بشرى سمير:
مع موجة الحر التي تجتاح المنطقة، ومع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يصبح الإقبال على العمل في حدوده الدنيا، نظراً للإرباك الذي تسببه الحرارة العالية للجسم وعدم قدرته على تنظيم درجة حرارته الداخلية، لذلك يميل الناس في درجات الحرارة العالية الى النوم والخمول أثناء النهار وعدم الرغبة في العمل عموماً, وذلك لأننا نستخدم المزيد من الطاقة الموجودة في أجسامنا لتنظيم درجة الحرارة الداخلية لدينا.
ويقضي معظم الناس في أوقات موجة الحر في شرب السوائل أو الاستحمام من أجل تبريد أجسادهم، لكن بالمقابل يُضطر آلاف الموظفين من مهن مختلفة إلى الذهاب إلى العمل، مع تفاوت الحاجة للتعرض للشمس أثناء العمل؛ مثلاً سيضطر عمال النظافة وكذلك المزارعون إلى العمل في الهواء الطلق حتى خلال موجات الحر، ما يجعلهم عرضة للإصابة بمشكلة الإجهاد الحراري في مكان العمل، في الماضي كانت المشكلة مرتبطة بعمال البناء والعمال اليدويين، لكن تظهر الأبحاث اليوم أنها تؤثر على شريحة واسعة من السكان، من الصحفيين ومفتشي التأمين و موظفي التموين والرقابة والأدلة السياحيين.
ضربة الشمس
ويوضح الدكتور محمد بشر المصري اختصاصي أمراض داخلية أن ارتفاع الحرارة الشديدة يسبب الإجهاد الحراري أو ما يعرف (بالشوبة أو ضربة الشمس)، حيث يؤثر ارتفاع درجات الحرارة الشديد، ولمدة طويلة، على صحة الإنسان ويفقد الجسم الكثير من السوائل والأملاح وتحدُث تغيرات في الدورة الدموية لمواجهة درجات الحرارة، بحيث لا تؤثر على درجة حرارة الإنسان الداخلية، بزيادة إفراز العرق.
أما إذا كانت هناك رطوبة زائدة وتخرج سوائل بكثرة من الجسم يصعب تعويضها، أو إذا كان الشخص لديه مشاكل في إخراج العرق مثلاً، فإنه يتعرض لمشاكل نتيجة الإجهاد الحراري لجسمه، ما يصيب الدورة الدموية بالخلل.
الخمول الشديد
من أعراض الإجهاد الحراري: الخمول الشديد، والشعور بتسارع ضربات القلب، مشاكل في التنفّس، وقد تصل للتشنجات، أو الهبوط العام والإغماء، وقد تصل إلى الوفاة في حالة عدم التعامل بشكل صحيح مع الموقف.
ولفت المصري إلى أن التعامل الصحيح مع الإجهاد الحراري يكون بتبريد الجسم بالمراوح والمكيّفات ووضع الثلج حسب الحالة، أو نقل الشخص المصاب إلى مكان بارد بعيداً عن الشمس المباشرة. و على المصاب أن يتناول سوائل كثيرة تحتوي على أملاح معدنية، مثل العصائر لتعويض السوائل الخارجة من الجسم، والحذر من تناول الشاي والقهوة والمشروبات الغازية لأنها تزيد إدرار البول؛ أي تزيد نسبة السوائل الخارجة عن المسموح به.
وبالنسبة إلى المرضى الذين يتناولون مدرات للبول، عليهم الرجوع للطبيب المعالج لإمكانية التقليل من الجرعات أو وقفها حال عدم الاحتياج لها.مبيناً أن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالإجهاد الحراري هي: كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة مثل مرضى القلب والسرطان والسكري، ومرضى الجهاز العصبي المركزي.
وينصح الدكتور المصري عند ظهور هذه الأعراض التي هي أولى علامات وجود مشكلة يجب أن يتوقف العمال ليستريحوا ويشربوا الماء ويجلسوا في الظل عند ارتفاع درجة حرارة الدماغ والجسم. لأن ذلك سيسمح بالحفاظ على صحتهم وإنتاجيتهم أيضاً. يضيف قائلاً: من المهم للغاية فهم أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى خسارة الجميع، حيث يخسر العمال صحتهم، ويخسر أيضاً أصحاب العمل الكثير من صافي الدخل والكثير من الفوائد المالية بسبب ضياع الإنتاجية”.
التعامل بمرونة مع العاملين
ويرى المحامي هزوان سرور أنه يجب على أرباب العمل تحسين التوعية بالصحة العامة وتوفير المزيد من موارد التبريد والتعليم، لاسيما في المناطق الأكثر تعرضاً لمخاطر موجات الحر، وإذا كان صاحب العمل، يسمح لموظفيه، بتجنب الذهاب إلى العمل لأن الجو حار جداً، لكن قانون الصحة والسلامة في العمل يقضي بأن الرؤساء مسؤولون بشكل عام عن رعاية الموظفين. وعلى أرباب العمل عليهم “واجب قانوني وأخلاقي لضمان عدم الإضرار بصحة العمال أثناء الطقس الحار الحالي”.
ومن المهم أن يعمد أرباب العمل إلى ترك الموظفين يعملون بمرونة حيثما أمكن – مثل تبديل ساعاتهم لتقليل العمل في أكثر الأوقات حرارة في اليوم.
ويمكن أن يساعد في ذلك أيضاً التساهل في قواعد اللباس الرسمي، ويجب فتح النوافذ وتوفير المراوح أو أجهزة تكييف الهواء. وهناك بعض الشركات و القطاعات التي يمكن أن تسمح لموظفي المكاتب بالعمل من المنزل، أو تعديل ساعاتهم لتجنب العمل في ساعة الذروة.
سيرياهوم نيوز٣_تشرين