آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » القصورات والارتكابات في جهاتنا العامة مسؤولية مشتركة مع المكلفين بالرقابة والتفتيش

القصورات والارتكابات في جهاتنا العامة مسؤولية مشتركة مع المكلفين بالرقابة والتفتيش

عبد اللطيف شعبان
مدعاة للسرور الكبير أن الخيرون هم الذين يشكلون الغالبية العظمى في جميع الإدارات العامة، ويثابرون على عملهم بكل جدية واستقامة وإخلاص، رغم أن أجور كثيرين منهم لا تعادل إلا جزءاً يسيراً من جهودهم المبذولة، وحقيقة الأمر أن الكثير من الاتهامات المجحفة، والموشى بها على عمل بعض العاملين في بعض الإدارات، لا تخلو من تجني في غير مكانه، وهي أقرب إلى الثرثرة. بدليل التماسك الثابت والمشهود في جميع إداراتنا رغم مساعي بعض السيئين العاملين على تصديعها، أكان من داخلها أو من خارجها، وبالمقابل من الإنصاف الاعتراف بوجود العديد من القصورات والارتكابات المشكو منها من هذا العامل – أيا كانت مهمته الوظيفية – أو ذاك، في هذه الإدارة أو تلك، والتي أغلبها ناجم عن وجود العديد من  التكليفات في المهام التي توكل إلى هذا العامل أو ذاك لاعتبارات لا تراعي التدقيق في الأهلية والكفاءة، وتتفاقم المشكلة حال استبقاء الأمور على ما هي عليه حتى تستفحل، وعقب الاستفحال يصدر عن صاحب القرار إعفاء هذا المقصر أو ذاك المرتكب من مهمته، وغالباً لا يسأل عما فعل، بل ونادراً ما تتم الإشارة إلى ما هو مدان به، وكثيراً ما يتم الاكتفاء بعزله دون الرجوع لترميم ما هدَّمه أو استصلاح ما خرَّبه أو إنجاز ما لم ينجزه، وكأن المشكلة متركزة به شخصياً، وأن الإصلاح المنشود سيتحقق عقب إعفاؤه.
لا غرابة أن يتم إعفاء ذي مهمة من مهمته، وليس من الضروري أن يكون الإعفاء نتيجة قصور أو ارتكاب، بل قد يتم ذلك لمقتضيات المصلحة العامة، كما تنص عليه هذه العبارة في الكثير من القرارات، ولكن الرأي العام يتوقف ملياً عند من يتم إعفاؤه نتيجة قصورات وارتكابات مثار تململ وشكاوى كثيرين، والسؤال الذي يخطر على البال؟ ألم تكن قصورات وارتكابات من تم إعفاءه منظورة ممن حوله من رؤساء ومرؤسين ومراقبين ومفتشين طيلة مدة عمله، وهل حدث أن نبَّه أحد من هؤلاء عبر وسيلة وأخرى، على قصور أو جرم ارتكبه، أم تم الاكتفاء بالقيل والقال وكثير من الكلام الذي لا يكال بمكيال، حتى طفح الكيل وبلغ السيل الزبى.
أين رؤية المراقبة الداخلية المفترض وجودها على المقصر والمرتكب في كل إدارة مركزية وكثير من الإدارات الفرعية، والتي من المفترض أن تكون عين رقيبة على جميع مفاصل العمل، من الأعلى فالأدنى، وهل من الجائز أن تكون هذه الرقابة غائبة أو مغيبة، جامدة رضائياً منها أو مجمدة إكراها من إداراتها، أين ملاحظات الجولات التفتيشية عن هذه القصورات والمفترض أن تظهرها كلا من الجهتين الرقابيتين الرئيستين، الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية، أثناء زيارات مفتشيها الدورية أو العرضية، إذ من المفترض ألا تخلو أية إدارة من رقابة دورية أو عرضية مرة على الأقل في العام من كل من هاتين الجهتين الرقابيتين الرسميتين، وأيضا أين دور الجهات الرقابية الأخرى التي عادة ما تحيط علماً – عن قرب وعن بعد – بحال جميع الإدارات، بل أين المسؤولون في الإدارات الأعلى المفترض أن تكون لهم زيارات اطلاعية دورية وعرضية على مفاصل إداراتهم الأدنى، وأين المرؤوسين الذي من المفترض ألا يسكتوا عن أي خطأ يرتكبه رؤساءهم أو زملاءهم، بل أين رقابة أصحاب الخيار والقرار على أعمال من كلفوا المعفى بالمهمة التي قصر في انجازها أو ارتكب مخالفة شنيعة في أدائها، ما يجعل من الجائز عدم حصر تحميل جرم القصور والارتكاب بالمثبت عليه فقط، وجواز تحميل جميع هؤلاء بعض المسؤولية بنسبة وأخرى، ومن الضروري وجود بعض التعليمات والتوجيهات التي تنبه على أن العقوبة لن تطال المقصر والمرتكب فقط ، بل أيضاً ستطال بشكل نسبي أولئك المقصرين في الرقابة والساكتين على الخطأ والمتسترين على العيوب والنواقص، وبالتالي لن يجد أياً من المحيطين بالمقصر والمرتكب حرجاً من الدلالة على القصور والارتكاب في حينه، لأن في ذلك حماية لأنفسهم، ولا حرج من مساءلة جميع هؤلاء حال ظهر قصور أو ارتكاب أحدهم، فالجميع معنيون بشكل أو بآخر.
ومن الإجحاف تحميل المعفى بجرم التقصير، حال كان تقصيره لضعف الإمكانات المادية والبشرية المفترض وجودها بين يديه لاجتناب ارتكاب الجرم المتهم به، وليس من الإنصاف الاكتفاء بعزل المقصر والمرتكب والتغاضي عن التحقيق والمساءلة فيما نجم من أضرار فردية وعامة نتيجة جرمه، وضرورة قطع الطريق على هربه خارج القطر بما يحمله في جيبه، والمؤسف حدوث حالات من ذلك.
عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
(سيرياهوم نيوز-البعث30-1-2021)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

الذهب يتجه لتسجيل أفضل أداء أسبوعي في عام

    اتجهت أسعار الذهب اليوم إلى تحقيق أفضل أداء لها في عام مدعومة بالطلب على الملاذ الآمن، بينما يترقب المستثمرون مؤشرات عن تخفيضات الفائدة ...