آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » «حياة الماعز»… جحيم العمالة الآسيوية في السعودية!

«حياة الماعز»… جحيم العمالة الآسيوية في السعودية!

جدل علاء اللامي

 

 

يُعدّ فيلم حياة الماعز (Goat Life) من جهة المضمون وثيقة مهمة تفضح الظروف القاسية واللاإنسانية التي يعيشها العمّال الآسيويون في جميع دول الجزيرة العربية ومنها السعودية وقطر والإمارات. وقد أصبح هذا الموضوع حديث الصحافة العالمية والمنظمات الإنسانية وخصوصاً قبل وبعد بطولة كأس العالم في قطر عام 2022.في الواقع، فإنّ مأساة العمّال الآسيويين في دول الجزيرة العربية ليست مشكلة عربية تماماً بمعنى أنّها ليست مشكلة صنعتها الأنظمة العربية في هذه المنطقة فقط، بل هي أيضاً مشكلة حكومات بلدانهم الأصلية، وهي بالدرجة الأولى مشكلة الفقر والعوز في دول الفساد والتبعية التي جعلت الملايين يفرّون من هذه البلدان ويفضلون المخاطرة والظروف الحياتية القريبة من العبودية في دول النفط والقمع الخليجية. غير أنّ هذا التحليل لا يخلي طرف الدول المستضيفة للعمالة الأجنبية من المسؤولية، وهي مسؤولية ثقيلة وواضحة لكنّه يريد أن يكون عادلاً في توزيع الضوء على المأساة.

 

 

يروّج العمل للصورة النمطية العنصرية عن الإنسان العربي في السينما الهوليوودية

 

من الناحية الفنية، يمكن اعتبار هذا الفيلم متوسط القيمة، إنْ لم يكن عادياً، ربما باستثناء الموسيقى التصويرية التي كانت موحية ورائعة حقاً، وكانت للموسيقار والمغني الهندي المعروف الله ركها رحمن.

لكن ليس هناك أي تميز أو فرادة في كتابة السيناريو من قصة حقيقية جرت لعامل هندي في السعودية، ولا في إخراجه. ومخرجه هو بليسي إيبي توماس، وهو هندي مسيحي من أصول سوريّة أو وُلد لأسرة سوريّة كما تقول سيرته الذاتية. عُرف بأنه صاحب أطول فيلم وثائقي يستمر عرضه 48 ساعة و10 دقائق متواصلة واسمه «100 عام من كريسوستوم» وحاز عدداً من الجوائز المحلية، ولكن فيلمه هذا كان تقليدياً من ناحية خطوطه الإخراجية. لعل أسوأ ما في هذا الفيلم هو أداء بطله بريثفيراج سوكوماران الذي قام بدور العامل «نجيب»، وجاء الأداء قريباً من الأداء المسرحي الجاف ذي الإيقاع البطيء والخالي من التعبير حيناً، والمبالغ فيه حيناً آخر. أما أداء الممثل العماني طالب البلوشي الذي أدى دور الكفيل السعودي الذي اختطف العاملين الهنود من المطار إلى مزرعته لتربية الماشية، فقد كان جيداً ينبئ بممثل قدير ومبدع، وقد نال البلوشي الكثير من تهجّمات الذباب الإلكتروني السعودي على مواقع التواصل الاجتماعي لا لشيء إلا لأنه وافق على التمثيل في هذا الفيلم!

لا يخلو الفيلم من غمزات مغازلة للصهيونية

 

من الرسائل التي حاول الفيلم بثها وترويجها تلك التي طاولت شخصية الإنسان العربي البدوي العام، حيث وصف بالقذارة والجشع والبخل القسوة، فهو «شخص يستحمّ ببوله وعرقه ولم يلمس الماءُ بدنه لسنوات طويلة»، كما جاء على لسان بطل الفيلم. وهذه هي الصورة النمطية السلبية العنصرية للإنسان العربي في السينما الهوليوودية ولم يفعل المخرج الهندي سوى أنه «هنَّدها». إن المحمول العنصري الكاره للعرب واضح في هذه المضامين، ولا يشفع له أو يخفف منه أنّ المخرج جعل الشخص الذي ينقذ العامل الهندي من الموت في الصحراء رجلاً عربياً أيضاً في لقطة لا تستغرق أكثر من دقيقتين. بل إن الفيلم لا يخلو من غمزات مغازلة الصهيونية بشكل ملغز حين أطلق على العامل الأفريقي الذي يأتي لإنقاذ العاملين الهنود من جحيم الرعي في الصحاري العربية اسمه «إبراهيم»، ليس هذا فقط بل إن العامل الهندي يصف إبراهيم الأفريقي بأنه «كالنبي موسى الذي أرسله الله لإنقاذنا»!

لقد ضُخِمَ هذا الفيلم ومُنح وزناً أكبر من وزنه رغم أن موضوع مأساة العمالة الأجنبية في دول الجزيرة العربية يستحق المعالجة في أكثر من فيلم يقوم على الموضوعية والصدق ومحايثة جوهر مأساتهم التي بدأت في بلدانهم ثم قذفت بهم إلى الجحيم بمقلاع الصراع الطبقي والفقر، وفي البلدان المستضيفة لهم بعد ذلك والتي استقبلتهم بأحضان الاستغلال والقسوة وعدم الإنصاف.

 

* «حياة الماعز» على نتفليكس

*كاتب عراقي

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...