آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » اليهود يضعون أميركا على الصليب

اليهود يضعون أميركا على الصليب

 

 

نبيه البرجي

 

أيّما الأكثر خطراً على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط… ايران أم “اسرائيل”؟ ما من مرة كانت الولايات المتحدة، كأعظم أمبراطورية شهدتها البشرية، على هذا المستوى من الضعف والضياع. قناة “فوكس نيوز” أطلقت صيحة الانذار “أميركا دون رأس”. لم تسأل ما اذا كان بنيامين نتنياهو حل محل جو بايدن في البيت الأبيض.

 

نعيد التذكير بأن دوايت ايزنهاور، بطل النورماندي، أرغم دافيد بن غوريون كأهم شخصية سياسية في تاريخ “اسرائيل”، وموشي دايان كأهم شخصية عسكرية في تاريخ “اسرائيل”، على الانسحاب من ضفاف السويس ومن شبه جزيرة سيناء، بعدما دفع بالأمبراطورية البريطانية والأمبراطورية الفرنسية الى ما وراء التاريخ. هذا ما جعل شارل ديغول يقول، لدى اطلاقه الجمهورية الخامسة، “أنا هنا لأعيد فرنسا الى التاريخ”، ليأتي ايمانويل ماكرون ويعلق جثة كل من لويس الرابع عشر ونابليون بونابرت على بوابة البيت الأبيض.

أين أميركا الآن في الشرق الأوسط ؟ هذا تعقيباً على سؤال السناتور بيرني ساندرز “حتى اذا لم تندلع الحرب الكبرى، هل من أحد يعلم الى أين تذهب هذه المنطقة”؟  كلام عن الشيزوفرانيا الأميركية، من جهة تدفع بالعربة العسكرية الى الميدان، ومن جهة أخرى تحاول أن تفتح بالمفاتيح الصدئة الردهة الديبلوماسية أمام بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار، وما بين الاثنين جدار من الدم والنار.

حين يتنحى جو بايدن عن السباق الرئاسي تحت ضغط قادة الحزب الديموقراطي، لكأنه أخلى مكانه في البيت الأبيض. تصوروا أن يكون الحديث عن “الفراغ الرئاسي في أميركا”، وهي التي طالما أعادت تدخلها في الشرق الأوسط، ومنذ أن صاغ جون فوستر دالاس “مبدأ ايزنهاور” (1957) الى ملء الفراغ في منطقة، قال السناتور جون ماكين انه يستحيل استيعابها، بعدما أحدث الأنبياء فيها كل تلك الفوضى، الا بالقبضة “الاسرائيلية”. الى هذا الحد بلغت “النقطة العمياء” في العقل السياسي الأميركي.

الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية، في “تل أبيب” مرتين خلال أسبوع، للبحث في التنسيق العملاني حول التصدي لأي هجوم بالصواريخ وبالمسيّرات، يمكن أن يشنه آيات الله وحزب الله.  بايدن أفرج عن 3.2 مليارات دولار كمساعدة لنتنياهو، من أصل 14.1 مليار دولار لتفعيل المنظومات الدفاعية لديه.

في القنوات الديبلوماسية،  الأميركيون يدّعون أنهم يفعلون ذلك لاحتواء جنون القادة “الاسرائيليين”، النتيجة عكسية تمامأ. هؤلاء يصبحون أكثر جنوناً حين يجدون الولايات المتحدة الى جانبهم، ليسأل جون آلترمان، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن، “اذا كانت اداراتنا عاجزة الى هذا الحد عن مواجهة بنيامين نتنياهو بالعصا، كيف لها مواجهة فلاديمير بوتين أو شي جين بينغ أو حتى كيم ايل ـ سونغ بالقنبلة النووية”؟

الصورة انعكست. أميركا تقاتل بالوكالة عن “اسرائيل”، لا “اسرائيل” تقاتل بالوكالة عن أميركا. هل هي الكوميديا العسكرية أم الكوميديا الديبلوماسية حين تنقلب الأدوار على ذلك النحو السريالي في الشرق الأوسط؟

وكان المفكر المغربي محمد أركون قد قال لنا “يوماً ما قد يكتشف الأميركيون أن اليهود وضعوا أميركا، مثلما وضعوا المسيح، على الصليب”. لا غباء أكثر من ذاك في محاولة البيت الأبيض، وحيث تقيم البطة العرجاء، ادارة المسارات التاريخية والاستراتيجية وحتى المسارات الايديولوجية بتلك العشوائية، في منطقة لم يتمكن حتى الأنبياء من ترويضها، ليعود كل منهم الى السماء بطريقته الخاصة.

الايرانيون ما زالوا على تهديداتهم الصارخة، وعلى استعراض ترسانتهم العسكرية، وما أدخل اليها من أسلحة حديثة في الأيام الأخيرة، مع أن عملية بتلك الدقة، وفي مواجهة “الاسرائيليين” والأميركيين معاً، تقنضي الحد الأقصى من السرية ومن الدقة. أما حزب الله  كقوة ضاربة تشكل الهاجس الوجودي والحقيقي للجنرالات و”للحاخامات”، فهو يتصرف ويخطط بعيداً كلياً عن الضوء وعن الصراخ.

هذا ما يثير الهلع لدى “الاسرائيليين” الذين يقول العقلاء بينهم (وكان هذا عنواناً لاحدى مقالاتنا رأس نتنياهو بين يدي نصرالله) ، لا يبالغ من قال لنا “سيدركون ما هي جهنم”، ليضيف “ان اكبر الخائفين هو نتنياهو الذي بات يستشعر أن رأسه سيتدحرج”.

حتماً سيتدحرج على أبواب جهنم!!

(سيرياهوم نيوز 1-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل حان دور سورية في حرب التدمير والابادة؟

  ميخائيل عوض تزداد مناسيب القلق على سورية ومستقبلها وتكثر التسريبات والتحليلات عن خطط اجتياحها. فاين تذهب الامور؟ وما هي المعطيات؟ نتنياهو اعلن حربا وجودية ...