آخر الأخبار
الرئيسية » أخبار الميدان » هجوم مباغت على كورسك: كييف تهرب من خساراتها

هجوم مباغت على كورسك: كييف تهرب من خساراتها

ريم هاني

 

في أول عملية من نوعها بعد عامين على بدء الحرب، شنّت كييف هجوماً على منطقة كورسك، التي كانت لا تزال، حتى تلك اللحظة، آمنة، فيما وصف مراقبون الهجوم بأنه واحد من «أكبر التوغلات» التي تقوم بها القوات والمدرعات القتالية الأوكرانية داخل الحدود الروسية منذ بداية الحرب. وحتى صباح أمس، كانت المعارك لا تزال متواصلة في المنطقة، طبقاً لما أعلنته وزارة الدفاع الروسية، التي تابعت أن «عملية تدمير تنظيمات الجيش الأوكراني متواصلة»، مؤكدة أنها «تُفشل محاولات أوكرانية للتوغّل بعمق» في المنطقة. ووفقاً لما أظهرته صور من ساحة المعركة، تَحقّق منها محلّلون عسكريون مستقلون، فقد أسفر الهجوم، الذي بدأ الثلاثاء في المنطقة الواقعة غرب روسيا، عن قتال عنيف، فيما أظهرت مقاطع فيديو، تحقّقت صحيفة «نيويورك تايمز» من «صحتها»، إصابة عربات مدرعة أوكرانية، على بُعد أميال عدة داخل روسيا.من جهتها، أكدت روسيا أن قواتها والطائرات المقاتلة سارعت إلى التصدي للهجوم، فيما قال الجنرال فاليري غيراسيموف، رئيس الأركان العامة الروسي، إن تقدم القوات الأوكرانية «توقف» مساء الأربعاء. وبحسب غيراسيموف، فإن الهجوم الأوكراني شمل ما يصل إلى ألف جندي، مشيراً إلى أن «العدو خسر 315 جندياً، قُتل ما لا يقل عن 100 منهم، بالإضافة إلى 54 قطعة من المعدات، بما في ذلك سبع دبابات». وأكد المسؤول الروسي أن القوات الروسية ستواصل القتال في منطقة كورسك، لهزيمة القوات الأوكرانية واستعادة السيطرة على الحدود. وبحسب وكالة «تاس» الروسية للأنباء، فقد أسفر القصف وضربات الطائرات المسيرة «عن مقتل خمسة مدنيين وإصابة 31 شخصاً، من بينهم ستة أطفال». وفي أعقاب الهجوم، أعلن البيت الأبيض، أمس، أنه يجري اتصالات مع كييف لمعرفة المزيد عن «أهداف» التوغل الأوكراني في المنطقة الحدودية، فيما شدّد المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، على أنه ما من تغييرات طرأت على «السياسة الأميركية الرافضة لشنّ أيّ ضربة أوكرانية في عمق الأراضي الروسية»، وذلك بعدما سمحت الإدارة الأميركية لكييف، في أيار، باستخدام أسلحة أميركية لضرب أهداف داخل روسيا، قرب منطقة خاركيف الواقعة شمال شرقي أوكرانيا.

وبالحديث عن «الأهداف»، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن عضو «مجموعة بلاك بيرد» التي تُعنى بتحليل لقطات من ساحة المعركة، ومقرها فنلندا، باسي باروين، قوله إن «بضعة مئات من الجنود الأوكرانيين، المدعومين بعربات مدرّعة، عبروا، على الأرجح، الحدود في اليوم الأول من الهجوم، قبل أن يصل المزيد منهم في اليوم التالي». وإذ لفت محلّلون عسكريون إلى أن الهجوم قد يكون بمثابة «محاولة لتحويل الوحدات الروسية عن الخطوط الأمامية، وبالتالي تخفيف الضغط على القوات الأوكرانية التي تكافح لاحتواء التقدم الروسي»، فقد أشاروا، في المقابل، إلى أن لدى الجيش الروسي «احتياطياً وافراً من القوات للاستمرار بالقتال»، وأن الهجوم «يهدد في المقابل القوات الأوكرانية التي تعاني من نقص في العديد بالفعل». ويؤيد باروين وجهة النظر هذه، معتبراً، في حديثه إلى الصحيفة الأميركية، أنه «من الناحية العملية والاستراتيجية، فإن هذا الهجوم لا معنى له على الإطلاق»، بل يسهم، غالباً، في هدر كبير في «القوات والموارد التي تشتد إليها الحاجة في أماكن أخرى». ويتابع المحلل أن عدداً من المشاهد تُظهر مشاركة مركبات «سترايكر» القتالية المدرعة، والتي أرسلتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا العام الماضي، في الهجوم.

