جاءت عملية إطلاق النار التي تعرّض لها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، وصنّفها «مكتب التحقيقات الفدرالي» على أنّها «محاولة اغتيال»، لترسّخ سردية العديد من أنصار الزعيم الجمهوري، الذين أمضوا العامين الماضيين في تصوير مرشحهم على أنه «شهيد سياسي»، على خلفية ما يواجهه من تهم جنائية. وفي أعقاب الحادثة، سارع ترامب إلى إصدار بيان يشكر فيه أفراد الخدمة السرية ووحدات إنفاذ القانون، ويقدم العزاء للضحايا، ويسرد فيه، بأسلوب درامي، تفاصيل ما ألمّ به، مستغلّاً الهجوم للعودة إلى الدور الذي يفضّله «ويتقنه»، أي دور «الشهيد والضحية». ومن جهتهم، اعتبر العديد من المراقبين أن البلاد كانت على بعد «خطوة» واحدة (أو سنتمتر واحد) من اندلاع «حرب أهلية»، لو أن الرصاصة استقرت في رأس ترامب، وهو ما سيزيد من مستوى العنف والعدائية والإحباط بشكل غير مسبوق، ولا سيما في أوساط اليمينيين المتطرّفين وغيرهم من أنصار الرئيس السابق.
مقالات مرتبطة
ترامب ليس وحيداً: عن رؤساء اغتيلوا في «الجمهورية المسلّحة» خضر خروبي
العالم «ينعى» الديموقراطية الأخبار
Ad
Unmute
تركيا – تكلفة زراعة الأسنان بالفم الكامل قد تفاجئك تمامًا
زراعة الاسنان في تركيا
وسارعت إدارة الرئيس جو بايدن إلى تلفّق الأمر، بداية من أجل الاطمئنان على ترامب، الذي نجا بأعجوبة، ولئلا تنزلق البلاد في عنفٍ من شأنه أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء. وهكذا، خرجت التنديدات تباعاً، والتي جاءت جلُّها في إطار «نبذ العنف السياسي»، فيما وجّه بايدن، مساء أمس، خطاباً اتّسم بالحذر الشديد، أكد فيه خصوصاً «(أنّنا) لا نعرف شيئاً عن دوافع محاولة الاغتيال»، التي نفّذها توماس ماثيو كروكس (20 عاماً)، داعياً الجميع إلى «عدم الاستعجال في استنتاجاتهم، وانتظار استكمال التحقيقات» التي قال إنها ستكون سريعة. ومّما قاله الرئيس، وهو بيت القصيد، إن «الوحدة في بلدنا هي الهدف الأسمى الآن، حتى وإنْ بدت صعبة التحقُّق بسبب الخلافات (…) نحتاج إلى الاتحاد الآن». ومن جهته، أكد ترامب أنه سيتوجه إلى ميلووكي (ويسكونسن) لحضور مؤتمر الحزب الجمهوري، بعدما قرّر «عدم السماح لمطلق النار بفرض تغيير على أجندتي».
أمّا وأن ترامب خرج سليماً معافًى، فقد باتت الأنظار تتركّز على انعكاسات محاولة اغتياله على نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة. وفيما لا يزال من المبكر تحديد التأثير المباشر لاستهداف المرشح الجمهوري على مسار الاستحقاق الرئاسي، فإن حلفاءه سارعوا إلى التعبير عن شتى أنواع التضامن معه، وتصويره على أنه «الناجي الأخير». كذلك، انتشرت مجموعة من الصور التي تم التقاطها لحظة الهجوم، والتي تُظهر إحداها ترامب ملطّخاً بالدماء ومحاطاً بحرّاسه، وهو يرفع قبضته ومن خلفه يَظهر العلم الأميركي، فيما اكتفى العديد من المشرّعين الجمهوريين بنشر تلك الصور من دون أيّ تعليق. ووصف رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، من جهته، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، ترامب بأنه «لا يُقهر»، فيما قال السناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا والمنافس على منصب نائب ترامب، ماركو روبيو، إن «الله حمى» الرئيس السابق، الذي وصفه المرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، بيرني مورينو، بـ«الأسطورة». بدورها، نقلت صحيفة «واشنطن بوست»، عن المؤرخ الرئاسي في جامعة «رايس»، دوغلاس برينكلي، قوله إن الصور التي انتشرت لترامب في أعقاب عملية إطلاق النار، ستتحوّل على الأرجح إلى «أيقونة»، مشيراً إلى أنه في ذهن الرأي العام الأميركي، «عندما تنجو من محاولة اغتيال، فأنت تصبح شهيداً، لأنك تكسب موجة من التعاطف العام».
كذلك، رأى موقع «أكسيوس» أن «الحزب المتفائل أصلاً في شأن حظوظه في تشرين الثاني (المقبل)، بات يشعر بثقة أكبر وهو يتوجّه إلى المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري»، فيما يبدو أن إطلاق النار، طبقاً للمصدر نفسه، قد حفّز الحزب الذي يعاني عادةً من انقسام حول ترامب، على التوحّد خلفه ودعمه. وقال أحد الجمهوريين في مجلس النواب، لـ«أكسيوس»، إنه «في هذه الحالة، أعتقد أنّنا نحتشد خلف الرئيس ترامب». وإلى جانب «التفاف» القاعدة الجمهورية حول الرئيس السابق، عبّر الملياردير إيلون ماسك، في سلسلة من المنشورات، عن دعمه لترامب، معتبراً أن المرة الأخيرة التي كان فيها لدى أميركا مرشح «فذ إلى هذا الحدّ»، هي في عهد ثيودور روزفلت. وسرعان ما تبع ماسك، مدير أحد صناديق التحوط، بيل أكمان، الذي أعلن «رسمياً» تأييده للرئيس الأميركي السابق، قائلاً في منشور عبر «أكس»: «سأؤيد دونالد ترامب رسميّاً. وأؤكد لكم أنني اتّخذت هذا القرار بعناية وعقلانية وبالاعتماد على أكبر قدْر ممكن من البيانات العملية».
تتركز الأنظار على انعكاسات محاولة اغتيال ترامب على نتائج الانتخابات الرئاسية
وبحسب صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، تأرجحت أسواق الرهانات على نتيجة الانتخابات «بشكل كبير» لمصلحة ترامب، في أعقاب الحادثة التي تعرّض لها. على أنّ الحادثة لن تصب، على الأرجح، في مصلحة ترامب وحده، إذ إنها قد «تنقذ»، طبقاً لمراقبين، الرئيس بايدن، من المأزق الذي وجد نفسه عالقاً فيه خلال الأسابيع الماضية، من خلال صرف الانتباه عن المخاوف والانتقادات المتعلّقة بسنّه، وقدراته الذهنية. وبعدما دعا حوالى 20 نائباً ديمقراطياً، بايدن إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، خرج هذا الأخير، في خطاب يندّد فيه بمحاولة استهداف ترامب، ويعبّر عن امتنانه لأن منافسه «بخير»، قائلاً: «لا يوجد مكان في أميركا لهذا النوع من العنف. هذا مريض. ما حصل هو أحد الأسباب التي تجعل وحدة البلد ضرورية». حتى إنه، بعد دقائق فقط من إخراج ترامب من مسرح إطلاق النار، انضمّت الرئيسة السابقة لمجلس النواب، الديمقراطية نانسي بيلوسي، إلى عشرات الديمقراطيين الذين أصدروا بيانات تعاطف وصلوات لترامب. كذلك، ندّد كبير الديمقراطيين وزعيم الأقلية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، بما وصفاه بـ«العنف السياسي»، فيما اعتبر الرئيس السابق، باراك أوباما، بدوره، أنه «لا مكان على الإطلاق للعنف السياسي في ديمقراطيتنا. على الرغم من أننا لا نعرف بالضبط ما حدث، يجب أن نشعر جميعاً بالارتياح لأن الرئيس السابق ترامب لم يُصب بأذى خطير…». ومع هذا، لم يتردّد عدد من المسؤولين الجمهوريين، قبل خروج ترامب من المستشفى حتى، في تحميل بايدن مسؤولية الهجوم على مرشحهم، إذ أشار النائب مايك كولينز (جمهوري من ولاية جورجيا) إلى تصريحات كان قد أدلى بها بايدن، خلال حفل لجمع التبرعات، الإثنين، وقال فيها إنه يجب وضع «ترامب في مرمى الهدف»، كاتباً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إنّ «جو بايدن هو من أعطى الأوامر» لتنفيذ العملية.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية