كتب د.المختار
كتبنا في مقالٍ سابقٍ بما أنّ القيادةَ الإيرانيةَ وعدَت بالرّدِ فهو آتٍ لا محالةَ وها هو قد حصلَ بما فاقَ التوقعات.
وأهميةُ هذا الرّدِ لا تأتي من حجمِ الخسائرِ التي سبّبَها سقوطُ الصو.اريخِ والطا.ئراتِ المسيرةِ على الأراضي المحتلةِ على أهميتِها، ولا تأتي من تد.ميرِ مو.اقعَ ع.سكريةٍ عدّة منها مطا.رُ “بيفا.تيم” الع.سكري تد.ميراً كاملاً، وتد.ميرُ قا.عدةٍ ع.سكريةٍ في ا.لنقبِ وهي التي انطلقَ منها اله.جومُ على القنصليةِ بدمشق.
بل تأتي أهميتُه من مجموعةٍ من العواملِ والتحولاتِ الاستراتيجيةِ التي سبّبَها، وسنحاولُ الإحاطةَ ببعضاً منها، وهي:
لقد عرّى هذا الرّدُ المجتمعَ الغربي والمنظماتِ الدوليةَ التي لم تدن اله.جومَ على القنصليةِ الإيرانيةِ وهي مقرٌّ لبعثةٍ دبلوماسيةٍ محميةٍ بموجبِ القوانينِ والأعرافِ الدوليةِ، في حين سارعَت الدولُ الغربيةُ لإدانةِ الرّدِ الإيراني فوراً.
أهميةُ الرّدِ تأتي من كونِه كسرَ قاعدةً استراتيجيةً عميقةً لم تكن مألوفةً ولم يكن أحدٌ يتخيلُها قبلَ سنواتٍ عدّة ، وهي أنّه حصلَ على مرأى ومسمعِ أقوى دولٍ الناتو أمريكا ومعها بريطانيا وفرنسا، والتي تقفُ قلباً وقالباً مع الكيا.نِ.
والتي تحضَّرَت نفسياً لقبولِ فكرةِ الرّدِ، وقبلَت على نفسِها فكرةَ الاصطفافِ مع الفريقِ الذي يصدرُ بياناتِ الإدانةِ، واصطّفت مع الفريقِ المدافعِ وشاركَت بالد.فاعِ عن الكيا.نِ ومحاولةِ منعِ الصو.اريخِ من الوصولِ إلى أهدافِها، فأ.قلعَت طا.ئراتٌ مقا.تلةٌ بريطانيةٌ من قبرصَ للمشاركةِ بالتصدي للصو.اريخِ.
وشاركَت القواتُ الجو.يةُ الأمريكيةُ والإ.سر.ائيليةُ بالتصدي للصو.اريخِ من سماءِ الأردنِ، كما انضمَّت البحريةُ الفرنسيةُ لاعتراضِ اله.جومِ الإيراني ومع كلِّ ذلك وصلَ عددٌ كبيرٌ من الصواريخِ إلى أهدافِها، وفي هذا الاصطفافِ دلالاتٌ عميقةٌ جداً.
فالرّدُ نجحَ في تحديهم جميعاً كقرارٍ وكتنفيذٍ وتهديدِهم تصريحاً لا تلميحاً، هذا ردُّنا ولو ردّيتم عليه سيكونُ ردُّنا أقسى ولن نقفَ عند هذا الحدِّ من الرّد، وتقبلوا ذلك.
والدليلُ أنَّ أولَ بيانٍ أصدرَته القيادةُ الأمريكيةُ بعد بدءِ الرّدِ الإيراني كان مطالبة إ.سر.ائيلُ بعدم الرّدِ قبلَ التشاورِ معها، وهو ما يشيرُ إلى الرغبةِ بعدمِ توسيعِ نطاقِ الحر.بِ، لكنَّه يشيرُ إلى الاعترافِ العلني بقدراتِ محورِ الم.قا.ومة وإيران.
هذه المطالبةُ أتت مع تأكيد مصادرَ أمريكيةً أنَّ حوالي 150 صاروخاً بالستياً ومجنحاً وصلَ إلى “إ.سر.ائيلَ” والكثيرُ منها حقّقَ أهدافَه.
واعترافُ الك.يانِ بأنَّ الصو.اريخَ أصابَت القا.عدةَ الع.سكريةَ في النقبِ، وكان وصولُها إلى هناك وتحقيقُ الإصابةِ، يحملُ رسائلَ بالغةَ الدلالةِ، أهمُّها أنَّ مفا.علَ د.يمو.نةَ القريبَ أصبحَ بمتناولِ اليد.
نجحَ الرّدُ بإقناعِ المعسكرِ الغربي بعدمِ فاعليةِ صو.اريخِ البا.تريوت و.مقلا.عِ دا.وود وغيرها في حمايةِ دولةِ الك.يانِ مستقبلاً، وأنَّ من أطلقَ بضعَ مئاتٍ من الصو.اريخِ والمسير.اتِ يمكنهُ إطلاقُ بضعةِ آلافٍ بوقتٍ واحدٍ، ويستطيعُ أن يستمرَ بذلك بضعةَ أشهرٍ، ولا يملكون وسيلةً ناجعةً تمنعُ وصولَ الصو.اريخِ والم.سيراتِ إلى أهدافِها.
