يونس خلف
الحديث المتداول والسؤال هذه الأيام هو آلية اختيار حزب البعث لممثليه في مجلس الشعب .. كيف سيتم اختيار من يمثلون الحزب .؟ ما هي الشروط والتعليمات والخيارات المطروحة .؟ بالعودة إلى الماضي سواء البعيد أو القريب كانت هناك أولاً طريقة التعيين عبر اعتماد قائمة للحزب يضاف إليها تحالف مع أحزاب الجبهة ، وفي بعض المراحل كانت أسماء المستقلين أيضاً تضاف إلى القائمة ليطلق عليها القائمة المغلقة وكان ولازال الكل يستقوي بحزب البعث وبدون الحزب لا توجد فرصة للنجاح لأن الحزب الحاكم وهو الأكثرية في البرلمان وقاعدته الجماهيرية واسعة .
ورغم ذلك بدأ حزب البعث بتوسيع وتعميق الحياة الديمقراطية فجعل التنافس بين البعثيين أنفسهم عبر الإستئناس الحزبي حيث يتم اختيار عدد مضاعف عن ممثلي الحزب في مجلس الشعب ويترك للقيادة اختيار العدد المقرر من بين الناجحين في الإستئناس حصراً وإن كانت هناك بعض الإستثناءات لاعتبارات جغرافية أو اجتماعية . لكن الإستئناس اصطدم بمنغصات نتجت عن وجود أمراض اجتماعية لدى البعض أعطت الأولوية للإنتماءات الضيقة وما تحت الوطنية إضافة إلى المال السياسي والمحسوبيات والإملاءات على بعض الناخبين . ولا نستطيع القول أن هذا النوع من الانتخاب أو الإستئناس لا يمكن أن يأتي بالكفاءات وإن مفتاح النجاح هو العلاقات والمحسوبيات .
اليوم الكل في حالة ترقب للشروط والتعليمات التي سيتم من خلالها اختيار ممثلي البعث إلى مجلس الشعب . هل تكون الشروط والأسس والمعايير كما كانت في الدور التشريعي الحالي عندما تم الإستئناس عبر مؤتمرات فروع الحزب .؟ أم أن هناك ما هو جديد .؟
نعتقد أن جوهر المسألة وأصل الحكاية ليس في أشكال وأساليب الاختيار وليست في طريقة الفوز بالأصوات التي يخضع بعضها للعلاقات والمحسوبيات وإنما المهم هو إيجاد أقنية تواصل بين قيادات الحزب والقاعدة الشعبية لتعميق التفاعل والتواصل وممارسة الدور الفاعل والمؤثر .
والتخلص من ظاهرة التسابق إلى السلطة والاهتمام بها وسعي بعض الكوادر إلى المناصب وهو أحد الأمور التي أضعفت حضور الحزب ووضع ضوابط ومعايير موضوعية لممثلي الحزب في مجلس الشعب ليكون حضورهم فاعلاً ويليق باسم الحزب واعتماد بنك معلومات لهذا الغرض والابتعاد عن القناعات والأمزجة الشخصية وغيرها من الوسائل الذاتية والمحسوبيات .
والتركيز والحرص باستمرار على الأكثر كفاءة فلماذا نقبل أصلاً بالضعيف ونختاره .؟
اليوم نحن بحاجة ملحة إلى مسؤول يحمل المؤسسة لا أن تحمله المؤسسة فيكون عبئاً عليها وعلى الحزب معاً . لا يجوز أن نشكو ونتحدث عن الأزمة التي يعاني منها الحزب ونحن الذين ننتج الأزمة ونسمح للانتخابات أن تفرز لنا بعض القيادات التي لا تملك الحد الأدنى من أدوات العمل السياسي وتعيدنا إلى العشائرية والمحاصصة والارتباطات الأخرى وتجعل التقويم والفرز يستند إلى اللون والشريحة والعشيرة والعلاقات الشخصية وتأتي بالبعض الذي ينمي نفسه على حساب المؤسسة الحزبية بدلا من تنمية المؤسسة على حساب جهده ووقته وأفكاره والأخطر من ذلك عندما نقع في مأزق العلاج أكبر وأخطر من المرض نفسه .
صحيح أنه لا رجعة عن الانتخابات مهما كانت المنغصات والسلبيات ، وصحيح أننا بالممارسة المستمرة يمكن تصحيح الأخطار والوصول إلى الخيارات الصحيحة ، لكن الأمر لا يمكن أن يتحقق مع الزمن وحده وإنما بتعميق ثقافة الانتخاب ووضع ضوابط للناخب والمرشح معاً كي يكون كل منهما محرراً من كل القيود والإغراءات والإملاءات ، والأمر الآخر أن يكون القرار النهائي في خيارات من يمثلون البعث لقيادة الحزب لأن هذا الخيار من حيث الشكل والمضمون هو شأن حزبي داخلي والمهم أن يكون من يمثل حزب البعث قادراً على تمثيله بما يليق بالحزب وأديباته وجماهيريته وأهدافه .
(موقع سيرياهوم نيوز-٢)