محاولات قمع التظاهرات الداعمة لغزة في الولايات المتحدة وأوروبا تتصاعد.. وموقع إلكتروني يعتمد وسيلة جديدة لترهيب المتظاهرين عبر نشر بياناتهم الكاملة عبر الإنترنت بهدف التحريض عليهم.
فكّكت الشرطة الكندية بالقوة مخيّماً مؤيداً لفلسطين في جامعة ألبرتا بمدينة إدمنتون، فجر السبت، واعتقلت 3 من المشاركين فيه، بعد يومين على إخلائها بالطريقة نفسها اعتصاماً طلابياً مماثلاً في مدينة كالغاري الواقعة في مقاطعة ألبرتا أيضاً.
وكان الطلاب قد بدؤوا اعتصامهم في الحرم الجامعي، منذ يوم الخميس الماضي، احتجاجاً على العدوان على قطاع غزة، ولمطالبة جامعتهم بكشف استثماراتها وقطع كلّ علاقاتها مع “إسرائيل”.
وأفادت مجموعة “بيبلز يونيفيرسيتي أوف بالستاين” الطلابية بإصابة 4 طلاب بجروح، أحدهم استدعت حالته إدخاله إلى المستشفى.
وندّدت المجموعة الطلابية باستخدام الشرطة “قنابل الغاز ورذاذ الفلفل” وكذلك “هراوات ودراجات لمهاجمة المتظاهرين جسدياً”، مستندةً في ذلك إلى مقاطع فيديو نُشِرَت على الإنترنت.
ويأتي ذلك بعد أيام على تفكيك الشرطة مخيّماً احتجاجياً مماثلاً في كالغاري، كبرى مدن مقاطعة ألبرتا، مستخدمةً قنابل الغاز المسيّل للدموع والقنابل الصوتية لإخلاء المعتصمين، واعتقلت منهم 5 أشخاص.
وفي أماكن أخرى في كندا، أنشئت مخيّمات مماثلة في عدد من الجامعات مثل جامعة ماكجيل في مونتريال، التي يخيّم فيها مئات الأشخاص منذ أسبوعين، على غرار المبادرات المؤيدة للفلسطينيين في الكثير من الجامعات الأميركية، وقرّرت إدارة الجامعة أن تبدأ الإثنين الإجراءات اللازمة لكي تفكّك الشرطة المخيّم الاحتجاجي.
السويد: الشرطة تقمع تظاهرة في مالمو
مشهدٌ آخر من مشاهد العنف ضد المتظاهرين المؤيدين لفلسطين، تجلى في قمع الشرطة السويدية تظاهرة حول مسرح “مالمو أرينا” في جنوب السويد، حيث يقام الحفل النهائي لمسابقة الأغنية الأوروبية “يورفيجين”، وفق ما أفادت به وكالة “فرانس برس”.
وقالت سارة (45 عاماً)، إحدى المشاركات في التظاهرة، للوكالة، “يتكوّن لديك انطباع بأنهم حصلوا على تفويض مطلق ليكونوا أكثر عدوانيةً من المعتاد”، مضيفةً “لم أرَ شيئاً كهذا من قبل”.
وبينما اكتفى المتظاهرون بارتداء الكوفيات والتلويح بأعلام فلسطين والهتاف “فلسطين حرّة” في محيط قاعة الحفلات الموسيقية، احتجاجاً على مشاركة “إسرائيل” في المسابقة، قامت الشرطة باستخدام غاز الفلفل واقتيادهم نحو سياراتها بحجة إبعادهم إلى ساحة مخصّصة للاحتجاج.
وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، شارك نحو 5 آلاف شخص في مسيرة سلمية جابت أنحاء المدينة التي تعيش فيها غالبية من سكان السويد من أصل فلسطيني.
عرض بيانات المتظاهرين عبر الإنترنت.. وجهٌ آخر للترهيب
القلق الكبير من تأثير الاحتجاجات المستمرة حول العالم ضد الإبادة الجماعية في غزة، دفع مؤيدي “إسرائيل” إلى عدم الاكتفاء بقمع الشرطة للاحتجاجات، بل محاولة ابتكار وسائل أخرى لترهيب المشاركين، ومنها نشر بياناتهم عبر الإنترنت وتعريضهم لخطر الانتقام.
وفي هذا السياق، أفادت الطالبة الأميركية من أصل مصري، ليلى سيد، أنها تلقت رسالة من صديقة تلفت انتباهها إلى موقع إلكتروني يعرض بيانات الأشخاص الذين يزعم أنهم يشجّعون على كراهية اليهود، بعد أسابيع من مشاركتها في احتجاج مؤيد لفلسطين.
وقالت ليلى إنها عندما زارت الموقع الذي يحمل اسم “كناري ميشن”، وجدت صورةً لها في احتجاج شاركت فيه في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2023، في جامعة بنسلفانيا، مع أسهم حمراء تشير إليها بين المحتجين، وتضمن المنشور اسمها والمدينتين اللتين تعيش فيهما، وتفاصيل عن دراستها، وروابط حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونشر موقع “كناري ميشن” في وقتٍ لاحق صورةً أخرى لليلى على حسابَيه على منصتي “إكس” و”إنستغرام”، مع عبارة تحريضية ضدها، لتبدأ التعليقات ذات الطابع التهديدي على المنشور.
وقالت الطالبة الأميركية (20 عاماً) لوكالة “رويترز”، إنّ ردّ فعلها كان صدمةً كبيرةً للوهلة الأولى، مضيفةً “لم أكن هناك لأقول إنني أؤيد حماس. كنت هناك لأقول إن ما يحدث في فلسطين خطأ”.
واستعرضت “رويترز” بعض الرسائل المسيئة والهجمات الموجهة عبر الإنترنت إلى عشرات الأشخاص الذين استهدفهم موقع “كناري ميشن” منذ السابع من أكتوبر، مشيرةً إلى أنّ الأشخاص المسؤولين عن إدارة الموقع يخفون هوياتهم ومواقعهم ومصادر تمويلهم.
وبحسب الوكالة، فقد اتهم الموقع ما يزيد على 250 طالباً وأكاديمياً أميركياً بـ”دعم الإرهاب”، أو نشر “معاداة السامية” منذ بداية الحرب، حيث تلقى هؤلاء رسائل كراهية وتعليقات لاذعة وتهديدات عبر الإنترنت.
ودعت الرسائل التي كشفت عنها “رويترز” إلى ترحيلهم أو طردهم من الجامعة، وبعضها دعا إلى اغتصابهم أو قتلهم.
تظاهرة في مدريد تشيد بـ”المقاومة”
وفي سياق متصل، تظاهر آلاف المتضامنين مع فلسطين في مدريد، أمس السبت، للمطالبة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة وقطع العلاقات بين إسبانيا و”إسرائيل”.
التظاهرة التي دعت إليها نحو 30 منظمة قبل الذكرى الـ76 للنكبة، شارك فيها نحو 4 آلاف شخص، بحسب السلطات، رافعين لافتات تندّد بـ”الإبادة الجماعية” في غزة، وتشيد بـ”مقاومة” الشعب الفلسطيني.
وكان الطلاب الإسبان قد نظموا اعتصامات سلمية ومخيمات في جامعات مدريد وبرشلونة وفالنسيا في الأيام الأخيرة، مستلهمين حركات مماثلة مؤيدة لفلسطين في جامعات الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي وقتٍ سابقٍ هذا الأسبوع، أعربت الجامعات الإسبانية عن استعدادها لتعليق العلاقات مع أي مؤسسة تعليمية إسرائيلية لا تبدي “التزاماً واضحاً بالسلام”.
وتُعَدّ إسبانيا من أشدّ منتقدي “إسرائيل” في أوروبا، وتقود جهوداً لانتزاع اعتراف دولي بدولة فلسطين.
سيرياهوم نيوز1-الميادين