سعيد محمد
لندن | داهم العشرات من عناصر الشرطة الألمانية، مدعومين بقوات مكافحة الإرهاب، «المسجد الأزرق» في هامبورغ، شمال البلاد، و53 مبنى آخر في جميع أنحاء ألمانيا، في حملة قمع أمنية غير مسبوقة استهدفت خصوصاً المكوّن الشيعي. وقالت وزارة الداخلية الألمانية إنها حظرت رسمياً «المركز الإسلامي» في هامبورغ، وكل المنظمات التابعة له، على خلفية ما قالت إنه «الدعوة إلى الحكم الشمولي (أي نظام ولاية الفقيه)، ومعاداة السامية العدوانية، ودعم تنظيم حزب الله (المصنّف إرهابياً وفق القانون الألماني)». ووفق سكان وشهود، فإن قوات من الشرطة داهمت وأغلقت ثلاثة مساجد أخرى يرتادها مسلمون شيعة في العاصمة برلين وفرانكفورت وميونيخ.وفي أعقاب ذلك، نفت وزيرة الداخلية، نانسي فيسر، أن تكون الدولة تسعى من وراء حملتها إلى استهداف الدين الإسلامي. وممّا قالته في تصريحات صحافية: «نحن نفرّق بوضوح بين الإسلاميين المتطرّفين الذين نتّخذ ضدّهم إجراءات صارمة، والعديد من المسلمين الذين ينتمون إلى بلادنا ويعيشون عقيدتهم بسلام». واتّهمت الوزيرة، التي تنتمي إلى حزب المستشار الألماني أولاف شولتس، «المركز الإسلامي» بالترويج لـ«أيديولوجيا إسلامية شمولية في ألمانيا»، رأت أنها «موجّهة ضد كرامة الإنسان، وضدّ حقوق المرأة، وضدّ القضاء المستقل، وضدّ دولتنا الديموقراطية»، مدعيةً أن تحقيقات الاستخبارات الألمانية، بعد السابع من أكتوبر، خلصت إلى أن «المركز يقوم بدور تآمريٍّ للغاية»، وأنه عمل بعناية على صياغة واجهة خادعة من التسامح والتعايش مع مكونات المجتمع الألماني، بينما كان يعمل بلا كلل وراء الكواليس للترويج «لثورة إسلامية».
من جهته، ينفي «المركز الإسلامي» دائماً اتهامه بالتشدّد الديني، علماً أن نشاطاته تخضع للتدقيق المكثّف من قِبَل الاستخبارات الألمانية منذ ثلاثة عقود، بسبب صلاته المفترضة خصوصاً مع «حزب الله» اللبناني. وبحسب الصحف الألمانية، فقد صنّفت أجهزة أمنية، «المسجد الأزرق»، في عام 2017، بأنه «أداة» للنظام الإيراني، لكن يبدو أن الحملة الأخيرة مرتبطة بالاحتقان السياسي والاجتماعي في ألمانيا بسبب الدعم الذي تقدّمه ألمانيا لإسرائيل في عدوانها على غزة، وقمعها المستمرّ لكل أشكال التضامن مع الضحايا. بدورها، لم تعلّق أيّ من منظمات حقوق الإنسان على الحملة الأمنية ضد مؤسّسات المسلمين الشيعة، لكن وزارة الخارجية الإيرانية استدعت السفير الألماني في طهران، «لإدانة السلوك العدائي» لسلطات برلين، محذّرة من «عواقب مثل هذه الأفعال التي تجسّد حالة متقدّمة من الإسلاموفوبيا، وقد تتسبّب بتوتّرات طائفيّة ودينية».
وقّعت الحكومة الألمانية اتفاق تعاون دفاعي شامل مع المملكة المتحدة يُعدّ الأكبر من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية
من جهة ثانية، وقّعت الحكومة الألمانية، اتفاق تعاون دفاعي شامل مع المملكة المتحدة، يُعدّ الأكبر من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية، وتعهّدت بموجبه بإعادة دمج الصناعات الدفاعية البريطانية بشكل عاجل في سلاسل التوريد الأوروبية بعد أربع سنوات من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقال وزير الدفاع البريطاني الجديد، جون هيلي، إن التعاون الدفاعي بين البلدين يمثّل خطوة أولى لحكومة «حزب العمل» على طريق «ضبط العلاقات» مع الحلفاء الأوروبيين، و«إعادة التموضع الاستراتيجي» للمملكة المتحدة في محيطها الإقليمي، بعد سنوات من العلاقات المتوتّرة مع عدد من الجيران في عهد حكومات «المحافظين». أيضاً، لم يخفِ هيلي استخفافه باتفاق وُقّع قبل أشهر قليلة بين لندن وبرلين، في عهد رئيس الوزراء السابق، ريشي سوناك، إذ وصفه بأنه «مجرّد حبر على ورق». وشكّلت برلين محطّة هيلي الثانية في جولته التي بدأت من باريس، وستأخذه تالياً إلى وارسو (بولندا) وتالين (إستونيا)، في إطار توجّهات تبنّتها الحكومة الجديدة لتدفئة العلاقات مع بروكسل، ووضع أوكرانيا في قلب السياسة الخارجية، وتعزيز موقع المملكة في «حلف شمال الأطلسي».
وعلّق وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، على الاتفاق الدفاعي، بالقول إن الوقت قد حان لوضع العلاقات مع بريطانيا على أسس جديدة، بينما تسعى أوروبا إلى مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في شأن إعادة التسلّح وردع روسيا. ويرى الأوروبيون أنهم بحاجة إلى تطوير أسلحة دقيقة بعيدة المدى بشكل عاجل لمواجهة التفوق الروسي الكاسح في هذا المجال. ومن شأن الاتفاق الأحدث بين برلين ولندن أن يسهم في تسريع هذه الجهود، ولا سيما في حال تولّي حكومة انعزالية التوجهات، مقاليد السلطة في الولايات المتحدة، ما قد يؤثّر على التزامات واشنطن تجاه أمن القارة الأوروبية.
على أن باريس لا تنظر بعين الارتياح إلى هذا التطوّر المتسارع للعلاقات في المجال الدفاعي على خط لندن – برلين، إذ تخشى من تأثير سلبي على وحدة الاتحاد الأوروبي وتَشجُّع دول أخرى على ترك عضويته والاحتفاظ بعلاقات متينة مع دوله الأهم. كما تتوجّس من احتمال التحاق ألمانيا بالمشروع البريطاني لتطوير الجيل التالي من الطائرات المقاتلة الذي انضمّت إليه بالفعل كلٌّ من إيطاليا واليابان، إذ إن ذلك سيعني بالضرورة تجاوز التفاهم الفرنسي – الألماني للعمل المشترك على تطوير مقاتلة متطورة منافسة.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية