شربل كريّم
ستجمع دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس من 26 تموز الحالي حتى 11 آب المقبل، كوكبة من الرياضيين والرياضيات الذين يعدّون الأفضل في اختصاصاتهم. أنظار العرب ستتركّز على أبطالهم وبطلاتهم، وأنظار العالم ستذهب باتجاه الصراع على مراكز اللائحة الذهبية، والصراعات السياسية المثيرة للجدل
10500 رياضي ورياضية سيتواجدون في ألعاب باريس، حيث الطموح مشترك: تذوّق طعم الذهب أو الفضة أو البرونز.مشوار صعب كون الألعاب الأولمبية في باريس تضمّ الأفضل في كل رياضة، وحتى في الألعاب الجماعية التي لا تُعدّ أساسية فيها، والدليل أن منتخب الولايات المتحدة الأميركية لكرة السلة قَدِم بـ «فريق أحلام» يضمّ أبرز عمالقة دوري المحترفين.
كل هذا يجعل من أولمبياد باريس على قدرٍ عالٍ من الأهمية وسط حظوظٍ أكبر للبعثات العربية مقارنةً بألعاب طوكيو 2020.
العرب حاضرون بقوة
أكثر من 300 رياضي ورياضية من الدول العربية حجزوا أماكنهم من بوابة المسابقات التأهيلية أو التصنيف الأولمبي، ومنهم يقف بين المرشحين لتحقيق إنجازاتٍ كبيرة تُعيد المشهد المميّز للألعاب الماضية عندما سجّلت الدول العربية مجتمعةً أفضل مشاركة لها في تاريخ الأولمبياد بعدما تمكّنت من حصد 18 ميدالية ملوّنة بينها 5 ذهبيات في 9 منافسات مختلفة.
من هنا، يتطلع العرب إلى أبطالهم وبطلاتهم وإلى بعثاتهم على غرار البعثة المصرية التي عادت بـ 6 ميداليات من طوكيو، وتشارك بأكبر عددٍ في تاريخها في باريس، وسط توقعات بإمكانية الوصول إلى حصد 10 ميداليات.
وعلى غرار مصر يُنتظر أن يشارك المغرب أيضاً بأكبر بعثة أولمبية في تاريخه، وذلك منذ بدء مشاركاته الرسمية في دورة روما 1960.
المغرب كان قد حقق 24 ميدالية في تاريخه الأولمبي وقد جاءت عبر رياضتين فقط هما ألعاب القوى (20 ميدالية) والملاكمة (4 ميداليات). ولا يتوقّع أن يشذّ عن القاعدة مجدداً مع الآمال المعقودة حول العدّاء سفيان البقالي، الذي أحرز ذهبية طوكيو في سباق 3000 متر موانع، وحول بطلة الملاكمة خديجة المرضي التي تُوّجت بذهبية بطولة العالم الأخيرة.
حظوظٌ أكبر للبعثات العربية مقارنةً بألعاب طوكيو 2020
وليس بعيداً من المغرب، تعقد تونس الأمل على محمد خليل الجندوبي في التايكواندو بعد غياب السباح أيوب الحفناوي الذي كان مرشحاً فوق العادة للتتويج، بينما تتصدّر قطر المشهد بالنسبة إلى دول الخليج العربي بوجود الرباع إبراهيم حسونة الذي أهداها أول ميدالية ذهبية في تاريخها في أولمبياد طوكيو، ومثله فعل بطل الوثب العالي معتز برشم الذي سيطارد ذهبيةً أخرى في باريس.
وفي ظل توقعاتٍ حول حضورٍ قوي للسيدات المتواجدات للمرّة الأولى بنفس عدد الرجال في الألعاب الأولمبية، ينظر لبنان بتفاؤل إلى بطلة الرماية راي باسيل، وبطلة التايكواندو ليتيسيا عون اللتين استحقتا التواجد في أكبر تظاهرة رياضية بفعل حضورهما القوي على الساحة الخارجية.
أزمة روسيا وطموحات فرنسا
وبعيداً من محيطنا العربي، عنوانان بارزان يتصدران المشهد المثير، أوّلهما استمرار «الحرب الباردة» بين روسيا واللجنة الأولمبية الدولية التي عادت لتثير في الإعلام الغربي موضوع فضيحة تنشّط الرياضيين الروس، وأيضاً ذهبت إلى تقييم هؤلاء بين داعمٍ للحرب مع أوكرانيا ورافضٍ لها لمنحهم أحقية المشاركة في الأولمبياد، ما يعني أن اختيارهم لم يكن وفقاً لمعايير رياضية.
هي حرب أولمبية مفتوحة عزّزتها روسيا بإعلانها سابقاً تنظيم «ألعاب الصداقة»، فلا هدنة هنا كتلك التي اعتدنا عليها خلال الألعاب، التي لم تعد المؤسسة الرياضية التي أطلقتها عادلة في حُكمها استناداً إلى ازدواجية المعايير، بحيث تمّ تجاهل كل الأصوات المنادية باستبعاد إسرائيل من الأولمبياد في خضم عدوانها المدمّر ضد فلسطين.
بطبيعة الحال، أزمة الروس الحاضرين بقوة عادةً في رياضاتٍ مختلفة قد تفتح الباب أمام فرنسا مثلاً من أجل الحضور بقوة في أولمبيادها، وهي التي وضعت (عبر وزيرة الرياضة السابقة لورا فليسيل) عند حصولها على شرف الاستضافة عام 2017 هدفاً بالوصول إلى 80 ميدالية في ألعاب باريس.
لكن بحسب معهد «Gracenote» للدراسات ونموذجه الرياضي القائم على نتائج المسابقات منذ الألعاب الأولمبية الأخيرة في طوكيو، فإن فرنسا، لن تصل إلى هذا العدد من الميداليات، ولو أن الألعاب تُقام على الأراضي الفرنسية وأمام المشجعين الفرنسيين، فهذا الرقم إذا ما تحقق سيكون تاريخياً، لأن فرنسا تجاوزت هذا المجموع مرة واحدة فقط في تاريخها، وكان للمفارقة على أرضها خلال دورة ألعاب باريس عام 1900 (102 ميدالية).
المنطق يقول إن مضاعفة حصيلة طوكيو 2020 هو الأقرب إلى الواقع، ففي اليابان، حصدت فرنسا 33 ميدالية، منها 10 ميداليات ذهبية. وإذا صحّت توقعات «Gracenote»، فهي ستحتل المركز الثاني على لائحة الميداليات بـ 32 ميدالية ذهبية كحدٍّ أقصى، وهو رقم قياسي تاريخي للبلاد.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية