أصدرت «حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان» بياناً يتعلّق بالتطبيع الإلكتروني ننشر نصّه كاملاً: «بالتزامن مع المعركة القائمة على أرض الميدان ضدّ العدوّ الإسرائيلي، يبتدع العدوّ أساليب جديدة لخرق المجتمع اللبناني باستخدام الفضاء الإلكتروني، حيث بلغنا في «حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان» مراجعات عدة من المتابعين عن وجود مجموعات وصفحات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي تضمّ لبنانيين وإسرائيليين هدفها الأساسيّ الترويج للسّلام مع العدوّ. وبناءً على ذلك، تتبّعنا تلك الصفحات عن قرب لجمع معلومات تفصيليّة حول أهدافها والنقاشات الدائرة فيها، نقدّمها لكم، مع التنويه بأن هذه المعلومات أصبحت بحوزة الجهات الرسمية المختصّة وهي بمنزلة إخبار للأمن العام اللّبناني.معركتنا مع التطبيع الإلكتروني ليست الأولى من نوعها، فقد كانت لحملتنا وقفات عدة لمنع التطبيع الإلكتروني، افتتحناها قبل سنوات بحملة توعية حول منصة Wix وتطبيقها، ما أثمر استجابة لدى الجهات المعنية بقرار حجبه في لبنان. ولكننا فوجئنا منذ أيام بخبر من أحد المتابعين عن أنّ الموقع متاح بشكل طبيعي في بعض المناطق اللبنانية، في مخالفة واضحة لقرار الحجب الصادر عن الجهات المعنية.
ربى سلامة ـ «القدس يا حبي» (كولاج صور على ورق أرشيفي ـــ 68 × 92 سنتم ـ 2020)
قانون المقاطعة وتجريم التواصل مع العدوّ
يجرّم قانون مقاطعة «إسرائيل» الصادر عام 1955 عن جامعة الدّول العربيّة والذي تبنّاه لبنان، التعامل مع العدوّ الإسرائيليّ والتواصل معه أيّاً كانت طبيعة وأهداف وطرق هذا التعاون أو التواصل. فمجرد الاعتراف بوجود هذا الكيان، يعدُّ خطوة أولى نحو قبوله وإزالة صفة العداء عنه وبالتالي أنسنته ومساعدته على طمس جرائمه، وهو ما يسعى إليه العدو جاهداً بكلّ الطرق الممكنة ومنها الفضاء الإلكتروني، وهو ما يُطلق عليه اسم «التطبيع الإلكترونيّ» الذي أدى نظراً إلى سهولة الوقوع فيه، إلى ضرب المساعي العالميّة لمقاطعة العدوّ ومناهضة التطبيع الهادفة لعزل الكيان، وجعلنا نشهد خرقاً لذلك عبر مساحات التواصل الاجتماعي ومختلف المواقع الإلكترونيّة.
في ما يلي، نلخص أهم أشكال التطبيع الإلكتروني مع العدو:
أولاً: الحسابات الإسرائيليّة الناطقة بالعربيّة
يكثرُ في المدة الأخيرة التفاعل على الصفحات الإسرائيلية النّاطقة بالعربيّة التي تحاول كسر الحاجز النفسي مع الجمهور العربي بكل وسيلة ممكنة. نبّهت حملتنا مراراً مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من كون التفاعل مع الحسابات الكثيرة التي أنشأتها الأجهزة الإسرائيلية يعطي العدوّ فرصةً لاختراقنا. هذه الحسابات مثل صفحة «إسرائيل» بالعربيّة، وصفحة الموساد الإسرائيلي، وصفحة جيش العدوّ الرسميّة، وإن كان التفاعل معها في أحيان كثيرة يهدف إلى الدفاع عن القضية الفلسطينيّة، إلّا أنّه يقدّم خدمة مجانية للعدوّ، ويساعده على تحقيق غايته بالتسلّل إلى بيوتنا والتغلغل في جماهيرنا، لترويج الأضاليل والأكاذيب كمقدّمة لتقبّله كما هو ولتسهيل التعامل معه. نوع آخر هو حساب الصحافي الإسرائيليّ إيدي كوهين الذي يتعمّد استفزاز روّاد موقع X عبر تعليقاته على كلّ المجريات على الساحة اللبنانيّة، ما يدفع الجمهور إلى الرّد عليه، فيكون بذلك قد نجح في خلق مساحة له على Timeline اللبناني، عوضاً عن حظره وبالتالي تقليل إمكانيّة وصوله إلى حسابات لبنانيّة وعربيّة بشكل أكبر. وفي زمن الحرب الدائرة اليوم، يزداد دور هذه الحسابات في قيادة الحرب النفسيّة كترويج المعلومات المضلّلة لتثبيط المعنويّات وصنع انتصارات وهميّة للعدو، منها ما نشره حساب وزير الحرب الإسرائيليّ يوآف غالانت عن القضاء على القائد العام لكتائب القسّام محمّد الضّيف الذي ما لبثت قيادات المقاومة الفلسطينيّة أن نفته.
