شربل كريّم
أمّة كرة القدم ومهد ولادة النجوم. إنها البرازيل التي وُصفت دائماً بهذه الكلمات وأكثر، لكن عظَمَة الماضي لم تعد موجودة حاضراً بل أصبحت الخيبات تلازم «السيليساو» أينما حلّ لدرجةٍ أصبح المنتخب الأصفر «عاراً» على شعبه ونجومه الذين تبرّأوا منه
«لن أشاهد أي مباراة دولية للبرازيل بعد الآن. كل شيء مفقود، الإصرار، البهجة، ولا يلعبون بشكلٍ جيّد». هذه الكلمات التي خرجت من نجم المنتخب البرازيلي السابق رونالدينيو تعكس الكثير من الكلام الذي يمكن ان يقال في المنتخب البرازيلي، الذي كان يأمل تخطي خيباته المتتالية منذ كأس العالم الماضية ومروراً بتصفيات المونديال المقبل، من خلال مشاركة مثمرة في كوبا أميركا، لكن الخروج المرير كان بانتظاره، ليتأكد المؤكد بالنسبة الى الكثيرين: أمة كرة القدم في أزمة.هي مسألة ليست مستجّدة اذا ما استرجعنا وضع البرازيل في الأعوام الـ 15 الأخيرة، اذ ان خروجهم امام الأوروغواي في كوبا أميركا، سجّل كبوة جديدة، فهي المرة السابعة منذ عام 2009، التي يتمّ فيها اقصاء «السيليساو» قبل الدور نصف النهائي لإحدى البطولات التي تقام خارج ارضه.
فعلاً البرازيل التي عاشت ازمة في اتحادها خلال الأعوام القريبة الماضية تعيش ازمة أكبر في الملاعب، والدليل ترتيب منتخبها في التصفيات المؤهلة الى مونديال 2026 حيث يحتل المركز السادس بعد مرور 6 جولات، ما يعني عملياً انه مهدد بالغياب عن العرس العالمي للمرّة الأولى.
الواقع ان عام 2024 لم يكن مبشّراً، ولو ان البرازيل قدّمت اداءً جيّداً في مباراتين وديتين امام انكلترا واسبانيا، لكنها في المباريات العشر التي خاضتها منذ بداية السنة، فازت في 4 مقابل 3 هزائم ومثلها تعادلات.
منتخبٌ مشرذم تكتيكياً لم يعد له مكان في معادلة كرة القدم الحديثة حيث يتفوّق التكتيك على كل شيء.
منتخبٌ غير منضبط في جميع الجوانب المرتبطة بواجبات اللاعبين والسيطرة عليهم وعلى فوضويتهم في الكثير من الأحيان، فبدت «كرة الشوارع» حاضرة في مكانٍ ما، فكانت النكسة الجديدة.
هو منتخبٌ بدا كأنه يلعب من دون مدرب. أصلاً بالنسبة الى نجوم البرازيل، لا يوجد أي مدرب هناك على الخط، والسبب أن شخصياتهم أقوى من شخصية المدير الفني دوريفال جونيور الذي لم يجد له مكاناً للوقوف بينهم عندما شرعوا في الاتفاق على منفذي ركلات الترجيح خلال المباراة التي خاضوها أمام الأوروغواي وشكّلت نهاية مشوارهم القاري.
البرازيل منتخبٌ مشرذم تكتيكياً لم يعد له مكان في معادلة كرة القدم الحديثة
تخيّلوا المشهد الصاعق: دوريفال يقف وحيداً ولاعبوه أداروا ظهورهم نحوه. يطلب الكلام ولا أحد يستجيب إليه.
الرجل نفسه كان قد تحدّث عن أهمية التدرّب على ركلات الترجيح بفعل عدم وجود تمديدٍ للوقت في الأدوار الإقصائية لكوبا أميركا بعد نهاية الوقت الأصلي، وهو بالفعل ما حصل. تدرّب البرازيليون كثيراً عليها، واتضح أن إيدير ميليتاو ليس اللاعب المناسب للانغماس بها بعدما فشل في التسجيل خلال التمارين، لكن الصدمة كانت عندما نفّذ أول ركلة ضد الأوروغواي، وأهدرها طبعاً!
هنا كان بالإمكان معرفة أنها النهاية بالنسبة إلى البرازيليين. هي ربما نهاية العالم بالنسبة الى الشعب المجنون بحب الكرة، الذي يرى اليوم منتخبه ضائعاً ومهزوماً بشكلٍ شبه دائم.
أما من يتحمل المسؤولية فهم النجوم الذين ظهر كثيرون منهم أشباحاً، مقارنةً بتألقهم مع أنديتهم. وهنا يمكن اخذ ما قدّمه فينيسيوس جونيور كمثالٍ صارخ.
هذا اللاعب الذي أمتع أوروبا طوال موسمٍ كامل بقميص ريال مدريد، لم يقدّم أي شيءٍ يمكن استذكاره، وتلقى أيضاً إنذارين غاب على إثرهما عن ربع النهائي، تاركاً لليافع إندريك المهمة الثقيلة، فقدّم الأخير أسوأ مستوى له، بحيث مرّر كرتين بشكلٍ صحيح طوال المباراة: واحدة عند ركلة البداية، والأخرى تمريرة الى الخلف!
قالها بطل مونديال 1994 روماريو بوضوح: «اذا لعب فينيسيوس بشكلٍ جيّد، البرازيل لا يمكن ان تكون بطلة. اذا لعب جيّداً فسيساعدها لا أكثر».
باختصار، البرازيل بحاجة الى نجومٍ جدد من طينة رونالدينيو وروماريو وغيرهم، وإلا ستبقى مسيرة الآلام مستمرة.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية