آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » «كورسك» تنعش الآمال الغربية: أوروبا نحو تعميق العداء لروسيا

«كورسك» تنعش الآمال الغربية: أوروبا نحو تعميق العداء لروسيا

سعيد محمد

لندن | استعادت أوروبا حرارة نشاطها السياسي بعد بيات صيفي استمرّ عدة أسابيع؛ واجتمع القادة العسكريون ووزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل لعقد مشاورات رسمية، بدأت أمس وتتواصل اليوم، بمشاركة وزراء من أوكرانيا وتركيا. وفي الوقت نفسه، بدأ رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، جولةً أوروبية شملت كلّاً من برلين وباريس، قبل أن ينتقل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى صربيا الملتهبة شعبياً، على خلفية اتفاق حكومتها الأخير مع الاتحاد الأوروبي حول تعدين الكوبالت لمصلحة الصناعات الأوروبية.وعلى الرغم من تعدّد العناوين والأجندات المعلنة لهذا الحَراك المحموم، إلا أن كل ذلك الرقص بدا وكأنّه يتم على إيقاع طبول الحرب مع روسيا، ولا سيما بعد الحركة الالتفافية التي قام بها الجيش الأوكراني لاختراق الحدود الروسية من جوار كورسك، وردّ موسكو العنيف (الإثنين والثلاثاء) بصواريخ متطوّرة استهدفت مجمل الأراضي الأوكرانية ومرافق الطاقة والخدمات فيها.

وكان أولَ الواصلين إلى بروكسل، ممثّلو مجموعة الاتصال (حلف شمال الأطلسي – أوكرانيا)، والذين التقوا لمناقشة التطورات في ضوء التصعيد الأحدث في المواجهة الروسية – الأوكرانية، وإعداد موجز لوزراء الخارجية والدفاع الذين توافدوا بعدهم إلى العاصمة البلجيكية لحضور تجمّع غير رسمي للتشاور، كان من المفترض عقده في العاصمة المجرية بودابست، الشهر الماضي، قبل أن تقرّر عدة عواصم مقاطعته حينئذ، كتعبير عن سخطها من زيارة الرئيس المجري، فيكتور أوربان، لكل من روسيا والصين والولايات المتحدة (التقى المرشح الجمهوري دونالد ترامب)، والتي استهدفت تحقيق اختراق دبلوماسي بين موسكو وكييف، فيما ترأس بلاده دورة الاتحاد الأوروبي لستة أشهر. ويُعتقد أيضاً أن اجتماعاً لوزراء مالية منطقة اليورو كان مخطّطاً عقده في بودابست، الشهر المقبل، سيُلغى بسبب إحباط المجر المستمرّ لمحاولات الاتحاد الأوروبي فرض مزيد من العقوبات على روسيا، وتعظيم الدعم المالي لنظام كييف.

ويشارك وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، في تجمّع بروكسل، والذي تشمل الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، الدعم العسكري لأوكرانيا، ودعم قطاع الطاقة فيها، والعقوبات ضدّ روسيا، ومسألة ضمّ كييف إلى عضوية الاتحاد. أيضاً، شاركت كبيرة منسّقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيغريد كاغ، في نقاش حول الوضع في الشرق الأوسط، والدور الذي يمكن الاتحاد الأوروبي لعبه في إدارة التوترات المتزايدة في الإقليم، بما في ذلك الإجراءات الملموسة للتوصّل إلى اتفاق في شأن وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة. وتدفع بعض الدول الأعضاء تجاه إعادة إطلاق عمل مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والذي عُقد سابقاً لتوفير إطار للتنسيق الدائم مع تل أبيب.

يناقش الأوروبيون الدعم العسكري لأوكرانيا، ودعم قطاع الطاقة فيها، والعقوبات ضدّ روسيا، ومسألة ضمّ كييف إلى عضوية الاتحاد

 

وخلال تناولهم لوجبة الغداء، أجرى الوزراء مشاورات غير رسمية مع وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، حول العلاقات بين بروكسل وأنقرة، بعد جفاء تسبّب في تجميد المحادثات في شأن طلب عضوية تركيا في التكتّل، لحوالى خمس سنوات، فيما يُعتقد بأن النقاش تطرّق إلى الوضع المعقّد في جزيرة قبرص. وعُلم أيضاً أن الوزراء ناقشوا خطواتهم القادمة في شأن فنزويلا، بعد محاولات المعارضة المدعومة من الغرب هناك، التشكيك في نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت في تموز الماضي، وقرار «محكمة العدل العليا» الفنزويلية تثبيت فوز الرئيس نيكولاس مادورو لولاية ثالثة تستمرّ ست سنوات. وكان الاتحاد الأوروبي دعا إلى التحقّق من سجلّات التصويت الرسمية، لكنه لم يصل إلى حد الاعتراف بمرشح المعارضة، إدموندو غونزاليس، كفائز.

وسيُعقَد اليوم اجتماع غير رسمي لوزراء الدفاع في الاتحاد، يقدّم خلاله ممثلون عن وزارة الدفاع الأوكرانية معلومات محدّثة عن الوضع على الجبهة، على أن يناقش المشاركون، بحضور وكيل الأمين العام للأمم المتحدة جان بيير لاكروا، والأمين العام المساعد لحلف «الناتو» أنجوس لابسلي، المساعدات العسكرية الغربية، وبعثة تدريب الاتحاد الأوروبي للقوات الأوكرانية، والتقدّم المحرز في استخدام عائدات الأصول الروسية المجمّدة لدى البنوك الأوروبية لتمويل المساعدات العسكرية لكييف، وكذلك مسائل الأمن والدفاع المشترك، والأخطار المترتّبة على ما سمّوه «الوضع في الشرق الأوسط»، «ولا سيما التصعيد الخطير بين إسرائيل وحزب الله، والتحديات في البحر الأحمر ومنطقة الخليج».

وكان كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، استبق الاجتماعات بالدعوة، مرة أخرى، إلى رفع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الغربية لضرب الأهداف العسكرية في عمق الأراضي الروسية، الأمر الذي جعله وزير الخارجية الأوكراني أولوية قصوى لبلاده في خلال الاجتماع، فقال: «أريدهم أن يعودوا – أي الوزراء الأوروبيون – إلى عواصمهم للحصول على الدعم لرفع القيود المفروضة على الضربات البعيدة المدى على جميع الأهداف العسكرية في روسيا». ومع أن القرار في ذلك يقع بشكل أساسي على عاتق الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلا أن الوزير كوليبا يطمح إلى توريط شركاء أوروبيين مهمّين مثل فرنسا وألمانيا، إذ قال: «الاتحاد الأوروبي ركيزة أساسية مهمّة في التحالف الداعم لأوكرانيا، ويمكنه، ويجب عليه أن يلعب دوراً في إقناع الولايات المتحدة باتخاذ هذا القرار».

وبالفعل، فإن وزير الدفاع الأوكراني، رستم أوميروف، وكبير مستشاري الرئيس فولوديمير زيلينسكي، أندريه يرماك، موجودان في واشنطن الأسبوع الحالي، لرفع نداء بهذا الخصوص إلى إدارة الرئيس جو بايدن، ولتقديم قائمة بالأهداف البعيدة المدى في روسيا، والتي يمكن ضربها إذا رَفعت واشنطن قيودها.

وغير بعيد من بروكسل، كان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يستقبل رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في قصر الإليزيه في باريس، قبل أن يطير إلى صربيا في زيارة تستغرق يومين يلتقي خلالها نظيره، ألكسندر فوتشيتش، الذي يواجه تململاً شعبياً واسعاً بعدما وقّع اتفاقاً لتعدين الكوبالت – المهم في صناعة بطاريات السيارات والدرونات – لمصلحة شركاء أوروبيين، ما عدّه كثيرون هناك تخلّياً عن العلاقات التاريخية الوثيقة مع روسيا والصين. ومع أن ستارمر – الذي جاء إلى باريس من برلين حيث التقى المستشار الألماني أولاف شولتس – حمل أجندة معلنة «لإعادة ضبط» العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتجاوز مرحلة «بريكست»، بهدف تعزيز العلاقات في الاقتصاد والمبادلات التعليمية والثقافية، إلا أن مطّلعين على النقاشات في العاصمتَين قالوا إن قضايا الدفاع كانت أساسية، وخصوصاً في ما يتعلّق بتوحيد المواقف حول رفع الحظر على استخدام الأسلحة الأوروبية المرسلة إلى الجيش الأوكراني ضدّ أهداف في العمق الروسي.

وليس سراً أن ثمة خلافاً فرنسياً – ألمانياً لا يزال مستمراً في هذا الخصوص، إذ يضغط جزء عريض من الشارع الألماني لمنع تورّط بلاده في الحرب ضدّ روسيا، ما يمنع الاتحاد الأوروبي من اتخاذ موقف موحّد، فيما تدعم فرنسا قراراً في ذلك الاتجاه، شريطة توافق الجميع، وتحديداً الولايات المتحدة، عليه. وتناور لندن، من جهتها، لتكثيف الضغط على واشنطن، كي تمنح الأخيرة مباركتها لاستخدام صواريخ باليستية متطوّرة ضد روسيا سريعاً، وقبل احتمال انتقال البيت الأبيض بعد انتخابات تشرين الثاني المقبل من عهدة الديمقراطيين إلى الجمهوريين، الأقل تحمّساً لتوسيع نطاق الحرب.

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اليسار الراديكالي الفرنسي يتخذ خطوة أولى في مسعاه لعزل ماكرون

اتخذ حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي الثلاثاء خطوة أولى في الجمعية الوطنية في مسعاه لعزل الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن فرص نجاحه ضئيلة للغاية. وقبل مكتب ...