نورمان العباس
رأى الدكتور في كلية الاقتصاد جامعة دمشق إبراهيم العدي لـ«الوطن» أن التشاركية كمفهوم نظري مقبولة ولكن عملياً غير قابلة للتطبيق والشراكة ستكون فاشلة على أرض الواقع، وأنّ القطاع العام يحتاج إلى ملائكة لتديره، معتبراً أن العقلية الاقتصادية التقليدية الموجودة في القطاع العام لن تتقبل مفهوم التشاركية.
وأشار إلى أن القطاع العام خلق برجوازية وظيفية قائمة على تجميع المال والاستفادة من الموقع الوظيفي، متهماً بعض الأثرياء بأنهم جمعوا أموالهم من القطاع العام.
وقال: إن القطاع العام أُنشئ ليقوم بدور اقتصادي واجتماعي لكن دوره الاقتصادي تلاشى وأغلب شركات القطاع العام خاسرة، وبالتالي لا يمكن أن يستمر لأن جزءاً كبيراً من الشركات أصبح عبئاً على خزينة الدولة.
بدوره رأى الدكتور في كلية الاقتصاد جامعة حلب حسن حزوري أن التشاركية ضرورة لابد منها في واقع الاقتصاد السوري الراهن، لأن الحكومة عاجزة عن تأمين الموارد المالية الكافية لإعادة تأهيل المنشآت المدمرة أو تجديد خطوطها الإنتاجية بالإضافة إلى عجز أغلب الشركات الحكومية عن مواكبة التغيرات التكنولوجية والتسويقية وإنتاج أو تقديم سلع وخدمات قادرة على المنافسة داخلياً وخارجياً.
واستعرض حزوري إيجابيات التشاركية والتي تتمثل في توفير الموارد المالية التي لاتستطيع الحكومة تأمينها في الوقت الراهن، والإدارة المثلى للمنشآت، وتقديم سلع وخدمات بكفاءة أعلى وفاعلية أفضل، وذلك من خلال الحد من الهدر وتخفيض التكاليف والاستفادة من مرونة خبرات القطاع الخاص في الإدارة والتشغيل والصيانة وزيادة الإنتاجية، وتوزيع المخاطر بين العام والخاص، أو تخفيضها ولاسيما مخاطر التشغيل.
وأما عن سلبياتها فرأى أنها تتمثل في نقص الإيرادات الصافية في الخزينة العامة وخاصة في بعض القطاعات الإستراتيجية، كقطاع الاتصالات، بالإضافة إلى ضعف الفريق التفاوضي الممثل للجهات الحكومية المعنية بالتشاركية، نتيجة عدم امتلاكه الخبرة الكافية أو مهارات التفاوض الفعال، ما يؤدي إلى الإضرار بحقوق الدولة أو بفشل التفاوض مع القطاع الخاص أحياناً، مبيناً أنه قد ينتج عن ذلك تنظيم عقود غير متوازنة يشوبها الفساد أحياناً.
تحويل الشركات الخاسرة إلى رابحة
وعن الحل في تحويل الشركات الخاسرة إلى رابحة رأى العدي أنه يكون إما في التخلي عن القطاع العام بشرط أن يتحمل القطاع الخاص المسؤولية الاجتماعية وأن يضمن حقوق العمال وإما بتحويل شركات القطاع العام إلى شركات مساهمة وتصبح الدولة شريكاً مساهماً وهذا يتطلب إعادة تقييم كاملة لأملاك القطاع العام لتحويلها إلى أسهم، واعتبر أن القطاع الخاص سيصبح المالك الحقيقي والقطاع العام سيكون غائباً (وهمياً) في حال التشاركية.
وقال العدي: الاقتصاد السوري حالياً يقوم على الاحتكار، والمنافسة غائبة تماماً في السوق.
الحزوري رأى أن معظم الشركات الخاسرة تقع ضمن شركات الاقتصاد الحقيقي أي الصناعية والزراعية، وأن أسباب الخسارة متعددة، منها ما يتعلق بالأنظمة والقوانين وتعدد الجهات الرقابية والوصائية، ومنها قد يكون بسبب الإدارة والفساد وعدم وضع الشخص المناسب في مكانه المناسب، أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج الثابتة، وعدم القدرة على التشغيل الأمثل للطاقات الإنتاجية، نتيجة تهالك الخطوط الإنتاجية وقدمها بسبب التقادم التكنولوجي وعدم جدوى تشغيلها فنياً وتسويقياً، نتيجة نقص العمالة بسبب تدني الرواتب والأجور مقارنة برواتب القطاع الخاص، ما يجعل من شركات القطاع العام مركزاً للتدريب المهني للقطاع الخاص، والنتيجة دوران مستمر لليد العاملة، وهجرة مستمرة للكفاءات الفنية والإدارية.
إعادة تقييم لأملاك القطاع العام
وعن إعادة تقييم أملاك القطاع العام اعتبر العدي أن هناك تقصيراً حكومياً فيما يتعلق بإعادة تقييم أملاك القطاع العام، وبين أن إعادة التقييم تكون من خلال إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية لتحويل شركات القطاع العام إلى أسهم.
في حين رأى حزوري الحاجة لإعادة تقييم كاملة وشاملة لمنشآت القطاع العام وكل الأملاك الحكومية التي يمكن أن تكون موضوعاً للتشاركية، مضيفاً: هذا يتطلب اللجوء إلى دراسات جدوى اقتصادية تفصيلية بكل أبعادها، القانونية والتسويقية، الفنية والمالية والاجتماعية والبيئية، وبما ينسجم مع الأهداف التنموية والحاجات الاقتصادية، لأن تجارب العديد من مشاريع التشاركية، أثبتت أن هناك هدراً للمال العام وغبناً للطرف الحكومي لمصلحة القطاع الخاص.
وشدد حزوري على أهمية وجود الثقة بين القطاعين معتبراً إيجادها وتمتينها يحتاج إلى تعزيز وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة من شفافية وعدالة وشمولية، وكفاءة ومساءلة، بالإضافة إلى إيجاد بيئة تشريعية من قوانين وتشريعات توائم بين مصلحة الدولة وفق اعتبارات اقتصادية واجتماعية وأمنية ومصلحة القطاع الخاص الذي يبحث عن الأمان الاقتصادي.
سيرياهوم نيوز1-الوطن