي الامور الى فرض حرب يوم القيامة والامر مرتبط بطبيعة الرد الاسرائيلي وبموقف ودور امريكا.
ايران لا تريد حربا مع امريكا ولا تسعى اليها فقد طلبت برسالة خطية منها ان تقف على الحياد والتزمت ايران الا يكون الرد على القواعد والمصالح الامريكية في المنطقة.
فقد قررت بحكمة ووعي ان ضرب إسرائيل ومصالحها ومنصاتها في فلسطين او في الاقليم وسيلة رد اكثر اهمية واقل كلفة من استهداف المصالح والقواعد الامريكية.
منطق الامور ومسارات الأزمنة تفرض احكامها فالاشتباك المباشر بين ايران واسرائيل فرض نفسه ولا مناص من اختبار القوة واكتشاف الفرص والتراكمات.
الارجح ان اسرائيل ستقبل الرد وتبتلع الاهانة وامريكا وعالمها الانجلو ساكسوني لن ينخرطا بالحرب.
فنتنياهو العاجز في غزة والمأزوم في الداخل ومع بايدن والرأي العام وفي بنية اسرائيل لن يستطيع سوق اسرائيل الى مقتلتها في حرب يوم القيامة مع ايران والمحور الذي اتم الجاهزية واستعد للحرب .
وغالب الظن ان بايدن والاطلسي والعالم الانجلو ساكسوني لن ينخرط بحرب قرر توقيتها نتنياهو لحماية نفسه ليس الا.
ومن غير المستبعد ان تناور امربكا وتتوسط وتعد ايران بمكاسب ومغريات ان هي لم ترد.
ومن غير المنطقي ان تقبل ايران وتتوهم خيرا بالوعود الامريكية وتفوت فرصتها الذهبية وتفرط بما حققته من اسنادها وتبنيها للقضية الفلسطينية ومحور المقاومة.
فالرد الايراني سيجعل ايران شريكا عمليا بالنار في الحرب وسيوفر لها حصادا ثمينا وتتقدم الجميع وترث ما صنعت.
اما عرب ومسلمي النظم والحركات الدينية السياسية والمسلحة التي لم تنخرط فستزداد عزلتها وانكشافها وسيتسارع انحسارها وتراجع مكانتها وادوارها وستضربها الازمات فخسارة الانجلو ساكسوني لقاعدته اسرائيل ولحلفائه وحتمية انحساره من الاقليم سيكشف الانظمة والكيانات وجماعات الاسلام السياسي والمسلح التي صنعت بناتج الحرب العالمية الاولى لتتخادم ولتخديم السيطرة الغربية على الاقليم والعالم.
زمن التحرير قد ازف والقدس على موعد قريب.
تستعجلها حرب يوم القيامة وربما بأكلاف عالية والا بالاستنزاف.
(سيرياهوم نيوز ٣-الكاتب)