الحقائق تتدحرج أمام الرأي العام الإقليمي والعالمي حول الضربة الإيرانية التي ردّت فيها طهران على قصف قنصليّتها في دمشق

بسام أبو شريف

طبيعة الأمور تسير هكذا كبداية كذب كذب كذب ثم تبدأ الامور بالتدحرج نحو جزء من الحقيقة وذلك من اجل الاستناد الى هذا الجزء لبناء معادلات سياسية جديدة سواء بالنسبة لاسرائيل او الولايات المتحدة او لمعسكر المقاومة ضد هذا الكيان الصهيوني.

ماذا تقول التصريحات الجديدة حول نتائج الضربة الايرانية لمواقع هامة في الكيان الصهيوني وعما تكشف هذه الحقائق الجزئية التي بدأ مسئولون كبار في الادارتين الامريكية والاسرائيلية بادلاء تصريحات حولها وذلك من اجل تركيب المعادلة السياسية في المرحلة المقبلة تركيبا يلائم مصالح الاطراف المعادية للشعب الفلسطيني وتخفف من تناقضاتها من اجل متابعة دعم هذه القاعدة الامبريالية في الشرق الاوسط أي اسرائيل للاعتدلء غلى حقوق الشعوب ونهب ثرواتها كشريك صغير للولايات المتحدة.

طالعنا اليوم وزير الدفاع الاسرائيلي بتصريح له دلالات عديدة ولكن اهم دلالة من دلالات هذا التصريح هو ما يلي:

قال جالانت (اننا نشكر الولايات المتحدة وحلفائنا الذين وقفوا معنا وساندونا بالتصدي للهجوم الايراني ومكننا هذا الموقف من الولايات المتحدة وحلفائها مكننا من الرد على الهجوم يشكل شبه كامل ).

وكان المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي وبأمر من جالانت قد ادلى بتصريح قبل يوم ذكرناه في مقالنا السابق يقول ان اسرائيل تمكنت من اسقاط 99% من 200 مسيرة وصاروخ اطلقتهم ايران في ضربتها الموجهة لاسرائيل وبذلك لم تحدث هذه الصواريخ والمسيرات أي ضرر لاسرائيل وبذلك فشل الهجوم الناطق الرسمي للجيش الاسرائيلي اعطى كل الرصيد الايجابي في التصدي للضربة الايرانية لاسرائيل ولم يذكر الولايات المتحدة او الحلفاء وباي اتجاه دعموا اسرائيل.

وأكدت صحيفة نيويورك تايمز والواشنطن بوست انه على الاقل أربع دول غير الولايات المتحدة ساهمت مساهمة فاعلة في التصدي للمسيرات والصواريخ الايرانية من اتجاهات مختلفة.

واعلنت فرنسا انها بطلب من الاردن اطلقت صواريخها المضادة على المسيرات الايرانية المتوجهة لاسرائيل من قاعدتها الموجودة في الاردن وبناء على طلب من الاردن ويذلك أي بالكشف عن عدد هذه الدول نستطيع القول ان الناطق الرسمي للجيش الاسرائيلي كاذب واعطى ارقاما مبالغ فيها وذلك لرفع معنويات الجمهور الاسرائيلي ورفع معنويات الجيش الاسرائيلي ولتثبيط معنويات كل الذين كانوا يرقصون في كل عاصمة من العواصم التي تمر فوقها مسيرات وصواريخ بالستية اطلقت من الاراضي الايرانية لضرب قواعد هامة في الكيان الصهيوني وكشفت اسرائيل نفسها جزء من الدمار الذي الحق بقاعدة جوية تستخدم للاف 35 في النقب وشاهدنا الحفر الضخة التي اوقعتها او حفرتها الصواريخ الثقيلة التي اصابت مدرج المطار في اكثر من مكان لكنهم لم يجرؤا على ادارة الكامبرات نحو المطار الذي سمعنا من خبراء امريكيين انه تضرر كثيرا وسمعنا من خبراء آخرين عرب انه دمر تماما.

على كل حال ليس القصد هنا ان نسجل ماذا فعلت صواريخ ايران وماذا فعلت طائراتها المسيرة؟

ذكر هذا التناقض في الأقوال والكذب الذي تحول الى تدفق لمعلومات مسربة من مصادر امريكية ومصادر غير امريكية وحتى من مسئولين كبار منهم رؤساء وزارة اسرائيليين سابقا مثل باراك وغيره رغم انهم لم يتحدثوا عن ماهية الاهداف والخسائر تحدثوا عن لا داعي للرد على ايران وذلك حسب القرار او التوجه الاميركي اذ ان الولايات المتحدة قالت انه اذا ارادت اسرائيل ان تضرب فلن نكون من المساهمين معها في هذا الضرب ونصحت بعدم الرد كذلك الامر نصحت الجميع بعدم الردلكنها اعطت البديل الخطير لاسرائيل وهو ان اجتماع الجي سفن السبعة الكبار اخذ قرارا بان يساند اسرائيل في حالة الهجوم عليها من اي جهة كانت أي ان الجهات التي وضعت امكاناتها العسكريية تحت تصرف اسرائيل لم تعد فقط الولايات المتحدة بل الولايات المتحدة والدول السبع الكبار حسب قرارهم وهذه نقلة نوعية في طمأنة الاسرائيليين وفي ترسيخ الفكرة ان اسرائيل هي قاعدة للغرب وليست هي صاحبة القرار بل هي التي تدعم وتساند كما يجري الآن ليس فقط عسكريا بل ماليا اذ يدرس الكنغرس الاميركي كيفية زيادة تمويل اسرائيل لدعمها ولتقف على رجليها مرة اخرى.

