نضال بركات
ساعات قلق طويلة عاشها الاسرائيليون في الملاجىء بعد أن نفذت طهران وعدها بالرد على استهداف الكيان الغاصب للقنصلية الإيرانية بدمشق ودعما لعملية طوفان الأقصى , فكان الرد مرعبا في كل شبر من الأراضي المحتلة من خلال الصواريخ والمسيرات التي انطلقت من الأراضي الايرانية إلى أهدافها في إسرائيل , وعلى الرغم من استنفار أجهزة الاستخبارات ومنظومات الرصد والإنذار والتصدي التي بناها الغرب على مدى عقود دفاعاً عن “إسرائيل , إلا أن الكثير من المسيرات والصواريخ وصلت إلى اهدافها…
حالة الرعب التي عاشها الإسرائيليون في ليلة الإنتقام الإيراني لم تكن منذ إنشاء هذا الكيان قبل ستة وسبعين عاما , فأثلجت صدور أهلنا في قطاع غزة بشكل خاص وفي فلسطين المحتلة عموما وخرجوا ليشاهدوا السماء فوقهم مضاءة بالمسيرات والصواريخ التي زلزلت الكيان الغاصب, وأيضا أدخلت البهجة إلى قلوب العرب عموما بعيدا عن الحكام المتصهينين المطبعين الذين وصف البعض منهم بأن الضربة الإيرانية مسرحية مكشوفة , بالتأكيد لن يقولوا غير ذلك لضعفهم وخضوعهم لإملاءات أسيادهم وإذا كانت مسرحية كما تقولون فما أجمل هذه المسرحية التي أضاءت المسيرات والصواريخ الإيرانية سماء فلسطين المحتلة وراقبها العالم بأسره في عرض مشوق أظهر ضعف هذا الكيان الذي وقف إلى جانبه للدفاع عنه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وللأسف الأردن في محاولة منهم لإسقاط المسيرات والصواريخ الإيرانية التي كانت تعبر الأجواء العراقية والأردنية والسورية للوصول إلى أهدافها…
وبعد هذا الإنتقام الإيراني هل ستتجرأ تل أبيب في استهداف إيران مرة ثانية ؟ وهل يمكن أن تقوم بالرد دون التنسيق مع واشنطن؟ وهل ستصمت أمام هذه الإهانة ؟…إن المتتبع للأحداث خلال السنوات الماضية يرى بأن إسرائيل ستواصل عدوانها في كل فرصة تسنح لها وبغطاء أمريكي , إلا أن الوضع أختلف الآن ولن تساعد واشنطن تل أبيب في أي هجوم قد يخلط الأوراق في المنطقة وتؤدي إلى حرب إقليمية ذات عواقب كارثية يضر بالمصالح الأمريكية, ولهذا أبلغ بايدن نتنياهو أن الولايات المتحدة ستعارض أي هجوم مضاد إسرائيلي ضد إيران”، وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الرد على الهجوم الإيراني ألغي بعد محادثة هاتفية بين بايدن ونتنياهو, وهذا ما يشير إلى براعة الإيرانيين في سياستهم الهادئة ذات النفس الطويل في مواجهة أي حدث تتعرض له وهو أسلوب نجحت في استثماره منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وتتبعه مع خصومها وحتى مع أصدقائها ولا تتسرع في اتخاذ قرار قد تكون نتيجته سلبية , لهذا فهي تعرف كيف تلعب على سياسية حافة الهاوية وتعرف طبيعة العدو الاسرائيلي وقلقه المتزايد من قوة إيران التي وقفت بقوة إلى جانب القضية الفلسطينية وانتقامها الأخير كان أيضا لدعم عملية طوفان الأقصى التي سطرت فيها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ملاحم البطولة.
إن واشنطن تعلم جيدا مدى خطورة الوضع في الشرق الأوسط من خلال المجازر التي تقترفها يوميا سلطات الاحتلال في قطاع غزة وخشيتها من توسع المعركة لتنفجر في الشرق الأوسط , ولهذا تسعى جاهدة وعبر قنوات دبلوماسية بعيدة عن الأضواء للتهدئة مع إيران, خاصة وأن الرئيس بايدن يسعى إلى ورقة قوية تساعده في الانتخابات المقبلة , فهل يلتزم نتنياهو الهدوء وعدم الرد وتوريط الولايات المتحدة؟
نتنياهو يعرف جيدا أن الوضع الحالي ضده والسياسة الدولية الداعمة لاسرائيل تغيرت بسبب المجازر التي ترتكبها يوميا في قطاع غزة, وهذا ما يزيد العبء ضدها وتلعبه جيدا طهران ببراعة فائقة في سياستها سياسة حافة الهاوية …
(سيرياهوم نيوز ١-منتدى الفكر السياسي والادبي)