خبيران اقتصاديان إسرائيليان يحذران من أزمة اقتصادية كبرى في السنوات القليلة المقبلة، في “إسرائيل”، حتى لو استمرت الحرب بالوتيرة الحالية ذاتها أو توقفت، ويفنّدان أسباب ذلك ونتائجه بالتفصيل.
نقلت صحيفة “ذي ماركر” الإسرائيلية عن كبير الاقتصاديين السابق في وزارة المالية الإسرائيلية، يوئيل نافيه، ونائبه ليف دروكر، تأكيدهما أنّه “من دون معالجة موازنة 2025، هناك احتمال كبير لحدوث أزمة مالية في السنوات الخمس المقبلة”.
وضمن تحقيق لمحررة الصفحة الاقتصادية، ميراف أرلوزوروف، أكد الخبيران أنّ “حكومة إسرائيل لا تفهم حجم المشكلة الاقتصادية الماثلة أمامها، وتختار تجاهل المخاطر المرتبطة بضرر شديد في الاقتصاد”.
وبحسب الخبيرين الإسرائيليين، فإنّ الأزمة المالية مرجّحة في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، ومن الممكن أن تؤدي إلى جرّ الاقتصاد إلى ركود، وتفاقم المخاطر الأمنية التي تواجه “إسرائيل” بسبب صعوبة تمويل النفقات الأمنية.
وقلل الخبيران من شأن توقعات بنك “إسرائيل” ووزارة المالية بشأن انتعاش الاقتصاد في السنة المقبلة، بالنظر إلى أنه بعد 11 شهراً من الحرب، لم يعد من الممكن افتراض أنها ستنتهي قريباً، وأن احتمال استمرار المستوى الحالي من القتال طوال سنة 2025 غير مستبعد.
ورأى نافيه ودروكر أن 11 شهراً من الحرب وجّهت ضربة قاسية لاقتصاد “إسرائيل”، وأن استمرار القتال – حتى ولو بنفس الحدة الحالية ومن دون فتح جبهات إضافية – لا يبشر بالخير بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي.
وفي تفصيل ذلك، أشار الخبيران إلى أنّ خفض التصنيف الائتماني وزيادة علاوة المخاطر، والزيادة الهائلة في الإنفاق الأمني والمدني، تزامناً مع العجز المتضخم في الميزانية، والانخفاض الحاد في الاستثمارات، ومعدل التضخم المرتفع، ترسم مساراً متزايداً لنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وما يزيد من خطورة الأزمة في نظرهما بشكل كبير، هو “عدم قدرة الحكومة على تشكيل أي سياسة اقتصادية، والدليل هو تأجيل مناقشة الموازنة العامة للدولة لسنة 2025″، حيث ذكّرا أن المناقشات بشأن ميزانية 2025، استؤنفت هذا الأسبوع، مع عجز مستهدف بنسبة 4%، وما زال من السابق لأوانه تقدير فرص دفع حكومة نتنياهو لاقتراح الميزانية.
وشبّه نافيه ودروكر الخطر الذي يريانه أمام أعينهما، بالأزمة المالية التي مرت بها “إسرائيل” في خضم الانتفاضة الثانية عام 2002، حيث يفقد المستثمرون الثقة في قدرة “إسرائيل” على سداد ديونها، وترتفع عائدات (فوائد) السندات للمستثمرين ولا تكون الحكومة قادرة على تمويل نفقاتها.
ومن المحتمل أن تشكل الأزمة المالية الكبيرة – التي تجر الاقتصاد بأكمله إلى ركود عميق – خطراً أمنياً أيضاً، لأن القوة الاقتصادية لـ”إسرائيل” تتيح تمويل نفقات الأمن وتخلق سنداً أمنياً اقتصادياً للتعامل مع أحداث أزمات أمنية.
ودعا نافيه ودروكر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات وإقرار ميزانية مسؤولة، عن طريق اقتطاع ما بين 30 إلى 50 مليار شيكل في الميزانية، مع تغيير سُلّم الأولويات في الميزانية وتوسيع القاعدة الضريبية، وزيادة النسب الضريبية، بما في ذلك إلغاء الإعفاءات الضريبية مثل ضريبة القيمة المضافة على الفواكه والخضروات.
وحذّر الخبيران من أنّ زيادة العبء على الجمهور الذي يخدم في “الجيش” وفي الاحتياط، إلى جانب تفاقم الوضع الاقتصادي، قد يؤدي إلى تسريع مجريات اجتماعية وخلق حوافز سلبية للعيش والاستثمار في “إسرائيل” بين الجمهور الذي يتحمل حصة الأسد من مدفوعات الضرائب، وإلحاق المزيد من الضرر في قدرة الاقتصاد على النمو.
وختم الخبيران بالتأكيد “الخطوة الأولى في حل المشكلة هي الاعتراف بوجودها”، مؤكدين أنه على صنّاع السياسة الاقتصادية أن يدركوا أنه حتى مع انتهاء القتال بشكله الحالي، فإن الاقتصاد لن يعود إلى مسار النمو الذي سبق 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
سيرياهوم نيوز١_الميادين