آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » اجتماع مُكرَّر لـ«الوكالة الدولية»: إيران لا تمانع انفراجة مع الغرب

اجتماع مُكرَّر لـ«الوكالة الدولية»: إيران لا تمانع انفراجة مع الغرب

محمد خواجوئي

طهران | بدأ الاجتماع الدوري لمجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» أعماله، أمس، في مقرّ الوكالة في فيينا، حیث سيستمر حتى الـ13 من الجاري. ووفقاً لِما جرت عليه العادة خلال الاجتماعات الأخيرة لمجلس المحافظين، يتصدّر البرنامج النووي الإيراني جدول أعمال الاجتماع، الذي يأتي بعدما كانت الوكالة أصدرت، على خلفية خلافاتها مع طهران، قراراً ضدّ الأخيرة في اجتماعها السابق. وتفيد المعلومات المسرّبة عن أحدث تقرير للمدير العام لـ»الذرية»، رافاييل غروسي، بأن «النووي الإيراني»، وعلى رغم تبنّي القرار المذكور، قد نحا، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، في اتجاه تصاعدي. ووفق التقرير، فإن إيران، وحتى الـ17 من آب الماضي، كانت تمتلك ما يزيد على 164 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، في زيادة بنحو 22 كيلوغراماً عن الكمية التي ورد ذكرها في تقرير الوكالة قبل ثلاثة أشهر، ما يعني أنها على مسافة خطوة تقنية واحدة فقط من امتلاك اليورانيوم المخصّب بنسبة 90%، والذي يُستخدم على المستوى التسليحي. ويؤكد تقرير غروسي أن احتياطيات هذا اليورانيوم آخذة في الازدياد في إيران، وأن الحوار لتحسين التعاون بين الجانبَين توقّف، مشيراً أيضاً إلى أن طهران لم تُجب بعد على أسئلة حول مصدر وموقع جزيئات اليورانيوم التي عُثر عليها بالقرب من العاصمة طهران.وقال غروسي، في كلمة ألقاها في اليوم الأول من الاجتماع الدوري لمجلس المحافظين، إنه جاهز لعقد لقاء مع الحكومة الإيرانية الجديدة، واستئناف المحادثات للتوصّل إلى نتائج حقيقية في شأن القضايا العالقة في ما يتعلّق بـ»اتفاقات الضمانات». وأضاف أنه يأمل خلال لقائه الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، بإقامة «حوار بنّاء يفضي سريعاً إلى نتائج ملموسة». وكان المدير العام للوكالة بعث، في الـ25 من تموز الماضي، برسالة تهنئة إلى بزشكيان لانتخابه رئيساً، وأعلن أنه جاهز لزيارة طهران من أجل «استئناف الحوار والتعاون بين الوكالة الدولية وإيران». وعلى رغم أن الرئيس الإيراني أبدى في جوابه على الرسالة، موافقته على عقد لقاء مع غروسي، غير أن أيّ محادثات بين الجانبَين لم تجرِ منذ ذلك الحين.

وكان أفضى التقرير السابق للوكالة، والذي قُدّم في حزيران الماضي، إلى استصدار مجلس المحافظين قراراً يطالب إيران بوقف التخصيب بكثافة تزيد على المستوى المحدّد في الاتفاق النووي، وأن تعتمد خيار التعاون التام مع المفتّشين. وطالب القرار الذي أعدّت مسوّدته كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في حينه، الجمهورية الإسلامية بأن تعطي «إجابات ذات مصداقية» حول الحالات المشتبه فيها في برنامجها النووي.

 

نظرة إيران إلى الوكالة الدولية: حقوقية أم سياسية؟

جعلت إيران من علاقاتها مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، جزءاً من علاقاتها مع الغرب، ووضع محادثاتها الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي مع هذا الأخير. وهكذا، متى حصلت انفراجة في المحادثات بين إيران والغرب، حسّنت طهران من مستوى علاقاتها مع الوكالة، والعكس بالعكس. وبعبارة أخرى، اعتبرت إيران تطوير برنامجها النووي عابراً للقيود الواردة في الاتفاق النووي المُبرم عام 2015، بوصف ذلك إجراء يعوّض عن تكثيف الغرب ضغوطه عليها. وهي اتّخذت من رفع مستوى تخصيب اليورانيوم وخفض المراقبة التي تمارسها الوكالة، أداة ضغط وورقة رابحة. ومن هنا، فإنه طالما لم تحصل انفراجة في المحادثات السياسية، فإن احتمالات أن تتحرّك طهران في اتجاه خفض التصعيد على المستوى التقني، تتضاءل.

مجيء إدارة مسعود بزشكيان وانتخاب عباس عراقجي وزيراً للخارجية عزّزا الآمال بحدوث انفراجة في الملف النووي

 

انفراجة جديدة محتملة

وفيما لم يطرأ تغيير فعلي على العلاقة بين إيران و»الذرية» في المدّة الفاصلة بين الاجتماعَين السابق والحالي للوكالة، فإن مجيء إدارة بزشكيان الذي اتّخذ من إجراء المحادثات الرامية إلى رفع العقوبات شعاراً انتخابياً، وانتخاب عباس عراقجي وزيراً للخارجية، عزّزا الآمال بحدوث انفراجة في الملف النووي. وعلى هذه الخلفية، ونظراً إلى الآمال المستجدّة، فإنه يُتوقّع على الأرجح ألّا يَصدر عن الاجتماع الحالي للوكالة قرار ضدّ الجمهورية الإسلامية، بيد أن التحديات والخلافات حول الملف النووي ما زالت قائمة، فيما تواجه تسويتها مساراً متعرّجاً. واعتبر عراقجي، أحد كبار المفاوضين الإيرانيين إبان توقيع «خطة العمل الشاملة المشتركة»، أن المحادثات الهادفة إلى رفع العقوبات، هي جزء من برنامج إدارة بزشكيان، مؤكداً أن الاتفاق بشكله الأوّلي، «غير قابل للإحياء»، وهو ما يعني ضوءاً أخضر من طهران للدخول في مفاوضات لإبرام اتفاق جديد. ولفت عراقجي إلى أن «إدارة العداء» مع أميركا، تشكّل واحدة من سياسات حكومته، داعياً أيضاً إلى «التعامل المتّسم بالعزة» مع أوروبا، ومطالباً في الوقت ذاته بتوسيع العلاقات مع روسيا والصين.

وعلى رغم أن السياسات العامة في مجال السياسة الخارجية، يحدّدها المرشد الأعلى الإيراني، لكن الأخير يقرّر دائماً على أساس المتطلبات والظروف، وأحدها، التوجهات التي تعتمدها كل حكومة في إيران. وعليه، فأن يكون فريق السياسة الخارجية للإدارة الجديدة داعماً للمحادثات مع الغرب، فإن ذلك سيكون له تأثيره على مواقف المرشد الأعلى، علي خامنئي. وأدلى خامنئي، في الأيام الأخيرة، بتصريحات فسّرها كثيرون على أنها إشارة إلى إجراء محادثات مع الغرب، إذ دافع عن «الانسحاب التكتيكي»، ورأى أنه «لا مانع» من «التعاطي مع العدو» في ظروف معينة.

ويحصل هذا كله بينما استأنف محمد جواد ظريف عمله كـ»مساعد لرئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية»، وهو الذي تحدّث مراراً عن ضرورة «إدارة الخلافات» مع الولايات المتحدة، فضلاً عن اضطلاعه بدور بالغ في الحملة الانتخابية لمسعود بزشكيان، وتأكيده في السنوات التي تلت توليه حقيبة الخارجية، وفي حوارات عديدة، أنه لا يجب السماح بأن تأخذ الخلافات مع أميركا طابعاً أمنياً وأن تتسبّب بتصعيد. ويبدو أن إيران توصّلت، في ضوء مجمل التطورات الإقليمية والدولية، إلى استنتاج يقضي بأن تقوم بتوفير الفرصة للحوار. ويشكل احتمال توسّع نطاق الحرب في المنطقة، وآفاق عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وكذلك اقتراب موعد انتهاء مفعول بنود «خطة العمل المشتركة الشاملة» في تشرين الأول من العام المقبل، والذي قد يدفع بالأعضاء المتبقّين فيها إلى التحرّك قبل حلول الموعد المذكور في اتجاه تفعيل «آلية الزناد» وعودة العقوبات الدولية على إيران، أهم العوامل المحرّكة في هذا المجال.

وعلى رغم أن الجمهورية الإسلامية تريد انفراجة في علاقاتها مع العواصم الغربية، لا يبدو المناخ الدولي جاهزاً في المدى المنظور لخطوة كتلك. فبعد أقلّ من شهرین من الآن، ستُجرى الانتخابات الرئاسية في أميركا، ما يعني أن أيّ مفاوضات ستكون مؤجّلة إلى ما بعدها، فيما تترقّب طهران ما سيتمخّض عن الاستحقاق. وفي حالة فوز المرشحة الدیمقراطية، کامالا هاريس من جهة، والتحسّن النسبي للعلاقات بين إيران وأوروبا من جهة أخرى، وكذلك تراجع التوترات في المنطقة، فإن طهران ستأخذ على محمل الجدّ بلورة محادثات تتمخّض عن اتفاق حتى خريف عام 2025، موعد انتهاء الالتزامات النووية بموجب الاتفاق

 

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اليسار الراديكالي الفرنسي يتخذ خطوة أولى في مسعاه لعزل ماكرون

اتخذ حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي الثلاثاء خطوة أولى في الجمعية الوطنية في مسعاه لعزل الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن فرص نجاحه ضئيلة للغاية. وقبل مكتب ...