زياد غصن
في ختام “رباعيتنا” عن الفساد، علينا الاعتراف أن الفساد عبارة عن ظاهرة مجتمعية قديمة، وليست مجرد ظاهرة مؤسساتية حكومية كما يعتقد البعض..
فالفساد موجود لدى القطاع الخاص، المجتمع المدني، والمجتمع الأهلي… كما هو موجود في مؤسسات الحكومة، وربما أكثر وأعمق منها أيضاً.
لا بل أن هناك من يتهم القطاع الخاص بإفساد موظفي المؤسسات الحكومية، معتمداً في رأيه هذا على أن نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص مرتبط بمشاريع ومناقصات وعقود القطاع العام من جهة، وبالقوانين والتشريعات المختلفة التي تصدرها الحكومة لتنظيم العمل في مختلف نواحي الحياة من جهة ثانية.
وعليه فإن إطلاق يد المحاسبة في المؤسسات الحكومية يجب أن يترافق مع قطع أيدي كثير من الفاسدين في القطاع الخاص…
إذ لا يمكن محاسبة موظف يرتشي بخمسين أو مائة ألف ليرة، وهناك تاجر يستورد ويبيع سلع رديئة بمئات الملايين من الليرات…
ولا يمكن سؤال مسؤول عن مصدر أملاكه وعقاراته، وهناك “رجل أعمال” صاعد باتت يمتلك ما لا يصدق، ولا أحد يقول له ماذا تفعل..
ولا يمكن أن نصب جام غضبنا على فساد في مؤسسة، وهناك جمعيات أهلية ومؤسسات مدنية تحتضر من حجم الفساد والهدر فيها..
ما العمل؟
هل يجب العمل على إصدار قانون خاص لمحاربة “تعاظم” الفساد في القطاع الخاص والمجتمع المدني والأهلي؟ أم أن هناك حالياً ما يكفي من تشريعات وقوانين للقيام بذلك؟
لا يمكن الحكم على ذلك قبل القيام بمراجعة جميع التشريعات والقوانين والإجراءات المعمول بها حالياً، وبيان نسب تطبيقها والنتائج التي أسفرت عنها، والأسباب التي جعلت الفساد يستمر ويتعاظم في القطاع الخاص والمجتمع المدني والأهلي…
ثم هل لدينا إرادة رسمية ومجتمعية لفعل ذلك؟
المهمة صعبة بعدما ما وصل إليه الفساد من انتشار… لكنها ليست مستحيلة مع وجود بيئة تشريعية ومهنية مساعدة وداعمة في مواجهة الفساد، وكل ما تحتاجه ليس أكثر من إطلاق يد المحاسبة في جميع الاتجاهات.
طبعاً للتنويه… في كل ذلك نحن لا نقول القضاء على الفساد، بل الحد منه وإعادته إلى حجمه “المعتاد” في جميع المجتمعات منذ نشأتها وحتى اليوم، وبغض النظر كانت نامية أم متقدمة
(سيرياهوم نيوز 1- شام إف إم)