ثانياً: الصفحات الصّهيونيّة بغطاء لبنانيّ
تابعنا في حملة المقاطعة نشاط صفحات عدة تدّعي أنّها لبنانيّة، لكنها تسعى عبر ذلك إلى التّرويج لـ «السّلام» بين لبنان والكيان الإسرائيليّ. من بين هذه الصّفحات حساب أوزفيل-Ouzville، الذي بدأ نشاطه في عام 2017 كجمعيّة من جمعيّات المجتمع المدنيّ التي تروّج لحملات عدة من بينها حملات بيئيّة وحملات لتنظيف مختلف المناطق اللّبنانيّة حتى عام 2020. ثم خمد نشاط الحساب سنوات، ليعود فينشط من جديد في تموز (يوليو) من العام الجاري، ثمّ يطلق في شهر آب (أغسطس) حملة لارتداء الأبيض لتحقيق السّلام مع «إسرائيل» 6 MILLION LEBANESE ALL IN WHITE FOR PEACE WITH ISREAL، بالإضافة إلى عدد من المنشورات الدّاعية للسّلام مع «إسرائيل» بشكل مباشر وأخرى تصوّر حرب الإبادة الدّائرة اليوم في غزّة كصراع بين طرفين «متعطّشين للدّماء» والشعب اللبناني مجرّد ضحيّة للأطراف المتنازعة. يلمّع الحساب صورته كداعٍ للسّلام عبر نشره قضايا مختلفة كتنظيف البحر المتوسّط وإنهاء العنصريّة وإيقاف قتل الأطفال، ويستخدم عبارات رنّانة هدفها تمييع الحقيقة ومساواة الجلّاد بالضحية. تكمن خطورة هذا الحساب في كونه يدسّ السمّ في العسل عبر حصد متابعين على أساس أنّه «جمعيّة» ذات «أهداف نبيلة»، ثمّ راح الحساب يروّج للصهيونيّة بشكل واضح وصريح عبر حملات مكثّفة.
ثالثاً: الغرف الافتراضية التي تجمع بين إسرائيليين ولبنانيين
بعد أخبار من متابعي حملتنا، وثقنا من وجود مجموعات تضمّ إسرائيليين ولبنانيين على منصّة Reddit وهي منصّة أميركيّة أقل استخداماً بين اللبنانيين مقارنةً ببقيّة التّطبيقات، كما أنّها تمنح متابعيها حقّ استخدام أسماء وهميّة وبالتّالي يصعب التعرّف إلى هويّاتهم. من بين هذه المجموعات مجموعة تحت اسم ForbiddenBromance، أسّسها لبنانييون وإسرائيليّون هدفها ضمّ أشخاص من الجانبين اللبناني والإسرائيلي المؤيدين لفكرة «السّلام»، بلغ عددهم حوالى سبعة آلاف عضو. اللّافت في هذه المجموعة طبيعة النقاشات والأحاديث الدائرة التي تصل إلى حدّ «التبادل الثقافي» كأنّ العالم الافتراضي خلق بوجوده عالماً موازياً بعيداً من حقيقة الصّراع الجاري اليوم مع العدو حتّى وصل بنا الحوار مع إسرائيليين للحديث عن الفلافل والحمّص! أحد المنضمّين حديثاً إلى المجموعة يعرّف عن نفسه بشكل ودّي، يوضح رغبته في المشاركة بالنقاشات منذ أشهر على أنّ دواعٍ أمنيّة هي التي منعته لكونه من الجنوب اللبناني. هذا نموذج بسيط عمّا يدور على المجموعة التي لم تعد مجموعة تعارفيّة أو ممهّدة لكسر حاجز ما، بل تخطّت ذلك بأشواط.
مجموعات تضمّ إسرائيليين ولبنانيين على منصّة Reddit الأميركية
ومن خلال بحث سريع عبر محرّك البحث الخاصّ بتطبيق فايسبوك عبر كتابة كلمتين: «إسرائيل» ولبنان، تظهر عشرات المجموعات المغلقة التي تهدف إلى نشر السلام المزعوم بيننا وبين العدوّ. ليس هذا فقط، حتّى إنّ بعض المجموعات أو الصفحات التي تناقش مواضيع عامّة ومختلفة (تاريخ، تراث، فنّ…) أي بعيدة كل البعد عن موضوع الصّراع العربي الإسرائيلي، يمكن أن تضمّ إسرائيليين، وهو ما يوجب على مستخدمي مواقع التواصل أخذ الحيطة والحذر.
لا تنحصر الأخطار الناتجة من هذا النوع من التطبيع في إعطاء شرعية للكيان والتّرويج لروايته، بل تتعداه إلى إمكانية تجنيد عملاء لبنانيين ويكون ذلك إمّا برضى الطرفين أو عن طريق الابتزاز والتهديد.
انطلاقاً من كلّ ما ذُكر نؤكّد كما دائماً على ضرورة عدم الوقوع في فخ العدوّ وإدراك قدراته الاستخباراتيّة الهائلة، عبر الابتعاد عن مساحات النقاش الافتراضية مع إسرائيليين وحظر كل الحسابات الإسرائيليّة بدلاً من التفاعل معها. مَن يدري، فقد يكون الشخص في المقابل ضابط موساد يدّعي الاهتمام بمواضيع الطعام والفن!
سيرياهوم نيوز١_الأخبار