محمد نور الدين
ألقت حادثة تحطُّم المروحية التي كانت تقلّ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، والوفد المرافق له، والتي أدّت إلى وفاتهم جميعاً، بتداعياتها على دول كثيرة، من بينها تركيا وآذربيجان، إذ تكشّف مزيد من التفاصيل حولها، فيما تعدّدت التحليلات في شأن أسباب سقوط الطائرة، وما يمكن أن تكون عليه ملامح المرحلة المقبلة في إيران والمنطقة، فضلاً عن تسليط الضوء على فاعلية المسيرات التركية. وفي هذا الإطار، قال سلجوق بيرقدار، مهندس المسيّرات التركية، ومنها «آقنجي» التي أرسلتها تركيا إلى إيران، وعَثرت على موقع حطام المروحية المنكوبة، في حديث تلفزيوني، إن «الطائرة المسيّرة قامت بالتحليق لمدّة سبع ساعات و27 دقيقة»، مضيفاً أنه «ليس من مسيّرة أخرى في العالم تقوم بمهمّة من هذا النوع، في ظلّ ظروف جوية قاسية كتلك». ووفق صحيفة «حرييات»، فإن «المروحية الرئاسية الإيرانية اختفت في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الأحد (19 أيار)، فيما طلبت السلطات الإيرانية مساعدة تركيا في الساعة الثامنة مساءً. وتمّ تجهيز طائرة مسيّرة من طراز “بيرقدار آقنجي” مزوّدة بذخائر للتحرّك في الساعة العاشرة والنصف (22:30). لكن الجانب الإيراني رفض، في الساعة الحادية عشرة (23:00)، أن تكون الطائرة المكلّفة بالمهمّة مزودة بالذخائر. فتم إعداد مسيّرة أخرى من الطراز نفسه من دون أسلحة، وقد دخلت الأجواء الإيرانية بعد منتصف الليل بـ13 دقيقة (00:13). وفي الساعة الواحدة إلّا ربعاً (00:45)، كانت المسيرة تصل إلى المكان المحتمل لسقوط مروحية رئيسي. ونظراً إلى عدم التقاط أيّ إشارة، فقد انخفض مستوى ارتفاع الطائرة إلى 9000 قدم. وفي الساعة الثانية و22 دقيقة (02:22)، التقطت أول إشارة حرارية. وبعدها بعشر دقائق، تمّ إبلاغ السلطات الإيرانية بذلك. وفي الرابعة والنصف فجراً (04:30) وصلت إلى منطقة سقوط المروحية أولى فرق الانقاذ الإيرانية. وبعدها بساعة وربع ساعة، وصلت الفرق إلى حطام الطائرة نفسها. وفي الساعة السادسة صباحاً (06:00)، بدأت آقنجي بالارتفاع مجدّداً، وفي الساعة السابعة إلّا ربعاً من صباح الإثنين (06:45) كانت تدخل الأجواء التركية عائدة إلى قاعدتها».
حلّقت مسيّرة «آقنجي» في الأجواء الإيرانية لمدّة سبع ساعات و27 دقيقة
ولفتت الصحيفة إلى أن «آقنجي قامت بمهمّة كبيرة، حيث واجهت كلّ أنواع الطقس السيئ من مطر وغيوم وضباب وعواصف جبال. ومع ذلك، كانت تحلّق على ارتفاع 100 متر فقط من الأرض وتلتقط صوراً للهليكوبتر التي سقطت»، فيما كانت تنسّق مهمّاتها مع القمر الاصطناعي التركي «توركسات»، وتُرسل الصور مباشرة إلى السلطات الإيرانية عبر مركز القيادة للقوات المسلّحة التركية. وأضافت أن مركز الدعم التقني التابع لـ«آقنجي» في آذربيجان نفسها، كان في جهوزية طوال مدّة مهمّة المسيّرة للتدخّل في أيّ لحظة. وأفادت «حرييات»، أيضاً، بأن سلطات أنقرة وطهران كانت على تنسيق كامل منذ الساعة الثامنة من مساء يوم الأحد، مع طلب إيران أيضاً طائرة هليكوبتر للإنقاذ ذات رؤية ليلية. ولدى عودة «آقنجي» إلى الأجواء التركية، كان سلجوق بيرقدار يغرّد: «أهلاً وسهلاً بيرقدار آقنجي في وطنك الأمّ. مجدّداً أعزّي الشعب الإيراني». وممّا ذكرته الصحيفة كذلك، أن تطبيق تعقُّب الطائرات «فايت رادار 24»، سجَّل متابعة مليونَين و500 ألف شخص لتحرّك «آقنجي»، بعدما كان العدد بدأ مع 200 ألف.
وفي ردود الفعل على الحادثة، رأى النائب في البرلمان الآذربيجاني، مشفق جعفروف، أن وفاة رئيسي ومَن معه، كانت خبراً محزناً جدّاً وغير متوقّع، مؤكداً أن «العلاقات بين إيران وأذربيجان كانت، عبر التاريخ، علاقات أخوة وهي ستتواصل هكذا». وشدّد على أنه «يجب ألّا نعير أذناً صاغية لكل الشائعات، فهناك الكثير من القوى الإقليمية والعالمية التي تعمل على تخريب العلاقات بين بلدينا، والتي تحاول استغلال الحادثة لتعكير المياه الجارية بين البلدَين، ويجب ألّا يُسمح لأيّ دولة بأن تدخل في ما بيننا». أما في تركيا، فكتب إسماعيل قابان، في صحيفة «تركيا» الموالية، أن «حادثة الطائرة قد لا تتكشّف حقائقها أبداً، والأسئلة ستبقى معلّقة في الهواء»، فيما قال قره حسن أوغلو، في صحيفة «يني عقد» الموالية، إنه «مع قدوم رئيسي بنفسه لافتتاح سدّ على نهر آراس، كانت القوى الاستعمارية العميقة تنتظر فرصة للردّ المباشر على إيران، التي كانت أول دولة مسلمة تضرب إسرائيل بالصواريخ مباشرة. كذلك، فإن سقوط طائرة رئيسي قد يكون بدافع تخريب علاقات التعاون الجديدة بين إيران وآذربيجان. أيضاً، لا يمكن استبعاد كل الاحتمالات الأخرى، ومنها أنها رسالة إسرائيلية إلى العالم عمّا يمكن أن تفعله إسرائيل، ولا سيما بعد مجازر غزة». ورأى الكاتب أن «ما يجب ألّا يُنسى، هو الدور الذي قامت به مسيّرة آقنجي في البحث عن طائرة رئيس إيران الصديقة. وتركيا بذلك تراكم حجراً آخر في طريق الصداقة مع إيران».
(سيرياهوم نيوز 3-المنتدى)