بعد عام على تمرير مجلس النواب قرار عزله الأول، يجد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، نفسه محور محاكمة ثانية غير مسبوقة، تبدأ اليوم في مجلس الشيوخ الذي سيتعيّن على أعضائه تحديد إن كان ترامب قد حرّض بالفعل على هجوم دامٍ استهدف مقرّ «الكابيتول»
إلّا أنّ رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، التي شكّلت فريقاً من تسعة ديموقراطيين لإدارة إجراءات العزل وتوجيه التهم لترامب، أصرّت على ضرورة إجراء المحاكمة، معتبرة أن الفشل في إدانته سيضرّ بالديموقراطية الأميركية. وقالت للصحافيين، الخميس: «سنرى إذا ما كان مجلس الشيوخ مجلس شجاعة أو جبن». وتحتاج إدانة ترامب إلى أصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، ما يعني أنه سيتعيّن على 17 جمهورياً الانشقاق عن صفوف باقي أعضاء الحزب والانضمام إلى جميع الديموقراطيين البالغ عددهم 50 سناتوراً، في سيناريو يبدو شبه مستحيل في الوقت الراهن.
في حين لا يزال ترامب يتمتّع بتأييد قوي فقد يكون الهجوم قد خفّض شعبيته
في كلّ الأحوال، يمكن أن يخسر قطب العقارات السابق الكثير من جرّاء المحاكمة. وفي حين لا يزال ترامب يتمتّع بتأييد قوي في صفوف قاعدته الانتخابية، فقد يكون الهجوم خفّض شعبيته، وهو أمر لا يصبّ في مصلحة الرئيس السابق البالغ 74 عاماً، والذي تروقه فكرة الترشّح مجدداً للرئاسة في عام 2024. وعلى هذا الصعيد، أظهر استطلاع جديد أجراه مركز «إيبسوس»، بالتعاون مع شبكة «ايه.بي.سي» الإخبارية، أن التأييد الشعبي لإدانة ترامب أقوى هذه المرة ممّا كان عليه خلال محاكمته الأولى. وخلص الاستطلاع إلى تأييد 56 في المئة من الأميركيين إدانته مقابل معارضة 43 في المئة. ولا ينوي الديموقراطيون، الذين يديرون إجراءات عملية العزل، الالتزام بالنظريات القانونية فحسب خلال الجلسة؛ إذ تكشف مذكّرة، تلخّص مرافعاتهم، النبرة التي سيعتمدونها، ذلك أنّهم اتّهموا ترامب بأنه أعدّ لوضع متفجّر، وأشعله ثمّ سعى لتحقيق مكاسب شخصية من الفوضى التي نجمت عن ذلك. أيضاً، أشاروا إلى نيّتهم استخدام العديد من تصريحات ترامب العلنية ضدّه، بما فيها الخطاب الذي أدلى به في السادس من كانون الثاني/ يناير، قبيل الاعتداء أمام حشد من أنصاره قرب البيت الأبيض حيث دعاهم إلى «إظهار قوّتهم». وقال ترامب، حينها: «لن تستعيدوا بلدنا قط إذا كنتم ضعفاء»، داعياً إيّاهم إلى «القتال بشراسة»، لينطلق بعدها حشد من مناصريه باتّجاه مقر الكونغرس.
أمّا محامو الدفاع عنه فركّزوا في بيانهم على نقطتين هما: أن المحاكمة «صورية»، إذ لا يمكن إزاحة ترامب من منصب لم يعد فيه؛ وأن الهدف من خطابه كان التشكيك في نتائج الانتخابات، بينما لا تندرج تصريحاته في السادس من كانون الثاني/ يناير إلّا في إطار حرية التعبير التي يحميها الدستور. وفي حين لم تتّضح بعد معالم المحاكمة، رفض فريق الرئيس السابق دعوة الديموقراطيين له إلى الإدلاء بشهادته. من جهتهم، لا يرغب الجمهوريون، الذين يبدو أنهم منقسمون حيال مستقبل الحزب، في مناقشة مسألة المحاكمة المثيرة للجدل طويلاً. وفي أحدث مؤشر إلى الانقسام، أدان فرع ولاية وايومينغ في الحزب الجمهوري، السبت، النائبة ليز تشيني، التي تعدّ ثالثة أرفع شخصية حزبية في مجلس النواب، بسبب تأييدها عزل ترامب، وطالب باستقالتها. ويفضّل العديد من الديموقراطيين طيّ الصفحة سريعاً لإفساح المجال أمام الكونغرس لإقرار مقترحات لبايدن تحظى بأولوية، على غرار خطة إنقاذ اقتصادي ضخمة لمواجهة تداعيات «كوفيد – 19».
(سيرياهوم نيوز-رويترز، أ ف ب)