| مايا حمادة
تخرجت باختصاص رسم معماري في المعهد التقاني الهندسي وأخذتها الحياة الأسرية قليلاً ولم تتفرغ بشكل كامل لمجال الرسم والفن التشكيلي ولكن في سنوات الحرب الأولى على بلدنا تغيرت الظروف، أما بالنسبة لها فكانت بمنزلة الشعلة التي صممت من خلالها على إنارة واستئناف مشوارها.
البدايات
هكذا بدأت الفنانة التشكيلية «ريم قبطان» حديثها قائلة: «عدت للدراسة كرسم تشكيلي وهندسي وكانت هذه السنوات الصعبة حافزاً لي وللعديد من السيدات السوريات لتطوير أنفسهن وذاتهن، تابعت الدراسة وصقلتها مجدداً في مركزي وليد عزت ثم أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية ورغبت في التخصص بالخط العربي والدراسة فيه، كانت أولى مشاركاتي في المعارض السنوية لوزارة الثقافة سواء من جهات خاصة أم وزارة الثقافة أو العدل كفنانة مبتدئة، كتب النقاد كلاماً جميلاً عني وعن موهبتي عندما قدمت معرضي الأول الذي احتوى مختلف الخامات الفنية، وفي مضمار الخط العربي كنت مواظبة على الدراسة والبحث، فقررت التلمذة على يد خطاطين معروفين بالخط إضافة إلى اهتمامي الأكاديمي فيه.
المعرض الخاص للخط
حين عرضت جميع اللوحات على السفارة الإيرانية المعنية بالخط وبالفعل بعد شهر ونصف من أولى مشاركاتي الكبيرة تقريباً تمت إقامة المعرض «ميناتور دمشقي» الذي كان على مستوى سفارة دعي له جميع الفنانين والخطاطين، نقطة بداية مهمة لي بالفنون الإسلامية والزخرفة والخط والمنمنمات، فتناولت فيه قصائد نزار قباني وكتبتها وزخرفتها وتحدثت عن القطة بالبيت ورسمت الأشعار ككتابة ورسم وكان له صدى مهم كبداية حقيقية فتحت لي مجال الخط والزخرفة من أوسع أبوابها».
الخط والتجريد
إيمانها بالخط العربي أنه ليس مجرد كتابة وحسب بل هو أصل التجريد وأبو الفنون والحرف الإسلامي بالنسبة لـ«بيكاسو»، ومن شكل الحرف الخارجي ومقاساته ومضامينه داخل العمل الفني نستسقي التجريد والفن الواقعي، «أحببت الخط والتخصص به ولي تجارب عديدة ومعارض فيه وتعمقت هذه التجارب بالتعرف إلى الخطاط الإيراني «علي أصغر نظري» وعلى يده تمكنت من متابعة التخصص في جمعية الخطاطين التي تعنى بتعليم الخط الفارسي وأعمل حالياً لنيل شهادة فوق ممتاز من الجمعية، واكتشفت من خلال دراستي على مدار ست سنوات أن الخط عالم بحد ذاته.
فني والتدريب
أدرس منذ عام 2018 في عدة أماكن، أقمت عدة ورشات عمل مع الجامعات، كما أسست قسم الخط العربي في مدرسة الأوائل النموذجية لأعلّم طلاب الثانوي، إضافة إلى تأسيس الجمعية «بيت الخط العربي والفنون» لدعم فئة الشباب من محبي الخط كنوع من الفن الجميل الذي ينعكس على حياتهم بشكل إيجابي، فهو يحتاج إلى الصبر والاتزان والهدوء لأنه يحوي على مفاتيح التعلم في مجالات أخرى بعكس الفنون التشكيلية المتجلية بصخب الألوان والأفكار أو الخيال أحياناً فتعطي منحى مختلفاً عنه تماماً.
مواجهة العوائق
الطريق لم يكن معبداً بالورود في مجال عملها تشير الفنانة «ريم» وتعلق قائلة: «بالإصرار والتصميم تخطيت كل الصعوبات التي واجهتني سواء بالتدريب أم المتابعة اليومية، أسست جمعية بيت الخط العربي والفنون عام 2020 بهدف أن يكون هنالك مكان على الأرض يرعاه، كنا نحو أحد عشر عضواً ساهموا في تأسيس هذا البيت، من بينهم فنانون إعلاميون وأدباء وشعراء وأطباء ضمن شروط وقوانين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهي أول جمعية تعنى بنشر ثقافة الخط العربي والفنون الأخرى التي تبرز جماليته من الزخرفة والتصميم ورسم المنمنمات، وأي شيء يظهر جمالية الخط يمكن للجمعية الاهتمام به والعمل عليه لكل شرائح المجتمع السوري، وطبعاً نشاطاتنا عديدة منها الدورات التخصصية على مدار العام في كل المناسبات الوطنية والاجتماعية والأهلية سواء بالفنون التشكيلية أم بالخط العربي أيضاً بشكل مجاني في مراكز ثقافية أو في مقر الجمعية بهدف فسح المجال بالنسبة للشباب لتعلم فنون الخط والزخرفة والفن التشكيلي، وتمثل ذلك بإنشاء معرضين أساسيين الأول هو معرض الفن التشكيلي السنوي الرابع الذي يضم فنوناً تشكيلية من الرسم والتصوير والنحت، أما الثاني فهو مهرجان «محبة قلم» المتخصص بالخط العربي والزخرفة والهدف الأساسي هو رفد الساحة السورية بالفنانين الجدد الأكاديميين على قدر الإمكان.
قالوا عن تجربتها
الفنان التشكيلي «ناثر حسني» يقول عن الفنانة ريم: «أفتخر بأنني ساهمت في تطوير موهبة الفنانة المبدعة «ريم» منذ نحو عشر سنوات» كانت بالفعل متميزة حينها، طالبة مجدة ومتفوقة، اختارت منذ البداية أن تكون متميزة من بين كل الطلاب وهي تعمل حتى الآن على نشر ذلك التميز التي توجته بتخصصها في مجال الخط مع إبداعها بالرسم، فهي تبدع بالأساس في إنتاج لوحات الطبيعة الصامتة والزخرفة إضافة إلى التصوير، والذي زادها تألقاً أنها تعمل إلى هذه اللحظة في مجال البحث العلمي والأكاديمي.
الخطاط والمحكم الدولي في مسابقات الخط العربي عربياً وعالمياً «عدنان الشيخ عثمان» يقول عن الفنانة «ريم قبطان»: «هي حالة خاصة في الفن التشكيلي المعاصر، فهي تملك إخلاصاً قلّ نظيره يكمن في محاولاتها الدؤوبة بالارتقاء والتقدير وإدخال كل ما هو جدير بالفن والعلم بآن معاً، دراستها للزخرفة والخط العربي على يد العديد من الأساتذة الكبار وحيازتها على شهادات محلية ودولية جعلها متمكنة من أدواتها بتحقيق التناغم بين روعة الخط العربي بهندسة الروحانية وبين مجال الفن التشكيلي الذي تتقنه لأبعد الحدود، وهي مثال ناصع الوضوح للمرأة السورية المثقفة المعاصرة بتواضعها ومحبتها للجميع».