الرئيسية » كلمة حرة » غزة وعفيرة والعرب  

غزة وعفيرة والعرب  

 

 

مالك صقور

 

في القرن الثالث قبل الميلاد ، كانت القبائل العربية ترتحل من سورية الجنوبية ، وأطراف الجزيرة العربية حتى حدود مصر مروراً بفلسطين .. وكان الطاغية ( عملوق ) ، يمارس الطغيان والاستبداد و الإذلال والنهب والأغتصاب لكل القبائل .. والقبائل خاضعة خانعة . وكان عملوق قد أمر فيما أمر ، أن كل فتاة تُزف عروساً ، ستُقاد إليه ليفترسها قبل عريسها . والعريس في الخارج يقف مذلاً مهاناً ..

وحدث ليلة عرس عفيرة أن سيقت إلى عملوق ليفترسها كما جرت العادة .. وبعد أن قضى منها وطره ، وأخلى سبيلها ، خرجت عفيرة من مخدع عملوق ، معفرة بدمائها ، شاقة درعها ، رافعة ثوبها ، والقبيلة خانعة ترى وتسمع … عندئذ صرخت عفيرة فيهم قائلة :

من العار تمشي في الدماء فتاتكم عشية زفتها النساء إلى بعل

من العار ما يؤتى إلى فتياتكم وأنتم رجال فيكم عدد الرمل

ولو أننا كنا رجالاً و كنتم نساءً لكنا لا نقر بذا الفعل

فموتوا كراماً أو أميتوا عدوكم ودبّوا لنار الحرب بالحطب الجزل

وإلاّ فخلوا بطنها وتحملوا إلى بلد قفر وموتوا من الهزل

وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه فكونوا نساء لا تعيب من الكحل

فاانتفض أخوها ودعا قومه وهجموا على الطاغية عملوق … وثأروا لكرامتهم وتخلصوا منه ، وسجل التاريخ تلك الانتفاضة باسم عفيرة .

واليوم ، وبعد خمس وسبعين سنة من الاحتلال والتشرد والذل والهوان ، والقبائل العربية خانعة خاضعة .. وكما انتفضت عفيرة ذات يوم ، انتفضت غزة كما عفيرة ..لكن مازالت القبائل نائمة . أكثر من عشرة شهوروالمجازر والمحارق تفتك بالأطفال والنساء والشيوخ من سكان غزة ، والمقاومة تزداد قوة ومنعة ، والكيان الصهيوني يزداد هستيرية ، فينتقم من الأطفال والنساء . ويقوم بالإبادة الجماعية ، ومجزرة العاشر من آب في صلاة الفجر أكبر برهان على إفلاس جيش الاحتلال الذي لم يستطع أن يحقق شيئاً من أهدافه ، سوى هذه المجازر والمحارق ، التي تتفادى من رؤيتها الابصار .. والمؤسف والمؤلم والموجع أن شعوب العالم هبت وانتفضت وتظاهرت وتضامنت مع الشعب الفلسطيني ومع غزة المقاومة ..والعرب يتفرجون .وفي الوقت نفسه ، سكان الكيان الصهيوني فر من فر ، وغادر من غادر ، ومن بقي يطالب بوقف الحرب ، وتبادل الأسرى .. لأن ” إسرائيل ” تنهار من الداخل ..كل يوم وكل ساعة ..وقد انفضحت في الخارج وفقدت سمعتها وهيبتها .. ولولا الولايات المتحدة وبعض الأنظمة العربية تحررت فلسطين ،و عاد الشعب الفلسطيني إلى أرضه وقرر مصيره بنفسه .. إنه العار يا عرب . وأطفال غزة يصرخون : واعرباه ؛ وإسلاماه ؛ وا معتصماه ، لكن أصبح “للأمتين ” العربية والإسلامية إذن من طين وإذن من عجين .. ويبقى أن نوجه التحية والتقدير وسلام تعظيم لجبهات الإسناد ومحور المقاومة ، أنصار الله في اليمن ، وفي العراق وسورية وحزب الله في لبنان والداعم الأكبر إيران ..ورحم الله عمرو بن ربيعة الذبيدي الذي اختصر حال العرب حين قال :

ولو نارٌ نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد

لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لاحياة لمن تنادي

(موقع سيرياهوم نيوز-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مواسم المازوت .. ؟!

  سلمان عيسى وصلتني امس رسالة من محروقات تخبرني انه ( تم حجز دور تدفئة ) .. ذات الرسالة وصلت العام الماضي ، والعام الذي ...