الآلة قوة بطش وسيطرة ، أي آلة يقودها الإنسان هي هكذا بنسب مختلفة بدءاً من البدائية منها إلى أحدث ما يتم ابتكاره و وضعه في متناول الإنسان .
ولا أقول في خدمته لأنه – الإنسان -صار عبداً للتكنولوجيا ، إذ أخذت دوره في القيادة … من السيارة إلى المركبة الفضائية فائقة التطور .
هذا لا يعني أننا نريد أن نبقى أسرى ظلمات العذاب والعمل اليدوي .. بل نريد أن نخرج من طغيان عبوديتنا للآلة إلى عوالم إنسانيتنا ..
اليوم نحن أكثر بؤساً وانغلاقاً من أي وقت مضى مع فورة التطور الهائل فيما يسمى تقنيات الذكاء الصناعي .. فلم يعد العقل هو من يفكر .. بل حل مكانه الحاسوب ، ولم تعد الأسرة أو المدرسة هي التي تربي وتوجه بل البرمجيات والبرامج التي تصدَّر إلينا ..
إذن نحن مرضى الآلات والفضاء الملوث بكل نفايات الخطط التي أعدها الغرب ..
وقد يسأل أحد ما : أليس هو أيضاً مصاباً بهذه الأمراض؟..
بالتأكيد : أصيب بها وتركت أثراً ما في المجتمعات الغربية ولو لم يحدث ذلك لما كانت الدراسات العلمية هناك تبحث في هذه الآثار وتضع خلاصات وتوصيات نفذت ، وخرج بأقل الخسائر من عقابيل السرطان الأزرق ..
وبالوقت نفسه نقله إلينا وزينه .. بل مهَّد له وأمدنا بكل أسباب الانغماس في كهفه وهرولنا جميعا إليه .. لنكون حفاة عراة .. فهل يعقل مثلاً أن تعاقب الكثير من الدول حتى بلقمة العيش والحصار ويمنع الدواء عنها .. لكن يسمح لمن يريد منها أن يستورد أحدث منتجات البرامج والهواتف الذكية .. بل يسهلون له ذلك .. لكنهم يمنعون عنه أي برامج يمكن أن تحدث نتيجة إيجابية في نموه الاقتصادي والاجتماعي ..
هذه الحال جعلتنا أشبه بمن يستحم في العراء على حد قول أحد الكتاب .. نعم اغتسال في العراء كأننا عدنا آلاف السنين حين كانت الوديان ومسيلات الماء مكاناً للاغتسال ، طبعا مع الإشارة أن من كانوا في ذاك الزمن عملوا على التستر ونادراً أن يتلصص أحد على جيرانه في هذا العراء .. بينما اليوم الجميع عراة مهما كان الثوب أو الستار سميكاً ..
عراة من كل شيء نحن ثمن البضاعة التي نستخدمها .. بياناتنا هويتنا .. حزننا فرحنا .. هذا كله يجمع ويحلل ويدرس وتوضع الاستراتيجيات الغربية نحونا بناء عليه .
لايظنن أحد ما أن ما نذهب إليه من باب التنظير .. لا .. إنما من الدراسات الغربية التي صدرت ومازال الكثير منها يُصَّدر ، استقينا الكثير من المعطيات حتى معجمات المصطلحات الرصينة في الغرب حين تقدم تعريفاً ما للعالم الافتراضي تذهب إلى التحذير من الناتج المدمر للعالم الافتراضي وعلى سبيل المثال معكم مفاتيح إصطلاحية جديدة .. معجم مصطلحات الثقافة والمجتمع .. وهو من تأليف نخبة من المفكرين الغربيين ، ترجمه إلى العربية سعيد الغانمي ، وصدر عن المنظمة العربية للترجمة عام ٢٠١٠ ، ولم يكن هذا الطوفان الأزرق قد أنهى ذروته الأولى ..
اليوم ازدحم الفضاء الأزرق بزنابق التكنولوجيا الغبية والذكية وانتشر غلمانها المطيعون ، وتصدعت الكثير من المجتمعات ، وباتت الكهوف الزرقاء حظيرة قيودها من وهم لكنها إدمان كارثي .. وهذا لنا عودة إليه
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة