تطالعنا قصص الحرب بالعديد من الأساطير والمعجزات التي تضاف للحكايا والعبر الإنسانية تحت مسمى القدر والأجل والمحتوم، أما بطل حكايتنا فهو المهندس المدني المحبوب من رفاقه وزملائه في المكتب الفني الاستشاري بمحافظة طرطوس والجريح البطل حسان غانم، وهو شاب في مقتبل العمر من مواليد ٢٩ / ٥ / ١٩٨٣ من قرية الجباب التابعة للقمصية في ريف الشيخ بدر، تعين بعد تخرجه في محافظة طرطوس، وأنهى خدمة العلم الإلزامية في عام ٢٠١٠، ثم تم طلبه للخدمة الاحتياطية في عام ٢٠١٢ ليلتحق بالفوج ٤٥ في جسر الشغور (منطقة كبانة بجبل الأكراد) وهي منطقة تماس مع إرهابيين من مختلف الجنسيات، وليتعرض لأكثر من إصابة قبل الإصابة الحاسمة بتاريخ ٢٩ / ١١ / ٢٠١٥ إثر هجوم إرهابي سافر طاله ورفاقه، وعن ذلك اليوم يتذكر م.حسان أنه أصيب بطلقات عدة وطلب من رفاقه أن ينهوا حياته حتى لا يتعذب طويلاً، ولكنهم لم يستجيبوا وحاول من بقي حياً منهم وبصعوبة ولمدة قاربت ال٤ ساعات سحبه من موقع الاشتباك وكان حينها شبه صاحٍ، لتبدأ رحلة نقله للمشفى حيث لم تتمكن المشافي التي أسعف إليها من استقباله للازدحام الشديد، وليصل أخيراً لمشفى تشرين الجامعي حيث دخل غرفة العمليات لمدة جاوزت السبع ساعات ونصف وتم استئصال بعض أحشائه قبل أن يخرج الأطباء معلنين المفاجأة والمعجزة التي حصلت، حيث كان من المفترض أن إحدى الطلقات قد أصابت القلب يساراً، ولكن عندما تم فتح الصدر والبطن اكتشف الأطباء أن قلبه في الجهة اليمينية ما أنقذ حياته ولديه تناظر أحشاء، الحالة التي لم يكن يعلم بها لا هو لا أهله، حيث عاش حياته بشكل طبيعي تماماً ولم يكن لديه شكاوى صحية تستلزم الاستقصاء، وهكذا استمرت رحلة علاجه أكثر من شهر في العناية المركزة قبل أن يخرج ويستكمل علاجه في المنزل ٣ أشهر إضافية، وتم تسريحه خلالها لإصابته بنسبة عجز ٥٠% ، وفور تحسن وضعه طلب العودة إلى وظيفته وباشر عمله كمهندس في محافظة طرطوس، كما بقي على تواصل وعلاقة طيبة مع معظم رفاق السلاح، أما عن ذكريات الأيام التي سبقت تلك الحادثة يتذكر م.حسان صوته الداخلي الذي كان يقول له دوماً أنه لن يموت، واستشهاد رفيقه قبل يوم من إصابته وحزنه الشديد عليه، كما يتذكر قائد الفوج الشهيد أكرم الخطيب الذي ترك أثراً كبيراً في قلبه حيث كان رجلاً حقيقياً وأخاً ساند الجميع وكان مثالاً للنبل والشرف، ولا ينسى أن يعبر عن عميق امتنانه لكوادر مشفى تشرين خاصاً بالذكر الطبيب خضر رسلان أخصائي البولية والطبيب سليمان القاضي أخصائي الجراحة العامة وجراحة الصدر الذين قدموا له كل الرعاية الطبية وبمنتهى التفاني والإنسانية، وعن شعوره اليوم يقول أنه متفائل بالخير ويشعر أن الأيام القادمة ستكون أفضل، وأما ما حصل معه فيصفه بالنعمة مبتسماً بلطف “لقد منحني الله عمراً جديداً ولا زلت أحلم وأعافر وأحاول أن أستفيد من هذه النعمة.
سيرياهوم نيوز 2_الوحدة