رتب بايدن احوال هذا المعسكر الداعم للقاعدة الامريكية اسرائيل وراح كل من نتنياهو ووزير الحرب والضباط يقولون باعلى صوت بان الفرصة تلوح الآن لانشاء معسكر مناهض لايران وادوات ايران في الشرق الاوسط من دول في الشرق الاوسط اي الى جانب الحلف السبعة الكبار لدعم اسرائيل تريد اسرائيل من الولايات المتحدة ان تسعى ولذلك قالت لاحت الفرصة ولم تقل اكيدا تريد ان تؤسس حلفا من دول في الشرق الاوسط لمحاربة والتصدي لايران ومن هي هذه الدول لا شك ان الجميع يعرف من هي هذه الدول التي يقصدها نتنياهو وقادة الجيش الاسرائيلي.

لكن الكل يعلم ايضا ان العقبة الوحيدة الباقية امام تأسيس مثل هذا الحلف التي لها اشتراطاتها حول الحل للقضية الفلسطينية حل الدولتين ولذلك نقول فورا ان بايدن سوف يتابع وباقصى جهد يستطيعه ضمن اجواء الحملة الانتخابية سوف يتابع ما يسميه الهدف الاكبر وهو تطبيع العلاقة بين السعودية وبين اسرائيل وتطبيع العلاقة بين السعودية واسرائيل يعني فتح الملف الفلسطيني على اساس الحل السياسي الذي اعلن عنه بايدن واعلنت عنه دول كثيرة وهو حل الدولتين هنالك تراجع كبير في مواقف الدول الغربية التي ابدي في بداية الامر معظمها الرغبة في ايجاد الحل السياسي حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة لكن هذا الامر تراجع الآن لانه يتم البحث فيه من حيث حسابات الربح والخسارة ومن حيث ضمان أمن اسرائيل ودعمها ماليا وعسكريا والاطمئنان الى ان حركة المقاومة سوف يقضى عليها لمواجهة المرحلة المقبلة.

ونقول هذا الامر لان هنالك اتصالات ومباحثات لم تتوقف لحظة واحدة بين السلطة الفلسطينية والوزارة الجديدة التي هي من نفس نسيج السلطة الفلسطينية مباحثات حول كيف يرتب أمر السيطرة على غزة وكيف يرتب امر الهجوم على حماس واعتبارها خائنة للقضية الفلسطينية وكيف وكيف ومنها كيف يبنى جهاز أمن مسلح وخاضع للولايات المتحدة وكيف يتولى رجال من السلطة امور كثيرة في غزة وهم يعرفون ان مثل هذا الامر قد يشعل نارا داخلية.

الملف الآن هو ملف فلسطين وسيعود تدريجيا رغم اختفائه كل هذه الفترة التي بدأت باعلان ايران انها سترد وتصفع اسرائيل وحتى هذه اللحظة العالم منشغل بما يسربه حول بعض الحقائق للضربة الايرانية وما ينتج عن ذلك وما هي تبعات ذلك؟

الكنغرس يعبر عن دعمه لاسرائيل وزاد في محاولة لطمس الصوت الذي ارتفع ضد جرائم الاسرائيليين التي ارتكبت في قطاع غزة وما زالت ترتكب حتى الآن وجرائم المستوطنين في الضفة الغربية التي ما زالت ترتكب وتتصاعد حتى الآن الصمت يعني اعطاء فرصة لبن غفير وغيره من توسيع مخطط التوسع والمضي فيه دون اي حسابات لاي اعنراض هذا اذا صدر اعتراض ويصدر احيانا بين الفترة والاخرى نوع من القلق الشعور بالقلق تجاه ما يفعله المستوطنون في الضفة الغربية وتجاه القصف المستمر لغزة والمجازر التي يكشف عنها يوميا خاصة المجازر التي فاقت عشرين مجزرة ارتكبت في مستشفى او مجمع الشفاء في غزة.

لقد بلغ عدد الشهداء والجرحى في مستشفى الشفاء ارقاما تفوق الآلاف ووجدت مقابر ووجدت مقابر في الاراضي المحيطة بالمستشفيات مقابر جماعية كانوا يستخدمونها جنود العدو حواجز لمنع تحرك النازحين الذين اجبروا على مغادرة بيوتهم منعهم من العودة لها.

والسؤال هنا مطروح على طاولة المقاومة الفلسطينية التي لا شك شهدت نوعا من التراجع للاهتمام بمتابعة اجتماعات القاهرة والتي بدأـ ترى ان ما جرى يستوجب على حركة حماس ان تتهاون قليلا كما طلب ذلك اردوغان الذي راح يعرض على ايران نوعا من الوساطة مع اسرائيل وأخذ الرد صفعة واضحة برفض ايران رفضا باتا واعلانها ان اسرائيل هي عدو وجودي وان الاسلام يفترض على كل المسلمين ان يقاتلوا ويجاهدوا من اجل تحرير فلسطين والمسجد الاقصى.

الملف الفلسطيني هي عقدة العقد وهذا يعني انه اذا استمرت اسرائيل في القصف على قطاع غزة سوف تستمر المقاومة في الضرب وسوف تستمر حالة الحرب.

اذن هل نتوقع من بايدن ان يركز الآن على وقف اطلاق النار في قطاع غزة ولو على مراحل سنرى ذلك حتما خلال هذا الاسبوع.

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم