هلا شكنتنا
تُعتبر مسلسلات البيئة الشامية إضافة قيمة لعالم الدراما التلفزيونية، حيث تقدم تجربة مشاهدة غنية تمزج بين الثقافة والفن والتسلية، وتمثل هذه الأعمال مثالاً على الإبداع والتميز في صناعة الدراما.
حيث شكلت أعمال البيئة الشامية انتشاراً واسعاً في سورية والعالم العربي والعالمي، واستطاعت هذه الأعمال أن تجذب نظر المتابع وتجعله متابعاً دائماً لها، لكونها تنقل الحكايات الدمشقية الأصيلة، حيث ازداد اهتمام الجمهور بمسلسلات البيئة الشامية بشكل خاص وسط زخم عالم صناعة الدراما التلفزيونية العربية، إذ تعتبر هذه الأعمال الفنية جزءاً من التراث الثقافي والاجتماعي الغني للمنطقة، لكونها تسلط الضوء على قيم وتقاليد تاريخية تمتزج بالحاضر بطريقة مميزة، لا تقتصر مميزات مسلسلات البيئة الشامية على الجوانب البصرية فقط، بل تتميز أيضاً بسرد قصص مشوقة وشخصيات معقدة.
نجاح الأعمال الشامية عمل على قلب الموازين
وعلى ما يبدو فإن هذا النجاح الذي حققته هذه الأعمال، جعل صناع الأعمال الفنية يتجهون نحو إنتاج أعمال البيئة الشامية وبكثرة، وخاصة أنها مطلوبة جماهيرياً في الدول الخارجية نظراً للصورة البصرية الجميلة التي تقدمها إضافة إلى حكاياتها المميزة، ولم يتوقف هذا النجاح على صناعة هذه الأعمال تلفزيونياً فقط، بل اتجه مالكو المنصات الرقمية إلى إنتاج لوحات تمثيلية تقدم حكايا دمشقية لكونها تجذب نظر المتابع وتجعله متحمساً لمشاهدتها.
منصات التواصل الاجتماعي أصبحت ممتلئة بالبيئة الشامية
وإذا أردنا الحديث عن أعمال البيئة الشامية، نلاحظ بأنها باتت تعتبر أعمالاً تجارية بحتة وخاصة عبر المنصات ومواقع التواصل الاجتماعي، لأن من يشاهد هذه اللوحات يستطيع أن يعلم بأن حكاياها غالباً ما تكون متناقضة بعض الشيء من ناحية الموضوع والشكل والتوثيق لأحداث الحقبة الزمنية في ذلك الوقت، كما أن ظهور الممثلات وهن يضعن مساحيق التجميل وطلاء الأظافر عبر هذه اللوحات لافت للنظر بشكل كبير حيث يتعارض هذا الأمر مع شكل الحياة التي كانت تعيشها الأنثى في ذلك الزمن.
ومن هذا المنطلق تراود لذهننا عدة أسئلة أهمها «هل لوحات البيئة الشامية تعبر عن حقيقة الحياة الدمشقية أم يتم التعامل مع هذه اللوحات على أنها لوحات تجارية وهدفها المال فقط؟ وهل يوجد حل لوضع حدود ومعايير لصناعة هذه الأعمال؟».
مجمل أعمال البيئة الشامية فنية تجارية
وللتأكد من جهة مهنية تواصلت «الوطن» مع الكاتب «مروان قاووق» الذي أكد لنا بحديثه لنا، قائلاً: «في المجمل تعتبر أعمال البيئة الشامية تجارة فنية، وتقدم هذه الأعمال غالباً للتسلية، وبالنسبة لموضوع اللوحات التي تقدم عبر المنصات فأنا ومجموعة من الكتاب نشارك في كتابتها وكل لوحة تختلف في مضمونها عن غيرها، وبالتأكيد هنالك لوحات تحتوي على تناقضات حول المجتمع السوري والدمشقي تحديداً، إضافة إلى عدم وجود توثيق دقيق للتاريخ والحالة الاجتماعية والسياسية للوحة أو العمل، ولكن لا نستطيع منع الناس عن عملها، لأن أعمال البيئة الشامية تحديداً وفي الوقت الحالي أصبحت علامة مميزة من الفن السوري، ومثل هذه الأعمال مطلوبة خارج سورية أكثر من داخلها. حقيقة هذه الأعمال خارجياً مطلوبة بشغف كبير، وهذا الأمر حقق نقلة نوعية بين الدراما السورية والتاريخية إلى جانب من جوانب تاريخ دمشق، وبرأيي الشخصي لا أرى هذا الأمر سيئاً».
اللوحات التي تعرض غرضها تجاري
كما أضاف قاووق في حديثه، قائلاً: «معظم صناع اللوحات وأعمال البيئة الشامية في الوقت الحالي لا يقومون بالتدقيق على أبسط المواضيع ومنها حالة الممثل أو الممثلة إذا كانوا خاضعين لعمليات التجميل أو البوتوكس، لأن أغلب الممثلين خضعوا لهذه العمليات للأسف، كما أن الممثل بات هو من يختار ملابسه في بعض الأحيان حيث يقوم باختيار ملابس بعيدة كل البعد عن ملابس أهل الشام في ذلك الزمن، إذ يختار الممثل ملابس يمكن أن تكون قريبة من الأطقم التركية أو الأوروبية القديمة، ونحن لا نستطيع منعهم من هذا الأمر، لكن في النهاية يبقى الجمهور هو الوحيد الذي يقرر إذا كان هذا العمل يناسبه ونال إعجابه أو لا، وحقيقة جميع اللوحات التي تعرض على المنصات غرضها ربحي بحت».
التلفزيون وسيلة تسلية فقط
كما أكد الكاتب «مروان قاووق» بحديثه، قائلاً: «وجه لي البعض عدة انتقادات وقالوا بأنني لم أعمل على توثيق الحياة الدمشقية في أعمالي، وأنا أحترم رأيهم بالتأكيد، ولكن نحن اليوم إذا أردنا توثيق تلك الحقبة الزمنية يجب علينا أن نوثقها بشكل دقيق جداً، ومهما حاولنا لن نستطيع الوصول إلى شكل التوثيق الذي ظهر في مسلسل «حمام القيشاني» الذي عمل على التوثيق التاريخي بشكل كبير وحقيقي وصحيح جداً، ولنكون صريحين المشاهد العربي اليوم لا يهمه التوثيق بل يريد أن يشاهد عملاً فنياً مسلياً وبسيطاً، وعندما نريد أن نوثق التاريخ هنا يصبح عملنا عملاً وثائقياً وليس فنياً، حقيقة التلفزيون هو وسيلة مسلية».
سيرياهوم نيوز1-الوطن