غادة حاطوم
لبنان بلد صغير في مساحته ومتنوِّع في ديمغرافيته، فهو يتشكَّل من عدد من الطوائف المتعايشة فيما بينها، وبرغم صغر مساحته، فإنه يتحمَّل أكبر نسبة نازحين. إن قضية النزوح السوري في لبنان قضية كبيرة ومعقَّدة، فهي تضمُّ ثلاث فئات، فئة اللاجئ، وفئة النازح، وفئة لا تنتمي إلى أيٍّ من هاتين الفئتين، ولذلك فإن إقامتها على الأراضي اللبنانية غير شرعية.
يتحمَّل لبنان نتيجة إقامة السوريين على أراضيه زيادةً في الأعباء الاقتصادية والاجتماعية، إذ كان للنزوح دورٌ بارز في الأزمة الاقتصادية التي تمرُّ بها البلاد؛ جرَّاء تكلفة الخدمات العامة التي يقدِّمها للسوريين؛ من كهرباء وماء ومواد غذائية واستشفائية مدعومة، هذا غير ما يسبِّبه هؤلاء النازحون من منافسة غير مشروعة، وضرر للمواطن اللبناني في سوق العمل، وما هو أخطر الجرائمُ المرتكبة التي يرتكبها بعضُ السوريين، واكتظاظ السجون اللبنانية، وتكلفة تواجدهم في السجون، إذ تصل نسبة السوريين في السجون اللبنانية إلى 30% من المساجين.
ووفق المصادر، فإن عدد اللاجئين السوريين في لبنان المسجَّلين أصولا يبلغ حوالي مليوني لاجئ. هذا مع الإشارة إلى أنه ليس هناك أرقام دقيقة في هذا الشأن، لاسيما وأن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، لا تزوِّد لبنان بالبيانات اللازمة الخاصة باللاجئين السوريين، برغم المطالبات المتكرِّرة.
وتُعَدُّ “الولاداتُ غير المسجَّلة” لدى النازحين، المشكلة الأخطر والأكثر تعقيداً؛ نظراً لما يترتبّ عليها من آثار قانونية مستقبلاً، على اعتبارهم مكتومي القيد، وبالتالي يعود لهم الحق بالمطالبة باكتساب الجنسية اللبنانية، طبقاً لقانون الجنسية اللبناني قرار رقم 15 تاريخ 19\1\1925 ما يشكِّل حالة من التوطين المقنَّع.
من هنا يتوجَّب التشدُّد على تطبيق التشريعات المطبَّقة في لبنان على قضية النازحين، فالدستور اللبناني في الفقرة (ط) من مقدمته نصَّ على أن “أرض لبنان أرض واحدة لكلِّ اللبنانيين. فلكلِّ لبناني الحقُّ في الإقامة على أيِّ جزء منها، والتمتُّع به تحت سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أيِّ انتماء كان، ولا تجزئة، ولا تقسيم، ولا توطين”. وعليه فإن أيَّ محاولة دمج للنازحين تشكِّل مخالفة للدستور، وتناقض الميثاقية التي يكفلها الدستور.
ومع أنه يجب أن يجري التعامل مع اللاجئين السوريين في لبنان وفقاً للمعايير الدولية، منها اتفاقية جنيف عام 1951 والإعلان العالمي لحقوق الانسان وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2165\2014، والقانون رقم 47\2015 بحيث يجب أن يتم توفير الحماية والدعم لهم ولعائلاتهم وضمان حقوقهم الأساسية، لكن تطبيق هذه الأحكام يجب أن يقتصر على المستفيد الذي تنطبق عليه هذه المعايير، في حين أن معظم السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية قد دخلوا خلسة إلى لبنان، وإقامتهم غير شرعية، ويجب العمل على ترحيلهم، لا سيما وأنهم لا يتمتَّعون بصفة لاجئ، أو نازح، بل إن هجرتهم أصبحت هجرة اقتصادية؛ ممَّا يستدعي معالجة أزمة النزوح من منطلق وحيد، ألا وهو الحرص على الكيان اللبناني، وتحت مظلَّة تشريعاته، وليس وفق الرغبات.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم