في السنوات الأخيرة، تراجعت جودة منتجاتنا المحلية، فلم تعد كما سابق عهدها توصف بالمنافسة عالية الجودة بسعر منخفض، لتصبح خارج سباق المنافسة متدنية الجودة بسعر مرتفع، وأكبر دليل هو ارتفاع معدلات شكاوى المستهلكين من انتشار المنتجات الرديئة في الأسواق وتسببها أحياناً في مخاطر جسيمة، ما يستدعي التدخل بكل الوسائل المناسبة لرفع كفاءة جودتها، لتستمر منتجاتنا عالية الجودة كما كانت داخليًا وخارجياً.
ولحل هذه المشكلة لا بدّ لنا من البحث عن الأسباب التي أدت لهذا التدني، فما هي؟
خارج السيطرة
بالنسبة للقطاع النسيجي، يرى الصناعي عاطف طيفور، أنه في السابق كانت هناك مؤسسة رقابية للصناعات النسيجية تسمى “النقوش” وكانت تراقب جودة الإنتاج بالشركات العامة التابعة للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية، وبعد دمار المؤسسة ومخابرها بسبب الأعمال الإرهابية أصبحت الرقابة على الجودة ذاتية من قبل الشركات ضمن مخابرها فقط، كما أنّ مخابر أغلب الشركات النسيجية أصبحت قديمة جداً وأغلب الشركات لا تمتلك كافة الأجهزة اللازمة للفحص.
وأضاف طيفور: كان لدينا هيئة المواصفات السورية تحوي مخابر شاملة تقوم بالرقابة وإصدار شهادات الجودة، وبعد دمار المؤسسة انتقل الكادر إلى البحوث الصناعية والذي يحوي مخبراً خجولاً جداً باختصاص الصناعات النسيجية وأصبحت المؤسسة هامشية بهذا القطاع.
وأشار الصناعي أن تنوع هذه المخابر مجتمعة بالإضافة لمخابر الجامعات كانت تشكل هامش أمان للجودة ولكن خروج بعضها عن الخدمة وعدم تجديد وتحديث بعضها الأخر أدى لخروج الجودة عن السيطرة، لافتاً إلى أن الأجهزة المخبرية ليست محصورة فقط بمراقبة الجودة للمنتج النهائي وإنما هي أساس معايرة الماكينات الإنتاجية لضبط معايير الإنتاج الفنية، وأساس ضبط نسبة الهدر، مؤكداً أن الجودة اليوم أصبحت محصورة بضمير العامل وذمة الصناعي، وهذا يعني أنها ضمن نطاق الأخطاء البشرية وخارج نطاق العلم والمخابر، وخارج المعايير والمواصفات الدولية والسورية.
طيفور: الجودة أصبحت محصورة بضمير العامل وذمة الصناعي وخارج المعايير والمواصفات الدولية والسورية
ويعود طيفور للحديث عن تاريخ الجودة قائلًا أنه بين عامي / ٢٠٠١-٢٠٠٣ / انطلقت خطة استثمارية ضخمة لتجديد وتحديث القطاع العام النسيجي بكافة أقسامه الإنتاجية والرقابية وكان التركيز على المخابر ما انعكس على توسعة المخابر لتغطية كافة الفحوصات اللازمة، وأدى لارتفاع نسبة الجودة للقطاع النسيجي للقمة ومن هنا إنطلقت الصادرات وارتفعت نسبتها لأعلى مستوى بين الأعوام / ٢٠٠٥-٢٠١٠/.
وأوضح طيفور أنه في الوقت الحاضر مع وجود البضائع المهربة من الخيوط والأقمشة وغيرها وبالإضافة لعدم فرض مواصفة محددة سورية كانت أم عالمية على المستوردات ضمن الإجازة وعدم فحص جودة المستوردات النسيجية ومطابقتها مع الفاتورة، وأصبحت الجودة محصورة بشكل مطلق بذمة التاجر، علماً أنّ المنافذ الجمركية لا تمتلك المخابر والأجهزة الكافية واللازمة لفحص الجودة، متمنياً أن يكون تكليف وزارة الصناعة من مجلس الوزراء لوضع خطة إستراتيجية لدعم وتنمية القطاع النسيجي الذي سمعنا عنه مؤخرًا أن يضع الجودة ضمن خطته.
وهن القطاعات الاقتصادية
وفيما يخص قطاع الصناعات الغذائية يشير الخبير الزراعي عبد الرحمن ياسين قرنقلة إلى أنه في الدول التي تنشب فيها الحروب والصراعات والحصار الاقتصادي تتعرض مفاصل الاقتصاد فيها إلى الوهن الذي ينعكس على كافة قطاعات الحياة بما فيها قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات وغيرها، وتعود أسباب تدني جودة المنتجات الغذائية إلى عوامل متعددة يأتي في مقدمتها ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين بفعل التضخم الذي اجتاح الاقتصاد المحلي فضلًا عن صعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج بالجودة العالية ولاسيما أنه في مثل هذه الظروف يتجاوز كثير من المستهلكين شرط البحث عن جودة المنتج ويكتفون بتأمين حاجتهم التي تسد رمقهم بغض النظر عن مطابقتها لمواصفات الجودة أم لا.
قرنفلة: في هذه الظروف يتجاوز كثير من المستهلكين شرط جودة المنتج ويكتفون بتأمين حاجتهم
سيرياهوم نيوز 2_تشرين