على ارتفاعات عالية، وبأماكن ضيقة، وبحذر شديد، يستمر عمال محطة جندر لتوليد الكهرباء في حمص بالعمل على مدار الساعة متسلحين بشغفهم وحبهم لعملهم وبخبرتهم المتراكمة لإنجاز كل إجراءات الصيانة الجزئية للمحطة بأنفسهم، لتكون في حالة جاهزية تامة حين توافر الوقود للتشغيل.
سانا تابعت أجواء العمل في المحطة والتقت عدداً من عمالها، حيث أوضح العامل الفني بقسم الميكانيك عوض حوري أنه يعمل بالمحطة منذ سنوات طويلة ورغم الإصابة البليغة التي تعرض لها في يده إلا أنه ما زال يشعر بليونة الحديد ويطاوعه بين يديه لإنجاز العمل الموكل إليه.
وقال العامل في قسم العنفات سمير النوري: “مهمتي الأساسية تسليك الأنابيب وتثبيت البراغي وهذا العمل تعلمته سابقاً من الخبراء اليابانيين وأنا اليوم أقوم بتعليمه للراغبين من الشباب”، لافتاً إلى أنه رغم صعوبة العمل إلا أنه ورفاقه يتغلبون عليه بالمحبة والتكاتف والفرح بعد إنجاز العمل بأيدي كوادر المحطة.
الفني زهير حواط أشار إلى أن مهمته في المحطة مراقبة العنفات على مدى 24 ساعة، وأن ارتباطهم الأساسي مع مركز التنسيق بدمشق، حيث يتلقون منه التعليمات إما برفع الحمولة او خفضها للحفاظ على العنفات، إضافة لمراقبة الإنذارات التي ترد لإرسالها إلى قسم الصيانة للمعالجة، مبيناً أن عدم توافر قطع الغيار الخاصة بالمحطة يضطرهم في كثير من الأحيان لتدوير الآلات الضخمة وإعادة إقلاع المحركات الموجودة بشكل يدوي.
وفي قسم العنفات قال مساعد المهندس أحمد محمود العامل بالمحطة منذ أكثر من 30 عاماً: “عملي تشغيل العنفات ومراقبتها لضمان أداء العمل بشكل جيد.. وعملنا صعب بسبب قدم المحطات والاهتراءات الحاصلة ببعض الأجزاء، ورغم ذلك نعمل ضمن الإمكانيات الموجودة للحفاظ على المضخات والمراوح من خلال جولات نقوم بها للاطمئنان على المحطة، وتسجيل الأعطال بشكل يومي وتحويلها إلى الصيانة للمعالجة”.
من جهته بين المهندس عبد الرحمن العدي مدير التشغيل بالمحطة أنها تعمل بنظام الدارة المركبة وهي مكونة من عنفتين غازيتين تولد كل منهما 300 ميغا واط، وعنفة بخارية تولد 150 ميغا واط، ويتم العمل على شكل ورديات كل منها مكونة من 20 عاملاً يقومون بالتشغيل والمراقبة على مدار الساعة، لافتاً إلى أن قدم نظام التشغيل يؤثر على العمل لجهة إظهار الإشارات، متمنياً أن يتم التحول للنظام الرقمي لأداء العمل بشكل أفضل.
العامل الفني إسماعيل ياسين يعمل بقسم الصيانة الميكانيكية منذ أكثر من 30 عاماً أيضاً ضمن المشغل الخاص بالمحطة، حيث يقوم بفك وتركيب كل الأجزاء لإصلاحها، إضافة إلى صيانة العنفات الغازية حسب قوله، لافتاً إلى أن العمل يتطلب الكثير من الجهد والحذر كون التعامل يتم مع آلات ضخمة، فيما أشار سامر جندلي العامل بالخراطة إلى أنه يقوم بتصليح الأجزاء المتهالكة بالعنفة لتوفير القطع الأجنبي على الشركة.
بدوره أوضح مدير الصيانة بالمحطة المهندس علي علي أن عملهم إنجاز الصيانات الطارئة والدورية للعنفات الغازية والبخارية، لافتاً إلى أن العنفات الغازية تتطلب صيانة كل 8000 ساعة عمل، حيث يتم الكشف عن غرفة الاحتراق وكل 16 ألف ساعة عمل يتم الكشف عن الأجزاء الحارة للعنفة الغازية، وهناك صيانة كل 32 ألف ساعة عمل كاملة للمحطة، يتم الكشف فيها عن كل أجزاء العنفة والضاغط والمساعدات بالكامل، وكل ذلك يتطلب وقتاً طويلاً وجهداً عالياً، لافتاً إلى أن العمل يتم حسب توصيات الشركة المصنعة، حيث يتم تبديل القطع بعد وصولها للعمر الافتراضي الموصى به من الشركة.
وأضاف المهندس علي: “رغم أن العمالة لدينا وصلت إلى أعمار متقدمة في السن إلا أنهم مازالوا يقومون بعملهم على أكمل وجه موفرين على خزينة الدولة الكثير من القطع الأجنبي فيما لو تمت الاستعانة بخبراء أجانب.
فيما أشار رئيس قسم التشغيل الميكانيكي في المحطة إبراهيم الصالح إلى أن فك جميع أجزاء العنفة يتم بأيدي عمال القسم، حيث يتم فك القطع القديمة وإصلاح وتركيب قطع جديدة مكانها، إضافة لإصلاح جميع البراغي والمعدات الخاصة بالمحطة”، لافتاً إلى أن العمل شاق ومضني وخطر في أحيان كثيرة، ومضيفاً “لدينا في المحطة خبرات جيدة لكن نفتقر إلى العنصر الذكوري الشاب وقلة القطع التبديلية”.
وذكر مدير عام شركة توليد كهرباء جندر المهندس محمد العمر أن عدد العمال في المحطة يبلغ 650 عاملاً موزعين على 8 مديريات يعملون بشكل متواصل في الصيانة أو التشغيل لتأمين الوثوقية والجاهزية للمجموعات، لافتاً إلى أن محطة جندر مثل كل المحطات عانت جراء الحرب والإجراءات الاقتصادية القسرية والحصار الجائر على سورية من نقص قطع الغيار ما اضطر الشركة للاستعانة بالخبرات المحلية لتصنيع القطع الناقصة والمطلوبة لعمل المجموعات والتي وفرت على الدولة أكثر من 2 مليون يورو فيما لو تمت الاستعانة بخبراء أجانب.
وبين العمر أن العمل في المحطة يتم على قدم وساق، حيث تتم الصيانة الوقائية للعنفة الغازية الثانية بعد مرور أكثر من 16 ألف ساعة عمل عليها، وتم تبديل بعض القطع التي تجاوزت أعمارها التشغيلية الوقت المسموح للعمل بقطع جديدة حسب الفحص والاختبار وساعات العمل، ولاحقاً سيتم إجراء صيانة مشابهة للعنفة الغازية الثالثة وبعدها الأولى ريثما ينتهي العمل، وفي حال توفر الوقود المحطة جاهزة لترفد الشبكة بنحو 1000 ميغا واط.
يُذكر أن الشركة أحدثت بالمرسوم رقم 13 لعام 1994 وعلى مرحلتين، الأولى أنشئت عام 1994 وتألفت آنذاك من 6 مجموعات 4 منها غازية و 2 بخارية، أما القسم الثاني تم إنشاؤه عام 2004 ليتألف من عنفتين غازيتين وعنفة بخارية واحدة، وتعمل العنفات على مبدأ الدارة المركبة، وتبلغ الاستطاعة الإجمالية للمحطة 1000 ميغا واط.
سيرياهوم نيوز 2_سانا