آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الانتقالُ من تحقيقِ المكاسب إلى تخفيفِ الخسائر

الانتقالُ من تحقيقِ المكاسب إلى تخفيفِ الخسائر

 

كتب د. المختار

أعطى قرارَ محكمةِ العدلِ الدوليةِ المطالبَ بإيقافِ الحر.بِ على ر.فحَ وفتحِ المعابرِ، الشرعية القانونية لصمودِ الم.قا.ومةِ في غ.زّ.ةَ وحقِّها في الدفاعِ عن النفسِ.
ومطالبةِ المحكمةِ الجنا.ئيةِ الدوليةِ بمحا.كمةِ قادةِ الكيا.نِ، أعطى التوصيفَ القانوني لجر.ائمِهم.
وانطلاقاً من هذين الحدثين المهمَّين نستطيعُ القولَ إنَّ مرحلةً جديدةً بكلِّ معنى الكلمةِ قد بدأَت تتشكّلُ وتهيمنُ على واقعِ الكيا.نِ داخلياً وخارجياً.

فلو عدنا إلى بدايةِ تسعينياتِ القرنِ الماضي وانطلاقِ مفاوضاتِ مؤتمرِ مدريدَ للسلامِ في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1991، سنجد أنَّ إ.سر.ائيلَ سعَت وبدعمٍ مباشرٍ من الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية إلى تحييدِ الدولِ العربيةِ عن المواجهةِ بلداً تلو الآخرِ متكئةً على سقوطِ الاتحادِ السوفييتي، ونجحَت بتحييدِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ عبرَ اتفاقِ أوسلو، وتحييدِ الأردنِ عبرَ اتفاقِ وادي عربة.

وفشلَت في تحييدِ سوريةَ ولبنانَ، وتعاملَت بعدَها أمريكا وإ.سر.ائيل بتجاهلٍ وكأنَّ القضيةَ الفل.سطينيةَ لم تعد موجودةً، والحقوقَ العربيةَ قد ماتَت، واعتقدا أنَّ هذا الملف طوي للأبد، ومضَيا تارةً بمشروعِ الشرقِ الأوسطِ الجديدِ، وتارةً بقطارِ الت.طبيعِ، وطوراً بالمشروعِ الإبر.اهيمي لطمسِ هذه الحقوقِ كلياً.

ردَّت سوريةُ على ذلك بمعادلةً جديدةً وهي نشر ثقافة الم.قا.ومة ودعمت حركات الم.قا.ومة للد.فاعِ عن النفسِ وعن الحقوقِ، وللعملِ على استعادةِ الأراضي المحتلةِ، ولفرملةِ التوغّلِ الأمريكي في المنطقةِ، فردَّ الكيا.نُ بعد.وانِ تموز 2006م، وفشلَ، وردَّ بالعد.وانِ على غ.زّ.ةَ 2009م، وفشلَ.

فتحوّلَ إلى العد.وانِ المباشرِ على سوريةَ والذي تجلّى في المؤ.امرةِ الكونيةِ عليها، والتي تعاونَت فيها عشراتُ الدولِ، ومئاتُ الآلافِ من الإ.ر.ها.بيين لتغييرِ توجهِ سوريةَ وفشلَت، ويؤكدُ ذلك بعضُ من أسموا أنفسَهم معا.رضةً سوريةً وزاروا ا.لكيا.نَ وأعلنوا موافقتَهم على التط.بيعِ والتنازلِ عن الأراضي السوريةِ الم.حتلة…

فهذا الصمو.دُ الأسطوري السوري مدةَ اثني عشر عاماً بدَّلَ المشهدَ في الإقليمِ، وأتى طوفانُ الأقصى ليعززَ هذا التبدلَ بصمودِ الم.قا.ومةِ في غ.زّ.ةَ منذ ثمانيةِ أشهرٍ حتى الآن.

هذا التبدّلُ نقلَ الإ.سر.ائيلي من موقعِ المها.جمِ المتغطرسِ إلى موقعِ المد.افعِ، فهو الآن مضطرٌ للجوءِ إلى الأمريكي ليمدَّه بالأ.سل.حةِ والذ.خا.ئرِ، وليدعمَه عالمياً، وليحميَه من قراراتِ محكمةِ الجنا.ياتِ الدوليةِ، وليفرملَ قطارَ الاعترافِ الأوروبي بدولةِ فلسطينَ، وباتَ واضحاً أنَّ إ.سر.ائيلَ لم تعد تسعى الآن إلى تحقيقِ المكاسبِ بل إلى التخفيفِ من الخسا.ئر.

فإ.سر.ائيلُ خسرَت معركةَ الإعلامِ في أوروبا والغربِ وظهرَ المشهدُ الفلسطيني على حقيقتِه وخسرَت عنصرَ القوةِ وانكشفَ ضعفُها. وخسرَت عنصرَ المفاجأةِ في 7أكتو.برً وخسرَت فكرةَ التفوقِ.
وخسرَت فكرةَ الحر.بِ النفسيةِ التي حاولَ نتن يا.هو اللعبَ عليها وفشل.

فهناك نزيفٌ إ.سر.ائيليٌ مستمرٌ على كلِّ الصعد.

فالص.هيو.نيةُ التي تهيمنُ على عقولِ الطبقةِ السياسيةِ، وعلى وسائلِ الإعلامِ في الغربِ، أضحَت تجدُ صعوبةً في استمرارِ هذه الهيمنةِ، وترى أنَّ هذه الهيمنةَ خُرِقَت الآن بأكثرَ من زاويةٍ، والشرخُ يتوسع.

فالرأيُ العامُّ الغربي انقلبَ على إ.سر.ائيلَ، والحراكُ الطلابي بات يقضُّ مضجعَ الساسةِ الغربيين وحلفائِهم.
فهل يلجأُ الغربُ إلى حمايةِ إ.سر.ائيلَ من نفسِها ويفرضُ إيقافَ الحر.ب…؟ وعندها سنعلن انتصار الم.قا ومة.

فالمحصلةُ الآن هي على الشكل الآتي:
نتن. ي.اهو يريدُ أن يهربَ إلى الأمامِ باستمرارِ الحر.بِ، ويريدُ توسيعَها وهو غيرُ قادرٍ عليها.

ومحورُ الم.قا.ومةِ لا يريدُ الحر.بَ لكنَّه قادرٌ عليها.

هذا التبدّلُ في الموقعِ الإ.سر.ائيلي يؤكد أنَّ مرحلة جديدة آخذة بالتشكُّل ويطرحُ علينا السؤالَ الآتي: من كان يحلمُ منذ عامٍ أنَّ محكمةَ الجنا.ياتِ الدوليةِ ستطلبُ نتن يا.هو يوماً ما لمحاكمتِه بج.ر.ائمَ حر.بٍ…؟

وهذا السؤالُ “من كان يتخيلُ أن يحصلَ …؟”.
سوف نراه يتكرّرُ مستقبلاً…
(سيرياهوم نيوز ٢-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

دستور الحزب السوري القومي الاجتماعي: بين القومية/ الوطنية والعلمنة

صفية أنطون سعادة   انطلق أنطون سعادة حين أنشأ حزبه السوري القومي الاجتماعي في ثلاثينيات القرن الماضي، من مبدأ أساسي رئيسي ألا وهو إعادة لحمة ...