رغم المعنويات التي حققها التقدم السريع في مدينة كورسك الروسية، فإن استيعاب القوات الروسية للهجوم، وتحوّل القوات الأوكرانية إلى الارتجال من دون وجود خطة مدروسة للاستمرار، يهدد بعودة عقارب الساعة الأوكرانية إلى الوراء.
أجرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية مقابلات مع جنود ومصادر مطلعة على عملية صنع القرار، التي يقوم بها القائد العام للجيش الأوكراني الجديد، الجنرال أليكساندر سيرسكي، في هجومه على مدينة كورسك الروسية.
وتشير “إيكونوميست” إلى أنه وعلى الرغم من كون سيرسكي “حريص على التفاصيل، فإنه وبعدما تم التخطيط للمرحلة الأولى بدقة، باتت الحملة الآن تتطور على نحو ارتجالي”.
ومع فقدان عنصر المفاجأة، تباطأت وتيرة التقدم الأوكراني. وعليه، قال مصدر في هيئة الأركان العامة إن “زيلينسكي لا يزال يدفع باتجاه تحقيق أقصى قدر من التقدم”.
وبعد أن أعطت “المغامرة الكبرى التي قام بها سيرسكي الأمل للأوكرانيين بعد عام من الأخبار القاتمة المتواصلة، إلا أنّ نتائج العملية، سوف تعتمد إلى حدٍ كبير على كيفية استجابة روسيا”.
ويبدو، بحسب “إيكونوميست”، أن روسيا تسعى إلى “اتباع نهج مزدوج، يتلخص في الرد بشكل أكثر عدوانية على التوغل، مع الحفاظ على الضغط داخل أوكرانيا على طول الخط في دونباس. وسوف يكون هدف الكرملين تحويل كورسك إلى ما هو أكثر من لدغة بعوضة، وسط حمام دم داخل أوكرانيا”.
كذلك، يقول أحد الجنود الأوكرانيين على الأرض داخل روسيا، للصحيفة البريطانية، “إنهم بدأوا بالفعل يرون مستوى مختلفاً من المقاومة وتزايد الخسائر، فيما عزّز الروس قواتهم بوحدات أفضل تدريبياً”، أما القوات الأوكرانية داخل روسيا “فهي أكثر ضعفاً”.
وفي قراءة للآراء المتنوعة، التي تم استطلاعها، ظهرت صورة لمقامرة جريئة لسيرسكي “ولدت من اليأس، وفي سرية تامة” كما عبرت المجلة البريطانية.
تنقل “إيكونوميست” عن مصادرها، أن العملية التي خطّط لها سيرسكي، ونفذها الجيش الأوكراني داخل الأراضي الروسية، “أظهرت أن كييف طورت تكتيكات جديدة فعالة، ولكن بعد 12 يوماً، تباطأ التقدم وبدأت الخطوط العريضة لخط أمامي جديد في الظهور”.
“لا بد أن نعترف بأن ما شهدناه في كورسك هو عملية جديدة ولا أحد يصدق أنّ واشنطن لم تكن تعلم بما يجري”
المحلل السياسي ديمتري بابيتش #الميادين #روسيا #أوكرانيا #نقاش pic.twitter.com/s53HmbrdlJ
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) August 9, 2024
وعن التخطيط للهجوم على أجزاء من روسيا، تقول المجلة “إنه في مطلع تموز/يوليو، بدأ الجنرال سيرسكي “في خضم الاضطرابات الداخلية، في التخطيط”.
ويقول مصدر مقرب من الجنرال: “سيرسكي ليس جيداً في الألعاب السياسية، بل ما يجيده هو الحرب”، وعليه “تم النظر في عدة سيناريوهات لشن هجوم على أضعف النقاط في الخط الروسي، فكان الهدف الرئيسي هو سحب القوات بعيداً من قبضة دونباس، وخلق أوراق مساومة لأي مفاوضات مستقبلية”.
وأبقى الجنرال سيرسكي، بحسب المصدر المقرب، خططه طي الكتمان، “ولم يشاركها إلا مع مجموعة ضيقة من الرئيس والجنرالات ومسؤولي الأمن. كما ترك زيلينسكي الحلفاء الغربيين في الظلام عمداً، بعد أن قاموا بتقويض عمليتين سابقتين لسيرسكي، وتم تسريب إحداهما إلى الروس، وفي مناسبة أخرى، تلقوا تعليمات بإلغائها”.
وتختم المجلة بأنّ “المشهد مهيأ على هذا النحو للحظة درامية في الحرب، إذ تريد أوكرانيا مواصلة هجومها داخل روسيا، وتعطيل خطوط المواجهة، الذي لا يمكن حله إلا بالتفاوض، وتريد روسيا سحق التوغل واستغلال استنزاف موارد أوكرانيا الناتج عن ذلك من خلال مواصلة هجومها في مكان آخر، في بوكروفسك”.
سيرياهوم نيوز 2_الميادين