لسنوات، اعتقد العلماء أن التغيرات في باطن الأرض، مثل الانفجارات البركانية واصطدامات الصفائح التكتونية، تؤثر في المقام الأول على البيئة السطحية.
وكان يُعتقد أن الأحداث مثل الانقراض الجماعي منذ حوالي 66 مليون سنة والتحولات بين مناخات الجليد والدفيئة كانت مدفوعة بشكل أساسي بهذه العمليات الأرضية العميقة.
ومع ذلك، كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Communications عن جانب جديد ومدهش: يمكن للإشعاع الشمسي أيضاً أن يؤثر على باطن الأرض العميق.
تختلف الإشعاعات الشمسية باختلاف خطوط العرض، ما يؤدي إلى تدرجات في درجات الحرارة على سطح البحر تؤثر على توزيع الحياة البحرية. تنتقل هذه الكائنات الغنية بالكربون إلى داخل الأرض عن طريق الاندساس في الصفائح المحيطية.
فقد اكتشف باحثون من معهد الجيولوجيا والجيوفيزياء التابع للأكاديمية الصينية للعلوم أن هذه العملية تؤثر بشكل كبير على حالة الأكسدة والاختزال في الصهارة القوسية.
وتشير حالة “الأكسدة والاختزال” في الصهارة القوسية إلى التوازن بين ظروف الاختزال (فقدان الأكسجين أو اكتساب الإلكترونات) والأكسدة (اكتساب الأكسجين أو فقدان الإلكترونات) داخل الصهارة المتكونة في الأقواس البركانية.
حيث تعمل الكائنات البحرية ككربون عضوي وتعمل كمختزل رئيسي للأرض الصلبة. وبالتالي، يمكن لحالة الأكسدة والاختزال في الصهارة القوسية أن تعكس كيف يخترق تأثير الشمس عمق الأرض.
تم جمع آلاف العينات من الصهارة للكشف عن التغيرات العالمية في حالة الأكسدة والاختزال والتي تعتبر بالغة الأهمية لاستهداف خامات المعادن مثل النحاس والقصدير والليثيوم، وهي عناصر أساسية لتقنيات الطاقة المتجددة. وقد قدمت هذه العينات رؤى رائعة حول التفاعلات بين مناخ السطح وعمليات الأرض العميقة.
كانت مستويات الفاناديوم والسكانديوم في الصهارة القوسية بمثابة مؤشرات رئيسية في النماذج الجيوكيميائية. من خلال تجميع البيانات الجيوكيميائية العالمية من الصهارة القوسية في حقبة الحياة الحديثة وشوائب الذوبان المستضافة في الزبرجد، وجد الباحثون توزيعاً يعتمد على خطوط العرض للصهارة القوسية مع وجود صهارة أقل أكسدة في خطوط العرض المنخفضة مقارنة بتلك الموجودة في خطوط العرض العليا.
وقال وان بو، الجيولوجي والمؤلف المشارك في الدراسة :”قارنت الدراسات السابقة بشكل أساسي عينات من نفس المناطق الطولية، مثل الولايات المتحدة في نصف الكرة الشمالي والمكسيك في المنطقة الاستوائية، دون العثور على اختلافات كبيرة. ومع ذلك، أظهرت عيناتنا من خطوط العرض المختلفة استجابات أكسدة-اختزال متفاوتة، ما أثار فضولنا، وقد قادتنا محاولة تفسير هذه الاختلافات إلى اكتشاف هذا النمط غير المتوقع”.
ووفقًا لـ WAN: “يشير هذا النمط غير المتوقع إلى أن مناخ السطح له تأثير مباشر على أعماق الأرض. كما يشير أيضاً إلى أن بيئة سطح الأرض ومناخها لهما تأثير حيوي على أعماق الأرض”.
إذن كيف تعمل الشمس في داخل الأرض؟
وقد جاءت أدلة أخرى من دراسات أجريت على قاع البحر، أظهرت انخفاضاً أكبر في رواسب الكربون في خطوط العرض المنخفضة. ويتفاعل هذا الكربون مع الكبريت لتكوين الكبريتيد، الذي ينتقل بعد ذلك إلى الوشاح، ما يساهم في نمط الأكسدة والاختزال المرصود.
وقال هو فانجيانغ، المؤلف المشارك في الدراسة: “يشير النمط المرصود إلى وجود صلة قوية بين بيئة السطح وحالة الأكسدة والاختزال في أعماق الأرض، ما يوفر اتجاهات جديدة لاستكشاف الموارد والتأثيرات البيئية لأنظمة الاندساس في خطوط العرض المختلفة”.
ورغم أن النتائج مقنعة، فإن الباحثين يعترفون بالحاجة إلى مزيد من البيانات الشاملة من الرواسب البحرية العالمية والرواسب المندسة، وتفتح الدراسة آفاقاً جديدة للاستكشاف العلمي.
سيرياهوم نيوز 2 _ الثورة