يوسف فارس
غزة | يسلك رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في زيارته المنتظرة إلى قطاع غزة، أطول الطرق الممكنة وأصعبها؛ إذ أعلنت وكالة الأنباء الرسمية «وفا» أن القيادة الفلسطينية شرعت في الخطوات الإجرائية لذلك، وأُولاها تبليغ إسرائيل بطلب الموافقة على تنظيم الزيارة التي يصرّ الرئيس على تنفيذها حتى ولو كلّفته «حياته»، وفق ما قال في خطابه أمام البرلمان التركي في منتصف الشهر الجاري. المشهد الذي أراده رئيس السلطة، والمتمثّل في صناعة توازن – مختل بكل تأكيد – مع الخطاب الذي ألقاه رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس الأميركي، لم يثر اهتمام أحد في القطاع، فيما البعض تفاجأ أصلاً بأن للفلسطينيين رئيساً، إذ لم يتّخذ عباس، منذ بداية الحرب، أي موقفٍ معلن ذي فائدة، بل ألقت السلطة وبعض القيادات «الفتحاوية»، في بعض خطاباتها، اللوم على المقاومة وحركة «حماس» حيال ما ترتكبه إسرائيل من مجازر بحق المدنيين. على أن اللافت للانتباه، والذي يجرّد الخطاب المذكور من كونه خطوة معنوية فحسب، هو الإعلان الجدّي عن مواصلة الخطوات العملية لتنظيم الزيارة، إذ نشر مكتب رئيس السلطة، أمس، عدداً من المواد القانونية ذات الصلة ببدء عملية التنظيم تلك. وفي المادة الثانية، أعلن عن تشكيل اللجنة التحضيرية للزيارة، وهي تتألف من أمين سرّ اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير» ووزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، ومعه أحمد مجدلاني وعزام الأحمد وصالح رأفت وواصل أبو يوسف وبسام الصالحي ورمزي رباح وفيصلي عرنكي وعدنان الحسيني ورئيس «المجلس الوطني» روحي فتوح. ووفقاً للمادة الثالثة، فإنه من المقرّر أن تتولّى اللجنة التحضيرية مهام متابعة الترتيبات اللازمة للتوجّه إلى غزة مع الأمم المتحدة والأطراف الدولية والإقليمية والعربية والإسلامية كافة، وإجراء حوار وطني مع مختلف القوى السياسية، وصولاً إلى إبرام تفاهمات لتشكيل إجماع وطني عام حول جميع المسائل الهامة ذات العلاقة، والتحرّك السياسي والدبلوماسي والقانوني لحشد الطاقات الدولية كافة من أجل تنفيذ خطة للتحرّك، تكون معتمدة من اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير»، ومن ثم وضع الآليات للخطوات الملموسة في اتجاه تجسيد دولة فلسطين والإعلان الدستوري للمجلس الانتقالي.
الشارع يعي حجم السلطة المتضائل في مراكز القوى الفاعلة
على أنه في غزة، التي طالت حربها حتى غدا معها الجميع كمن ينتظرون «غودو» ليخلّصهم منها بأي طريقة، لم يسمع أحد بكل تلك الخطوات، ولا يناقش الشارع المكان الذي وصل إليه أبو مازن في طريق مجيئه إلى غزة لوقف الحرب، على رغم أن السلطة الفلسطينية على كل علّاتها، أضحت ربما خياراً مقبولاً ومفضّلاً على كل البدائل التي يتحدّث عنها إعلام العدو يومياً، من مثل القوات الدولية، أو استمرار السيطرة الإسرائيلية على القطاع، أو القيادة العربية. غير أن الشارع الذي أضحى يعي حجم السلطة الفلسطينية في مراكز القوى الفاعلة، حيث تُستثنى حتى اليوم من أي تمثيل على طاولة مفاوضات صفقة وقف إطلاق النار، يدرك أن أبعاد هذه الحرب أعظم، وخطورتها وأهداف إسرائيل فيها أكبر من سلطة ينتظر رئيسها إذناً إسرائيلياً لزيارة القطاع. وبالنتيجة، ليست زيارة تسلك بروتوكولاً كذاك، يمكن أن توقف حرباً بهذا الحجم.
سيرياهوم نيوز١_الأخبار