قال المؤرخ والخبير السياسي الفرنسي جان بيير فيليو إن طبيعة الرد الانتقامي، الذي شنته إسرائيل بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تغيرت مع إعادة احتلال غزة بعد 3 أسابيع من ذلك الهجوم، ثم تغيرت مرة أخرى في السادس من مايو/أيار، مع بدء الهجوم في رفح، مشيرا إلى أن ما ميّز هذا الرد في كل المراحل هو المذابح المروعة.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية -في عموده بصحيفة لوموند الفرنسية- أن الخسائر المروعة الناجمة عن حرب غزة تتفاقم يوما بعد يوم، بعد أن تجاوزت الآن 40 ألف شهيد ونحو 100 ألف جريح، وهو ما يمثل على مقياس فرنسا نحو 1.3 مليون قتيل، ثلثهم من الأطفال، و3 ملايين مصاب (من حيث نسبة عدد الضحايا من إجمالي عدد السكان مقارنة بغزة)، ورغم أن الأرقام مذهلة، فإن الرأي العام الدولي يبدو أنه اعتاد هذا الروتين المرعب.
ومن الممكن، حسب قوله، تفسير هذه السلبية المنتشرة في العالم على نطاق واسع بعوامل مختلفة، أهمها المنع المفروض على الصحافة الغربية من الوصول إلى غزة، مما يخفف من صدمة المأساة المستمرة، ويشجع حملات الإنكار، ولكن ربما يخفف أيضا من فقدان المعنى، كما لو أن هذه المذبحة المروعة أصبحت تتحدى الفهم.
بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته موجة غير مسبوقة من الهجمات على قطاع غزة المعزول عن بقية العالم، مما أدى إلى مقتل ما يقرب من 8 آلاف شخص في غضون 3 أسابيع، واضطرار ثلثي السكان للفرار إلى مناطق وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها “آمنة”.
وتختلف الحملة البرية التي شنتها إسرائيل في قطاع غزة بشكل أساسي عن التدخلات البرية السابقة التي ميزت حربي 2009 و2014 في غزة، لأنها في الواقع عملية إعادة احتلال منهجية ومدمرة، تعتمد على سيطرة إسرائيل الكاملة على محور مركزي يمتد لنحو 7 كيلومترات إلى البحر الأبيض المتوسط، ويقسم القطاع إلى قسمين.
وفي الوقت نفسه -كما يقول الكاتب- تحاول عملية إعادة الاحتلال تفريغ شمال قطاع غزة بأكمله من سكانه، رغم أن 300 ألف منهم يرفضون المغادرة، مما أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء إلى ما يقرب من 35 ألفا، أي إضافة 27 ألفا من الشهداء خلال هذه المرحلة من إعادة احتلال الأراضي.
وغيّر الصراع الدائر طبيعته مرة أخرى مع الهجوم على رفح، حتى إن مؤرخ المحرقة الإسرائيلي أومير بارتوف يرى أنه “من المستحيل الآن إنكار تورط إسرائيل بشكل منهجي في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة جماعية”.
لكن المعدل المروع لعدد الوفيات، الذي كان يصل إلى ألف أسبوعيا انخفض إلى النصف، لكن صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية، بسبب إغلاق معبر رفح الحدودي، تثير مخاوف من الأسوأ بالنسبة للسكان الذين أنهكهم الجوع والحرمان وغياب وسائل نظافة وانتشار الأمراض.
وترى الأمم المتحدة أن معاناة المدنيين في غزة تتجاوز “ما يمكن أن يتحمله أي إنسان”، أما نتنياهو فيطالب الآن باستمرار السيطرة على “ممر فيلادلفيا”، أي 12 كيلومترا من الحدود مع مصر، وهو ما ترفضه القاهرة باستمرار، ومن هنا يأتي الفشل المتوقع لمفاوضات وقف إطلاق النار، حسب “الجزيرة نت”.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم