بدأت بعض الأسر في محافظة درعا تجهيز مؤونتها من “المكدوس” باكراً هذا العام، وذلك بالتزامن مع قطاف بواكير محصولي الباذنجان والفليفلة، في وقت ارتفعت فيه التكاليف إلى الحد الذي وضع الكثيرين أمام خيارين، أحلامها مرّ، إما الاستغناء نهائياً عن مؤونة المكدوس هذا العام، أو تخفيض المخصصات إلى الحدود الدنيا وتجهيزها بكميات محدودة وبمواصفات متواضعة!.
أسعار الموسم هذا العام سجلت تبايناً في التكاليف، ففيما حافظ محصول الباذنجان على أسعار مقبولة عند حاجز ٢٠٠٠ ليرة للكيلو، سجل سعر كيلو الفليفلة ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تراوح بين ٥٠٠٠ إلى ٧٠٠٠ ليرة، وسعر كيلو الثوم ٥٠ ألفاً، وتراوح سعر كيلو الجوز بين ١٢٥ إلى ١٥٠ ألف ليرة، إضافة إلى سعر ليتر الزيت النباتي الذي بلغ ٢٣ ألفاً.
وبالرغم من الأرقام المرتفعة التي قد تصل إليها فاتورة إعداد المكدوس لهذا العام، تصرّ كثير من الأسر على تجهيزه ولو بالحد الأدنى للاستعانة به في أيام الشتاء الطويلة لتقليل النفقات، ما دفع باتجاه التحايل لتأمينها ولو في الحدود الدنيا، من خلال التقليل من الكميات وتخفيض كمية الجوز، أو الاستعاضة بالزيت النباتي بديلاً عن زيت الزيتون، ولو كان على حساب الجودة.
وتؤكد إحدى السيدات في حديثها لـ”تشرين” أن مؤونة المكدوس لا غنى عنها، فهي صمام أمان “بيت المؤونة”، على حدّ وصفها، لذلك حتى ولو ارتفعت التكاليف، فهي تعمد إلى إعدادها لو بكميات متواضعة تتماشى مع إمكاناتها المادية، لافتة إلى أنها في السابق كانت تعمد إلى تجهيز أكثر من ١٠٠ كغ من الباذنجان سنوياً، إلّا أنها اضطرت إلى تقليص الكمية إلى النصف تقريباً، وهي كمية لا تكفي – كما تؤكد – ولكنها تضمن أن يكون طبق المكدوس موجوداً، وإن بكميات أقل، فذلك خيرٌ من عدم وجوده أبداً.
وحول تكاليف إعداد هذه الكمية (٥٠ كيلو) تقدّر السيدة الرقم بمليون ليرة في الحد الأدنى، وتعتبر أن هذا الرقم مرشح للارتفاع أكثر، بل وأن يصبح مضاعفاً، وذلك بناءً على المواصفات ككمية الجوز المستخدمة مثلاً، وأيضاً حسب نوعية الزيت، فهناك من يفضل زيت الزيتون، وفي هذه الحالة تصبح التكلفة مضاعفة، وقد تصل إلى مليوني ليرة، على حدّ وصفها.
ويتربع “المكدوس” على عرش بيت المؤونة الذي بات يشهد تراجعاً مطرداً في محتوياته عاماً بعد آخر، في وقت تتزايد فيه الخشية من أن تتعرض ثقافة المؤونة للانقراض تباعاً على وقع التكاليف الباهظة التي يجري الإنفاق على تجهيزها.
وفي هذا السياق، أوضحت إحدى السيدات (موظفة) أن موسم المؤونة بات ضيفاً ثقيل الظل، فإعداد المكدوس يتزامن مع حلول موعد أصناف أخرى من المؤونة كالبرغل والثوم والملوخية والبامياء والألبان وغيرها، وكلها أصناف تعد ضرورية لموسم الشتاء، لكنها بالمقابل تحتاج إلى ميزانيات “مستقلة” أو قروض لتجهيزها، لافتة إلى أن الحديث عن تقليص الكميات وضغط النفقات والترشيد وغيرها من المصطلحات لا يقتصر فقط على المكدوس، بل باتت السمة الغالبة لموسم المؤونة بكل أصنافه.
وتفضل العديد من الأسر التبكير بإعداد ما أمكنها من المكدوس حسب إمكاناتها المتاحة، للاستفادة من جودة المحاصيل في بداياتها، حيث شهد العام الحالي حضوراً مبكراً لمحصول الباذنجان بأصنافه المختلفة (الحمصي والحموي والبلدي)، فيما لا يزال محصول الفليفلة في بداياته.
وبيّن مدير الزراعة في درعا المهندس بسام الحشيش أن موسم الباذنجان والفليفلة بدأ في المحافظة، وتقدر الكميات التي سيتم إنتاجها بنحو ٥٤ ألف طن، منها نحو ٣٥ ألف طن باذنجان وما يقارب ١٩ ألف طن فليفلة، مشيراً إلى أنه يتم استهلاك كميات من الإنتاج محلياً، وقسم كبير منه يتم شحنه إلى أسواق دمشق وبقية المحافظات.
وبيّن أن محصولي الفليفلة والباذنجان يعدّان من الخضار الصيفية الأساسية في المحافظة بعد البندورة والبطاطا، وسيكون هناك إقبال كبير على هاتين المادتين خلال موسم مؤونة المكدوس .
سيرياهوم نيوز 2_تشرين