مايا سلامي – تصوير طارق السعدوني
بمناسبة الذكرى الـ99 لولادة شيخ النحاتين الراحل سعيد مخلوف، افتتح غاليري جورج كامل بالتعاون مع مجموعة جوليا دومنا معرضاً فنياً جمع عدداً من نوادر أعماله عكست محطات مختلفة من حياته الفنية الإبداعية التي صنع فيها مدرسة خاصة حتى غدا أيقونة بارزة في المشهد التشكيلي السوري، الذي صور فيه تجذره بأصالة هذه الأرض المباركة التي أوحت له بتاريخها ورموزه وأساطيره فخلدها على جذوع الزيتون التي بقيت شاهداً على فنه حتى يومنا هذا ودليلاً على حبه لسوريته التي أطلقته عالياً وقلدته بوسام استحقاقها عام 2000.
اسم لامع
وفي تصريح لوسائل الإعلام بينت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح أن سورية تعتز بأبنائها وبالمبدعين منهم، وإعادة إحياء ذكراهم وتبيان إنجازاتهم للجمهور هو إنجاز بحد ذاته أياً كان من يقوم بهذا العمل، منوهة بأن معرض اليوم هو عمل مشترك بين ذوي شيخ النحاتين الفنان سعيد مخلوف وصالة العرض التي نحن فيها ومؤسسة جوليا دومنا.
وأكدت أهمية المعرض لأسباب عديدة أولاً لأن النحات فعلاً اسم فني لامع على المستوى العالمي وليس فقط على المستوى المحلي، ثانياً هو سوري بامتياز وكل أعماله مستوحاة من الأساطير واللغات والوجوه السورية، إذاً هو متجذر في هذه الأرض، ثالثاً عندما نتحدث عن الهوية الوطنية لابد لنا من أن نذكر عظماء هذا البلد، فالفنانون التشكيليون هم جند أساسيون من هؤلاء وإحياء ذكراهم لابد أن يرسخ شعورنا بالانتماء والوطنية والمواطنة.
عبقري وعالمي
السفير الجزائري: فنان عبقري وعالمي أعطى لسورية الكثير
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أوضح السفير الجزائري كمال بوشامة أن سعيد مخلوف فنان عبقري وعالمي أعطى لسورية الكثير، وعن طريق فنانين مثل سعيد مخلوف سورية وثقت تاريخها العريق والعميق، وحتى الغرب الذي يريد تدمير سورية يعترف بهذه الحقائق والتحف والآثار والتراث الموجودة فيها، ومعرض مثل هذا سيضيف الكثير إلى الفن والتراث السوري.
وقال: «أنا أحب سورية كثيراً وكتبت عنها وكنت كلما أمسك قلمي لا أستطيع إلا أن أطنب في هذا البلد لأن الإطناب والكلمات الجميلة ستخرج من تلقاء نفسها من فكري، إذاً سورية مهما كانت على الرغم من الظروف والاعتداءات الظالمة ستبقى إلى الأبد».
أب حقيقي
وأشار الباحث والإعلامي غسان الشامي إلى أن أعمال سعيد مخلوف الكبيرة كأشجار الزيتون مقتناة من أفراد أكثرهم في لبنان، وهي أعمال أسطورية لم يسبق لأحد أن تعامل مع شجر الزيتون كما تعامل معه سعيد مخلوف، أما ما تبقى من أعماله والموجود منها قسم في هذا المعرض يدل على أن النشاط الذهني والعقلي والمعرفي لسعيد مخلوف كان نشاطاً لامعاً.
وكشف أن سعيد مخلوف استطاع أن يعبر من واقع الطين والأرض والتراب في بستان الباشا إلى الأسطورة السورية القديمة وهذا أمر على درجة عالية من الصعوبة، ومن ثم عندما دخل في مرحلة الطين دخل إلى الوجوه وقام باستعادة الوجوه القديمة لملوك آشور وسومر وبابل، مؤكداً أن سعيد مخلوف أب حقيقي للنحت السوري الذي يمكن أن نسميه نحتاً معاصراً.
تكريم جميل
وقال الفنان التشكيلي نظام سعيد مخلوف: «هذه الأعمال تعود للفترة الممتدة بين الستينيات والثمانينيات ومرسم والدي كان في معرض دمشق الدولي القديم وكان يزوره جميع الفنانين والأدباء والمثقفين، وكان ملتقى لطلاب كلية الفنون ولكل من يحب النحت. وتكريمه اليوم جميل جداً لكن دائماً نتمنى أن يكرم الفنان المبدع في حياته».
بداية النحت السوري
أما الفنان التشكيلي مصطفى علي فأوضح أن سعيد مخلوف النحات هو بداية النحت السوري المعاصر وأذكر عندما كنّا شباباً صغاراً كنا نتردد على مرسمه ونجده مكان الأحلام بالنسبة لنا لما فيه من منحوتات مختلفة الأحجام والخامات بعضها من الخشب أو السيراميك أو مركبة من مواد عضوية وغيرها الكثير، فهو كان شخصاً منتجاً لأبعد الحدود.
وأكد على ضرورة إقامة مثل هذه المعارض التي تعيد الفنان إلى الماضي ليبني عليه اليوم الحاضر ويؤسس عليه للمستقبل، وسعيد هو قامة لا يمكن أن تنسى وله حضور وأثر قوي في الساحة الفنية.
شيخ النحاتين
وقال الفنان التشكيلي نبيل السمان: «تعود معرفتي إلى الطيب الذكر سعيد مخلوف إلى عام 1975 عندما كنا طلاباً في كلية الفنون وكنا نتردد على محترفه ونشاهد هذا الكم من الحب والشغف للفن، ويسجل له دخول النحت السوري مرحلة الحداثة ومن أجل ذلك أطلق عليه لقب شيخ النحاتين، وفيما بعد أثر في مجموعة كبيرة من النحاتين مثل أكثم عبد الحميد ومصطفى علي وغيرهم الذين أصبحت اليوم تجربتهم مكرسة».
وأضاف: «سعيد مخلوف اشتغل بمواد مختلفة ومتنوعة مثل البوليستر والخشب وخاصة جذوع الزيتون وكان دائماً يستوحي من التاريخ لأنه قارئ له ومعرفته فيه واسعة ليؤكد على هوية فن النحت السوري المأخوذ من التاريخ لكن فيه معاصرة وحداثة ورمزية للأساطير السورية القديمة كعشتار وتموز وفصول الخصب السوري».
قامة بارزة
وبين مدير الغاليري جورج كامل أن سعيد مخلوف واحد من القامات البارزة التي تركت أثراً كبيراً في المشهد التشكيلي السوري وأحد المؤثرين المعروفين في المحترف السوري الذين صنعوا نقلة بين الفن القديم والمعاصر وهو كان شخصاً يمتاز بثقافة عالية وكان له أثر كبير على النحاتين الذين تتلمذوا على يده.
وأضاف: «استطعنا مع مجموعة جوليا دومنا أن نحصل على هذه المجموعة التي قد لا تكون عرضت قبل مرة، فكانت فرصة ليرى المشاهدون أكبر عدد ممكن من أعماله التي رصدت مراحل متعددة من حياته ووجهات النظر المختلفة التي اشتغل عليها».
أبرز رواد النحت
وأوضحت مديرة صالة جوليا آرت حنان إبراهيم أنه بمناسبة مرور 99 عاماً على ولادة الفنان الراحل سعيد مخلوف أردنا في مجموعة جوليا دومنا وبالتعاون مع غاليري جورج كامل أن نقيم هذا المعرض الذي تضمن أعمالاً من مختلف محطات حياته. وكان بمنزلة تكريم وإحياء ذكرى لأحد أبرز رواد النحت السوري الذي أثر في الكثير من الأجيال من بعده.
سيرياهوم نيوز1-الوطن