قد يؤدي الهجوم إلى هدر كبير في الموارد الأوكرانية التي تشتد إليها الحاجة في أماكن أخرى

 

وكانت أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الهجوم بدأ حوالى الساعة الثامنة من صباح الثلاثاء، بمهاجمة «اللواء الميكانيكي 22» التابع للجيش الأوكراني، وحدات حدودية في منطقة كورسك، بدعم من نحو 30 دبابة وعدد من المركبات القتالية المدرعة. ووصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الهجوم بأنه «استفزاز واسع النطاق»، مؤكداً، الأربعاء، أنه «سيلتقي بأجهزة الأمن في بلاده، لتنسيق رد عسكري على الهجمات»، وأنه تم إصدار تعليمات لمساعدة سكان منطقة كورسك. كما دفع التوغل الأوكراني بالرئيس الروسي السابق ونائب رئيس «مجلس الأمن الروسي»، دميتري ميدفيديف، إلى الدعوة، أمس، إلى أن تذهب العملية الروسية إلى أبعد من مجرد «تأمين الأراضي التي تعتبرها موسكو تابعة لها»، واللجوء بدلاً من ذلك إلى «الضغط على مدينة كييف»، ومدن أخرى على غرار أوديسا وخاركيف ودنيبرو وميكولايف وغيرها. كما دعا ميدفيديف إلى استقاء «درس» من الهجوم الأوكراني الأخير على الأراضي الروسية، لـ«هزيمة جيش العدو وسحقه بحزم».

وفيما لا تزال المعطيات حول حجم التوغل الأوكراني غير واضحة بعد، فقد تحدث بعض المحللين عن أنه يتركز في محيط سودجا، وهي بلدة روسية يبلغ عدد سكانها نحو 5 آلاف و500 نسمة، وتقع على بعد حوالى عشرة كيلومترات من الحدود، وتضم محطة غاز لا تزال تؤمّن إمدادات إلى أوروبا عبر أوكرانيا. وبعدما كانت قناة «ريبار» المقربة من الجيش الروسي، قد أعلنت، مساء الأربعاء، أن القوات الأوكرانية «سيطرت على النصف الغربي من بلدة سودجا»، فقد سارع عملاق الغاز «غازبروم» إلى التأكيد، أمس، أنه لا يزال يسلم الغاز عبر محطته في البلدة. كذلك، عمدت موسكو إلى «التقليل» من وزن العملية الأخيرة ودلالاتها. وفي السياق، أفادت «تاس»، نقلاً عن أحد أفراد القوات الأوكرانية الذين تم أسرهم خلال التصدي للتوغل الأوكراني، أن الهدف الرئيسي للقوات الأوكرانية هو الخروج بـ«مقاطع فيديو لقادتها»، لإظهار «بعض التقدم»، وهو ما أكده، في وقت لاحق، ميدفيديف، لافتاً إلى أنه تم تحليل «أسباب العملية الإرهابية التي شنها النازيون الأوكرانيون، بدقة وموضوعية»، ومعتبراً أن العملية مدفوعة برغبة لدى كييف «في إظهار بعض جوانب قوة أفرادها المتضائلة لأسيادها، من أجل الحصول على المزيد من الأموال والأسلحة، وكذلك لجعل روسيا تعيد نشر بعض قواتها من خطوط الاشتباك، إلى كورسك وبيلغورود»، وبالتالي «جعل الفشل يبدو، مؤقتاً، وكأنه نجاح في مجال المعلومات».

ورغم أن أوكرانيا عمدت، في غير محطة، إلى شن غارات على مناطق بيلغورود وبريانسك وكورسك الحدودية الروسية وقصفها، فإن الهجمات عبر الحدود كانت نادرة. ووقعت أولى الهجمات المشار إليها في أيار العام الماضي، إذ نفذها، طبقاً لمراقبين، «مقاتلون روس مناهضون للكرملين، متحالفون مع أوكرانيا»، فيما وقع هجوم بري مماثل في آذار، إلا أنّ الهجمتين لم تشهدا مشاركة مباشرة من القوات الأوكرانية. وفي كلتا الحالتين، كان يُنظر إلى تلك العمليات على أنها «محاولة لإثارة القلق في أوساط الجمهور الروسي، وتقويض جهود بوتين لعزله عن الحرب». على أنّ روب لي، العضو البارز في «معهد أبحاث السياسة الخارجية»، كتب، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنه لم يكن لتلك الهجمات «أي تأثير يذكر على القتال» في أوكرانيا، كما «لم تكن لها أي تداعيات سياسية محلية خطيرة على بوتين»، مؤكداً، كما عدد من الخبراء السياسيين الآخرين، أنّه إذا كان الهدف من هجوم هذا الأسبوع هو سحب القوات الروسية من أجزاء أخرى من الجبهة، فإنّ حظوظ نجاح تلك الخطة «ضئيلة».

 

سيرياهوم نيوز١_الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الخيام تدافع ولا تسقط… و59 شهيداً في مجازر في بعلبك – الهرمل

        واصل جيش العدو تركيز هجومه البرّي في الأيام الأخيرة على محورين رئيسيّين، باتجاه مدينة الخيام في القطاع الشرقي، وبلدتي شمع – ...