قدمت الأستاذة الجامعية لينا غانم- مدرّسة مادة التدريب العملي في الإرشاد النفسي بكلية التربية في جامعة طرطوس مع طالباتها خريجي دفعتي 2022- 2023 و2023- 2024، عرضي (بدّي عيش) و(وين كنا ووين صرنا) في ثقافي طرطوس.بشكل لامسن شجون وهموم واقع الحياة المعيشة السورية والاقتصادية والنفسية جراء الحرب التي مازالت إلى اليوم نعيش أجواءها وتأثيراتها على جميع الشرائح الاجتماعية المختلفة.
حال زوجة الشهيد بعد فقد السند والمعيل والصديق والحبيب والأب والزوج تم تناوله في عرض المسرحية النفسية (بدي عيش)، حدث لم يكن بالإمكان تقبّله بداية ولم يكن من السهولة تجاوزه أيضاً، إنه التقبّل والتكيّف والاستناد إلى ثقافة الذات والاستعانة بالتجارب المشابهة للآخرين.
وهذا ما تمّ إلقاء الضوء عليه وعلى بعض الاضطرابات السائدة في المجتمع، والتي تعاني منها زوجات الشهداء وهي (تشكيل رد الفعل العكسي، الحلقة المفرغة بالحزن، اضطراب ما بعد الصدمة، اضطراب تحويل جسدي الشكل، الإنكار) فقد تناولت المسرحية معاناة زوجة الشهيد بعد استشهاد زوجها والتي راحت تستعرض حالات مثيلات كثيرة غيرها، وهن الحالات السابقة التي تعاني من الاضطرابات لترفض أن تعيش مثلهن وتقرر أن تطرق باب الإرشاد النفسي لتتمكن من متابعة حياتها بالشكل الصحيح.
وكانت المسرحية الثانية بعنوان (وين كنا ووين صرنا) من تقديم خريجي الدفعة 2022\2023، والتي تحكي قصة أسرة كان لديها مستوى معيشي ممتاز قبل الحرب، ومع الأعمال الإرهابية المسلحة يتحول الأب من مالك معمل إلى عامل بناء لتأمين قوت يومه.
المسرحية تبدأ بجلسة إرشاد جماعي يبدأ فيها الأب بالحديث عن «وين كنا»، ثم ينتقل إلى «وين صرنا» بعد الحرب والمشكلات الأسرية الطارئة في عدم تقبل الأولاد للواقع الجديد ورفضه، مما يدفع بالأب للجوء إلى الإرشاد النفسي كونه شخصاً يبحث عن الحلول المناسبة للتعايش مع الواقع الجديد.
وفي الإرشاد النفسي يتم تطبيق برنامج إرشادي يتخلله مجموعة من الفنيات (الاسترخاء التخيلي، إيقاف الأفكار، تشتيت الأفكار، الكرسي الخالي، الحوار الذاتي).
تنتهي المسرحية بتقبل العائلة للوضع الجديد بعد اكتشافهم أن الحياة والحب والرضا موجود داخل الأسرة وأن المال لا يصنع سعادة، وأن تقبل الأمر واللجوء إلى الله وتقبل الواقع يساعد على تخطي أي مشكلة.
كيف استثمرت الأستاذة لينا غانم- المدرسة لمادة التدريب العملي في الإرشاد النفسي فنية (السايكو دراما) في معالجة قضايا اجتماعية حية وحساسة عن ذلك تقول:
خلال الفصل الأول نقوم بتدريب الطلاب على لغة الجسد الصحيحة للمرشد وعلى قراءة لغة جسد المسترشد، ويتم تطبيق فنيات إرشادية في القاعات ومن ثم يقومون بتطبيقها على حالات من الواقع.
خلال الفصل الثاني أردنا أن نطور عمل الطلاب وتشجيعهم على التعريف الصحيح عن الإرشاد وتوسيع مفهومه وإظهار الحاجة له عن طريق تطبيقات فنية السايكودراما (المسرحية النفسية).
في العام المنصرم- والكلام للدكتورة لينا: «قمنا بتدريب الطلاب على مسرحية نفسية بعنوان (بدي عيش)، تم تطبيقها بكلية التربية في جامعة طرطوس، ولاقى العمل استحسان عميد كلية التربية في الجامعة (الدكتور منذر الشيخ) وهو من شجعني على تطوير العمل وإعداد مسرحية ثانية من تنفيذ طلاب الدفعة الحالية، وفعلاً تم التدريب على مسرحية (وين كنا ووين صرنا)، وتم عرضها في المركز الثقافي العربي في طرطوس بداية الشهر الحالي.
ما هو دور الإرشاد النفسي في الحياة الاجتماعية بالعموم وما دوره في الحرب وتأثيرها على العائلات والأطفال، وكيف يمكن تفعيل هذا الدور في المدارس؟ تُجيب عن سؤالي بالقول: «للإرشاد النفسي الدور الهام والوقائي في معالجة المشكلات الدراسية والاجتماعية والشخصية والأسرية والمهنية والزوجية، بالإضافة للدور الإرشادي والعلاجي عند حدوث المشكلات فيتم تطبيق فنيات إرشادية بشكل فردي أو جماعي.
وتوضح أيضاً أن الحاجة ماسة للإرشاد النفسي في الحروب، وذلك بعد ظهور مجموعة من الاضطرابات النفسية الناتجة عن الحرب مثل اضطراب ما بعد الصدمة، وقلق الموت والقلق العام وغيرها، ويأتي دوره أيضاً هنا من خلال البرامج الإرشادية التي تعتمد على نظريات إرشادية، وقد زاد الاعتماد على الإرشاد النفسي من خلال ازدياد عدد الجمعيات التي تعتمد على خريجي الإرشاد.
وفي المدارس ما لا يعتمد عليه بشكل صحيح. فهو ضروري من أجل حل المشكلات الشخصية الدراسية وحتى المساعدة في اختيار التخصص الدراسي المناسب».
الجدير ذكره أن خريجات الدفعتين قدمن العرضين بجميع الشخصيات سواء كان دور الرجل أو المرأة وهن التالية أسماؤهن حسب تسلسل أدوارهن، علماً أنهن لا يدرسن التمثيل لكن نجحن:
راما سليمان، رهام عمران، رندا يوسف، سماح يوسف،جنا سليمان، سلافة يوسف، عبير إبراهيم، آية صيوح، آية عيسى حنان وسوف، جنى قدسية، منة الله الضائع، تغريد عيسى، فيفيان محمد، ريما داود، مرح محمد، علا دغمة، ريما الميهوب، ولاء حمدان، جودي عمار وتم تقديم المسرحية من قبل نغم حسن
واقعنا الحي
أعتقد أن ما قدمتهُ الطالبات الخريجات في قالب مسرحي نفسي هو إسقاطٌ حيٌ لبعض المشكلات الاجتماعية لنتائج ما بعد الحرب على المستوى النفسي، وهو في الأساس ينقل حقيقة الواقع بإشارة إلى مكنونات المجتمع والموروث الفكري السائد والخلفيات الاجتماعية والثقافية لأبناء المجتمع الذين يطلقون أحكامهم المسبقة على الآخرين وعلى قراراتهم الآنية من بعد الصدمة.
أغلبنا في حاجة أن يطرق باب الإرشاد النفسي وأغلبنا في حاجة إلى أن يكون متصالحاً مع ذاته ومحيطه ليخرج من أزمته إن لم تكن أزمات.
سيرياهوم نيوز 2_الثورة