نجحَ الرّدُ في إيصالِ رسالةٍ للعالمِ أنّه بعدَ مرورِ أسبوعين من التحذيراتِ، وبعد أن أخذَ العد.و كلَّ هذا الوقتِ ليجهزَ نفسَه بمساعدةِ أمريكا ودولِ الناتو، والدولِ العربيةِ المتخاذلةِ، رغمَ كلِّ ذلك وصلَت الصو.اريخُ إلى أهدافِها في الأراضي المحتلة.
— نجحَ الرّدُ في تثبيتِ إيرانَ ومحورِ الم.قا.ومةِ كقوةٍ إقليميةٍ معترفٍ بها دولياً ولم يعد من الممكنِ تجاوزُها بعد الآن.
— نجحَ الرّدُ في جعلِ العقلِ الغربي الذي زرعَ هذا الك.يانَ في الشرقِ العربي يقفُ حائراً أمام دولةٍ واحدةٍ بالأمسِ لم يكن يؤخذُ لها كلُّ هذه الاعتبارات. في وقتٍ كان الغربُ لا يتخيلُ مجرّدَ تخيّلٍ أن يقبلَ سقوطُ صار.وخٍ على الك.يانِ.
— نجحَ الرّدُ في زرعِ قناعةٍ ترتقي الى حدِّ اليقينِ لدى المواطنِ الإ.سر.ائيلي، أنَّه أهينَ وأهينَت إ.سر.ائيلُ وأمريكا معه.
وسبّبَ حالة من الخوف والذعرِ لحظةَ سقوطِ الصو.اريخِ على الك.يانِ إذ بدا الجميعُ عاجزاً عن فعلِ شيءٍ تجاهها.
— نجحَ الرّدُ في إنزالِ جميعِ مواطني الك.يانِ وقيادتِه ووزرائِه ومجلسِ الحر.بِ إلى الملاجئ.
— نجحَ الرّدُ في حظرِ الطير.انِ وإفراغِ المجالِ الجوي لجميعِ الدولِ العربيةِ المتحالفةِ مع الك.يانِ لساعات عدّة.
لكن بالمقابلِ سيكونُ للرّدِ تداعياتٌ خطيرةٌ على إيرانَ وتذكروا هذا الكلامَ حيث سينتقلُ تصنيفُ خطو.رتِها على إ.سر.ائيلَ والغربِ ليصبحَ في المقامِ الأولِ قبلَ روسيا والصينِ وهو ما سيجعلُ دوائرَ القرارِ الغربيةَ تتجهُ بكلِّ قوتِها للتآمرِ عليها ومحاصرتِها والتخطيطِ لإضعافِها علناً.
وهذا ما يجبُ أن يأخذَه أصحابُ القرارِ في إيرانَ بحسبانِهم ولا أعتقدُه خافياً عليهم.
ماذا قالوا عن الضربةِ:
وسائلُ إعلامٍ روسيةٍ صرّحَت أنَّ ما فعلَته إيرانُ باله.جومِ المركبِ بالصو.اريخِ والم.سير.اتِ خارقاً للعادة، وأنَّ توقيتَ وصولِ الم.سيراتِ والصو.اريخِ والمسافةُ تزيدُ عن ألف كم لإشغالِ الد.فاعاتِ الجو.يةِ وإصابةِ الأهدافِ شيءٌ لايصدق.
ومن جهة أخرى هناك من قال هذه مسرحيةٌ، وهناك من يقولُ هي مفبركةٌ وهناك من يقولُ تمت بالاتفاقِ مع أمريكا وقد وضعَت لهم خطوطاً حمراء.
حتى ولو افترضَنا أنَّ كلَّ ذلك صحيحٌ… فالأهميةُ أنها تحدت الغرب كاملاً وردَّت، أما بالنسبة للخطوطِ الحمراء العالم بأكمله يحتكم للخطوطِ الحمراء ألا تتقيد بها روسيا في عمليتها الخاصة في أوكرانيا بالخطوط الحمراء وإلا كانت قادرة على إبادتها.
هل تستطيعُ دولةٌ عربيةٌ أن تفعلَ ذلك وتفرضُ على أمريكا حداً معيناً من الخطوطِ الحمراءِ، ومن قالَ إنَّ إيرانَ يجب ألا تتقيد بالخطوطِ الحمراءَ، ومن قالَ إنَّها استخدمَت أحدثَ ما لديها من أس.لحة، أو الأكثرَ تد.ميراً وف.تكاً، كان مطلوباً الرد رداً دقيقاً ومحسوباً وهذا ماحصل.
(سيرياهوم نيوز ١-صفحة الكاتب)