قدم رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي الإثنين استقالته بعد إقراره “بمسؤوليته” عن إخفاقات إبان الهجوم الذي شنته حركة حماس في تشرين الأول/أكتوبر على جنوب الدولة العبرية واندلعت إثره الحرب في قطاع غزة حيث توعدت اسرائيل بتوجيه “ضربات مؤلمة” جديدة للحركة الإسلامية.
وفيما تستعدّ إسرائيل للاحتفال بعيد الفصح اليهودي، أكد جيشها زيادة الضغط العسكري على غزّة والإعداد “للمراحل التالية من الحرب” ضدّ حماس.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في تسجيل فيديو مساء الأحد “سنوجّه ضربات إضافيّة ومؤلمة … في الأيّام المقبلة، سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس لأنّ هذا هو السبيل الوحيد لدينا لتحرير الرهائن وتحقيق النصر”. وما زال 129 رهينة محتجزين في غزة.
والجنرال أهارون حاليفا هو أول شخصية سياسية أو عسكرية تستقيل منذ هجوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر. وقال الجيش في بيان إنه “طلب التنحي عن منصبه بالتنسيق مع رئيس هيئة الأركان لمسؤوليته كرئيس لشعبة الاستخبارات عن أحداث السابع من أكتوبر”.
وسيحال حاليفا إلى التقاعد “فور تعيين خليفته في عملية منظمة ومهنية”، كما أكد الجيش.
– “مئتا يوم في الأسر” –
اندلعت الحرب في غزّة بعد هجوم حماس على الأراضي الإسرائيليّة الذي أسفر عن مقتل 1170 شخصا، غالبيّتهم مدنيّون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسميّة إسرائيليّة. وخُطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، ويعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق مسؤولين إسرائيليّين.
وردا على ذلك، توعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس، وتشنّ عمليات قصف وهجوم بري واسع على قطاع غزة. وأدت الحرب الى سقوط 34151 شهيدا منذ بدء الحرب، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وقالت الوزارة أن “54 شهيدا وصلوا” إلى المستشفيات خلال 24 ساعة حتى صباح الإثنين، مشيرة إلى أن العدد الإجمالي للجرحى ارتفع إلى 77084.
وبعد ستة أشهر ونصف الشهر من القصف والمعارك في قطاع غزة المحاصر ويشهد أزمة إنسانية كبرى، أعلن المتحدّث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هاغاري أن رئيس الأركان الجنرال هرتسي هاليفي التقى الأحد قادة العمليّات العسكريّة في غزّة و”وافق على المراحل التالية للحرب”.
ولا يكف نتانياهو عن التلويح بشنّ هجوم برّي على مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع والتي يتكدس فيها أكثر من 1,5 مليون شخص معظمهم نزحوا من الشمال. ويعتبر أنه بذلك سيقضي على آخر معقل لحماس.
لكنّ المنظّمات الإنسانيّة وعددا متزايدا من الدول الأجنبيّة تُعارض هذه العمليّة، خشية أن تتسبّب في سقوط كثير من الضحايا المدنيّين.
ويؤكّد الجيش الإسرائيلي أنّ عددا من الرهائن الذين خُطفوا في السابع من تشرين الأول/أكتوبر في إسرائيل، محتجزون في رفح.
وقال المتحدّث باسمه “في عيد الفصح، سيكون قد مر مئتا يوم على الرهائن في الأسر … سنُقاتل حتى تعودوا إلينا”.
ودعت عائلات الرهائن إلى ترك مقعد شاغر يرمز إليهم خلال عشاء عيد الفصح اليهودي مساء الاثنين.
– انتشال خمسين جثة –
قصف الجيش الإسرائيلي الاثنين مخيمي النصيرات والمغازي والشريط الساحلي في دير البلح بوسط قطاع غزة وبلدتي رفح وخانيونس جنوبا، حسب مراسل لوكالة فرانس برس.
كما استهدفت عمليات قصف حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وقصفت طائرات مسيرة ملعب مدرسة في مخيم البريج وسط القطاع. وفي المخيم نفسه، جُرح ثلاثة أشخاص على الأقل في قصف على مسجد، حسب مصادر طبية.
في جنوب القطاع، أكّد الدفاع المدني الأحد انتشال خمسين جثّة على الأقل لأشخاص دفِنوا بعد قتلهم بأيدي القوّات الإسرائيليّة في باحة مجمع ناصر الطبّي في خان يونس.
وقال محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني، لفرانس برس إن الجثث “تم تجريدها من ملابسها، وهو ما يشير بالتأكيد إلى أنهم تعرضوا للاعتقال والتعذيب وسوء المعاملة على يد جيش الاحتلال”.
وشاهد صحافيون من فرانس برس عناصر في الدفاع المدني يخرجون بقايا بشرية في باحة المستشفى بينما احتشد غزيون في المكان نفسه بحثا عن أقارب لهم مفقودين.
وبين هؤلاء أمّ محمد الحرازين التي تبحث عن زوجها. وقالت إنه “مفقود منذ نحو شهر. لم يكن يخرج سوى ليأتي لنا بالطعام والماء. لقد اختفى لحظة دخول الجيش الإسرائيلي إلى خان يونس”.
وردا على سؤال لفرانس برس، قال الجيش الاسرائيلي الذي انسحب في السابع من نيسان/ابريل من خان يونس إنّه يتحقّق من هذه التقارير.
– مساعدة أميركية –
يأتي ذلك غداة مصادقة مجلس النوّاب الأميركي على 13 مليار دولار مساعدات عسكريّة لإسرائيل وهو ما رأت فيه حركة حماس “رخصة وضوءا أخضر لحكومة المتطرّفين الصهاينة للمضيّ في العدوان الوحشي على شعبنا”.
وفي محادثة الأحد مع بيني غانتس عضو حكومة الحرب الإسرائيليّة، أكّد وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن “التزام الولايات المتحدة أمن إسرائيل” وشدد في الوقت نفسه على ضرورة زيادة المساعدات الإنسانيّة لغزّة “ووقف فوري لإطلاق النار يضمن إطلاق سراح الرهائن، وتدابير إضافيّة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيّين”.
لكنّ المفاوضات للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار متعثّرة.
وأعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الأربعاء الماضي أن المفاوضات بين إسرائيل حماس تشهد “بعض التعثر”. وأشار إلى أنّ الدوحة “تقوم بعمليّة تقييم شامل لدور” الوساطة الذي تؤدّيه.
إلى ذلك، تشهد الضفّة الغربيّة المحتلّة تصاعدا في أعمال العنف مع شن القوات الإسرائيلية مداهمات شبه يومية تقول إنها تستهدف مجموعات فلسطينية مسلحة.
وقال إبراهيم غانم (20 عاما) طالب الحقوق الذي كان يشارك في جنازة بعد مداهمة الجيش الاسرائيلي مخيم نور شمس بالقرب من مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية إن “الجنود الإسرائيليين قتلوا عددا كبيرا من الناس هنا على مر السنين لدرجة لا يمكنني أن أعدهم”.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم