الرئيسية » مجتمع » «الشاباك» يقرع جرس الإنذار: «الإرهاب اليهودي» يغيّر وجه إسرائيل

«الشاباك» يقرع جرس الإنذار: «الإرهاب اليهودي» يغيّر وجه إسرائيل

بيروت حمود

 

ليست الأعمال الإرهابية التي يمارسها المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة ضد الفلسطينيين، بالجديدة. كما أنها ليست محض أعمال انتقامية عشوائية، وإنما هي جزء من مخطط منهجي يهدف إلى خلق بيئة طاردة للفلسطينيين عبر جعل حياتهم جحيماً لا يُطاق، بدءاً من تسميم مواشيهم، مروراً بحرق محاصيلهم الزراعية ومركباتهم وبيوتهم ومصالحهم، وصولاً إلى قتلهم هم أنفسهم من خلال إطلاق النار أو رمي الحجارة عليهم… وليس انتهاءً بسرقة أراضيهم والاستيطان فيها. ومع ذلك، تشهد الاعتداءات التي تُعرف في الخطاب الإسرائيلي باسم «الإرهاب اليهودي»، تصاعداً متسارعاً، خصوصاً منذ تولّي حكومة «معسكر المؤمنين» السلطة نهاية عام 2022؛ إذ تمكّن التيار الصهيوني الديني الذي يستمد قوّته من مستوطني الضفة خصوصاً، من السيطرة على مفاصل أساسية في الحكم، وهو ما تجلّى مثلاً في تولّي رئيس كتلة «الصهيونية الدينية»، بتسلئيل سموتريتش، إضافة إلى وزارة المال، منصباً مستحدثاً في وزارة الأمن بات بموجبه يملك صلاحيات واسعة في «الإدارة المدنية»، فضلاً عن تولّي إيتمار بن غفير، وزارة الأمن القومي، المسؤولة عملياً عن الشرطة و«حرس الحدود» وعن تطبيق القانون وإنفاذه على مستوطني الضفة، مع ما عناه ذلك من إرخاء الحبل كلياً للأخيرين لممارسة أعمالهم من دون أي قيد.وتعزّزت العمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين، سالكةً منحى أكثر وضوحاً واتساعاً، منذ اندلعت الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ حيث باتت تستهدف قرى كاملة، بدعم واضح من وزراء ومسؤولين إسرائيليين، فيما لم تكن دعوة سموتريتش إلى «حرق حوّارة»، إلا مجرّد حلقة في سلسلتها. وكان تولّي سموتريتش منصب وزير في وزارة الأمن – وهو الذي ينحدر من تيار ديني يؤمن بأن الاستيطان فريضة إلهية، والامتناع عن القيام بها مخالفة للشريعة تجلب العقاب لليهود – تسبب بتضارب في الصلاحيات داخل «الإدارة المدنية»، خصوصاً مع القائد السابق للمنطقة الوسطى في الجيش، يهودا فوكس، الذي أنهى ولايته وخرج إلى التقاعد الشهر الماضي، وخلفه في منصبه اللواء آفي بلوط، المنحدر من تيار الصهيونية الدينية أيضاً، وخرّيج «التحضيرية» ما قبل العسكرية، في مستوطنة «عيلي»، مركز المتطرفين.

وتميّزت فترة فوكس بالتوتر الذي حكم علاقاته بالمستوطنين، إلى حدّ أن جهاز الأمن الإسرائيلي نفسه وضع حَرَساً مرافقاً له خوفاً على حياته من هؤلاء، الذين أرادوا ارتكاب أعمالهم الإرهابية من دون أن يُحاسبوا أو يُعاقبوا. ولا يعني ما تقدّم أن فوكس كان «مناصراً» للفلسطينيين، بل على العكس تماماً، بل كل ما في الأمر أن التغيّرات التي طاولت «الإدارة المدنية» خلال ولاية سموتريتش، سبّبت تآكلاً في صلاحياته، وقيّدت قدرته على الاستمرار كصاحب سيادة على المنطقة المحتلة. ومع تسلّم بلوط منصبه الجديد، تابع المستوطنون أعمالهم الإرهابية التي كان آخرها في قرية جيت الفلسطينية قبل أيام، حيث أحرقوا بيوت الفلسطينيين ومركباتهم، وقتلوا فلسطينياً وأصابوا آخرين، فيما المُلاحظ في هذه الأعمال ارتفاع مستوى «التنسيق» بين قوات الجيش، و«حرس الحدود»، وكوادر التنظيمات الاستيطانية نفسها التي تنظّم الاعتداءات على الفلسطينيين، إلى حد بات معه هؤلاء المستوطنون خارج دائرة المحاسبة كلياً، لا بل إنهم في بعض الأحيان، وانطلاقاً من إحساسهم بالسيطرة والتحكم، يهاجمون قوات الأمن التي تحاول اعتقالهم من داخل بؤر يصنّفها القانون الإسرائيلي ذاته «غير شرعية».

حذّر بار من تحولٍ عنوانه «الانتقال من النشاط المُرَكّز والسري إلى النشاط الواسع والعلني»

 

وتسبّبت هذه الأعمال المنفلتة بإحراج للدول الغربية، التي فرضت دول عدّة منها، في مقدّمتها الولايات المتحدة عقوبات على مستوطنين، وكيانات استيطانية، ومنظمات، في خطوة عُدّت «غير مسبوقة». وعلى إثر تصاعد هذه الموجة، بعث رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي («الشاباك»)، رونين بار، رسالةً حذّر فيها من أن الجرائم التي يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين، تستهدف قيادة «النظام إلى فُقدان السيطرة»، منبّهاً إلى أن الضرر الذي تلحقه هذه الجرائم بإسرائيل «لا يُوصف»، واستمرارها قد «يُغيّر وجه» الكيان. والرسالة التي تكشّفت أمس، بعث بها بار الأسبوع المنصرم إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، ووزراء القضاء، ياريف ليفين، والتربية والتعليم، يوآف كيش، والمالية، سموتريتش، والداخلية، موشي أربيل، وكذلك المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف- ميارا، مع استثناء بن غفير. ووفقاً لما أوردته «القناة 12»، أمس، فإن بار كتب في رسالته: «أكتب إليكم هذه الرسالة بألم، وبقلق بالغ، كيهودي، وكإسرائيلي، وكضابط أمن، حول ظاهرة الإرهاب اليهودي المتزايدة من قبل «فتية التلال»، والتي منذ فترة طويلة باتت ظاهرة واسعة النطاق ضد الفلسطينيين». ولفت بار إلى أن تلك الظاهرة تتوسّع «في ظل الأحداث الأمنية (الحرب)، وتخلّي يد الشرطة، وربما هناك شعور بدعم سري»، موضحاً أن ثمة «عدم قلق لدى المستوطنين من الاعتقال الإداري؛ نظراً إلى ظروف اعتقالهم (المُريحة)، والأموال التي يتلقّونها من أعضاء كنيست عقب إطلاق سراحهم، ومنحهم الشرعية والدعم والثناء، بموازاة حملة نزع الشرعية عن قوات الأمن».

كما حذّر بار من تحولٍ عنوانه «الانتقال من النشاط المُرَكّز والسري إلى النشاط الواسع والعلني؛ ومن استخدام الولّاعة إلى استخدام وسائل قتالية»، لافتاً إلى أن الأعمال الإجرامية للمستوطنين «تُرتكب في بعض الأحيان بأسلحة قانونية وزّعتها الدولة»، في إشارة إلى حملة «التسليح الوطني» التي أطلقها بن غفير بداية الحرب. وطبقاً له، فإنه بينما كان هناك من «يتهرّبون» سابقاً من قوات الأمن، فهم يقومون اليوم بمهاجمة هذه القوات، في ظاهرة عامة «تُقابل بغياب الإدانة من قبل القيادة، والشعور بنوع من الدعم الحكومي». وبيّن أن عمل الجهاز الذي يترأّسه «ليس حلاً لإنهاء هذه الظاهرة»، بل هو «ضمّادة لعلاج أقليّة متطرفة، وليس لمعالجة أسس وجذور المشكلة»، مطالباً بـ«ائتلاف من المشرّعين، والوزراء، والهيئات الحكومية، والحاخامات والقادة، لمعالجة هذه الظاهرة».

ورأى بار في رسالته أن «الضرر الذي لحق بإسرائيل، وخصوصاً في هذه الأوقات، وبالأغلبية الساحقة من جمهور المستوطنين، لا يوصف»؛ حيث تسبّب ذلك بـ«نزع الشرعية العالمية، وأضرّ بتوزيع وانتشار القوات التي لا تزال تواجه تحدياً في تنفيذ جميع المهام، خصوصاً أنها ليست مصمّمة للتعامل مع ظاهرة كهذه، والهجمات الانتقامية (من الفلسطينيين) التي تشعل جبهة إضافية في الحرب، وصولاً إلى تصعيبها عملية خلق تحالفات إقليمية لمواجهة المحور الشيعي». كذلك، تطرّق إلى الاقتحامات الأخيرة للأقصى في ذكرى «خراب الهيكل» التي قادها بن غفير ووزراء آخرون، معتبراً أن «العرض الذي شاهدناه في جبل الهيكل (الأقصى) هو تعبير ملموس (عن الضرر الذي لحق بإسرائيل)، والتقدم في هذا الاتجاه سيريق الكثير من الدماء، مغيّراً وجه إسرائيل بشكل لا يمكن التعرف إليه»، داعياً الحكومة إلى إدانة ذلك ومعالجته لأنه «سيتسبب بخطر أمني كبير للمنطقة».

ورداً على ذلك، أصدر مكتب بن غفير بياناً اتهم فيه بار بأنه «يحاول افتعال اللغط، وما مهاجمة الوزير بن غفير إلا لصرف الحديث عن مسؤوليته (بار) عن فشل السابع من أكتوبر… وهذا لن يساعده. ينبغي إقالته من منصبه».

 

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...