عبر صفحات العالم الأزرق يبحث بعض الشباب والشابات عن شريك حياة على مقاس أحلامهم الوردية، وعلى شاشاتهم الذكية يتم اللقاء، ثم مواعيد ودردشات فيسبوكية، تحلق فيها مشاعرهم في عالم افتراضي يجعل من فارس الأحلام أو الفتاة الحلم حقيقة على أرض الواقع، في ظل ظروف باعدت المسافات واستحال اللقاء في زحمة الحياة وإيقاعاتها المتسارعة، فكثرت صفحات التعارف والخاطبات الإلكترونيات، وأصبح الأثير الإلكتروني عبر السكايب ومكالمات الواتساب بالفيديو، جلسات لطلب الزوجة وتبادل ألفاظ عقد القران بحضور الشهود والأقارب بين بلدين تفصلهما المسافات والبحار.
إيجابياته وسلبياته
«الزواج عبر الإنترنت» بسلبياته وإيجابياته شكلت محاور المحاضرة التي أقيمت في المركز الثقافي في الميدان، واستهلت المحاضرة الأستاذة ميلادة عيسى العيد بالحديث عن هذا النوع من الزواج من الجانب النفسي والاجتماعي، فأشارت إلى توجه بعض الشباب والشابات إلى التعارف والتواصل عبر الإنترنت للبحث عن شريك أو شريكة الحياة، ويمكن لهم التحدث وتبادل المعلومات والصفات الشخصية قبل اللقاء، ويعتبر هذا النوع من التعارف بقصد الزواج شائعاً جداً، فنجد في وسائل الإعلام ما يسمى هواة التعارف أو أريد زوجاً، فيحدث عبرها التعارف، ويعطي كل منهما صفاته للآخر، وقد يتبادلان الصور الشخصية، وربما ينتقل الأمر في بعض الأحيان من باب تسهيل التعارف للزواج إلى الوقوع في المحظور وبعض المفاسد.
فرصة للتعارف
وأوضحت أن هذه ليست الطريقة الشرعية للزواج، لما فيها مخاطر من الوقوع ضحية للغش والمعلومات غير الصحيحة، وربما كان هذا الأسلوب باباً من أبواب الاحتيال وسوء النوايا من قبل أحد الأطراف، ومن الأجدى سلوك الطريق المتعارف عليه وهو السؤال والتقصي.
ولفتت الأستاذة العيد إلى أن هذا الزواج قد يكون صحيحاً إذا تم ضمن الإجراءات اللازمة للزواج بموجب القوانين والأنظمة المعمول بها في بلدي الطرفين، ولكن يجب أخد الحيطة والحذر عند التعارف عبر الإنترنت ومراعاة الأمان والخصوصية، ولهذا النوع من الزواج إيجابيات، لأنه يتيح الفرصة لإيجاد الشريك المناسب، كما أنه يوفر الكثير من الوقت والجهد دون الحاجة للتنقل إلى أماكن بعيدة وكثيرة للبحث، إضافة لكونه يتيح الفرصة للتواصل والتحدث بحرية وإمكانية تحديد مدى التوافق والانسجام بين الطرفين.
عدم الصدق
وعن مخاطر هذا الزواج لخصتها بالقول.. قد يكون هناك عدم صدق بالمعلومات وتقديم معلومات مضللة عن الشكل والطول واللون والخصائص الشخصية، وعدم التوافق بين الطرفين بالأهداف والقيم والاهتمامات، وربما احتيال أو استغلال مادي من خلال استغلال العواطف والثقة، إلا أنه لا يوجد حكم عالمي بشأن هذا الزواج لأنه يختلف بحسب الاختصاص القضائي والتقاليد الدينية والثقافية في بعض البلدان، وقد لا يتوقف الأمر على مجرد نصب واحتيال، بل قد يمتد إلى ما هو أخطر وذلك عن طريق تجنيد الشباب أو الدعارة والعلاقات المشبوهة والخداع.
قانوني وصحيح
وعن الرأي القانوني بالزواج عبر الإنترنت تحدث الأستاذ المحامي أحمد الحناوي فأشار إلى أن الزواج الذي يتم عبر الإنترنت قانوني وصحيح، وقد أوجد القانون حلاً لمن هو خارج البلد ولا يستطيع أن يقدم وكالة لإتمام الزواج، وخاصة لمن سافر إلى الخارج بطريقة غير شرعية، ولا يستطيع الدخول إلى السفارة السورية في البلد المضيف لتقديم هذه الوكالة، أو ليس لديه سند إقامة في ذاك البلد، فأوجد القانون حلاً وهو ما يطلق عليه القانون ب «الوكيل عن غائب».
وأوضح أن هذا النوع من الزواج يتم في حال كان أحد الطرفين يقيم بالخارج، وتتم مراسم الزواج عبر أي وسيلة للتواصل بالصوت والصورة، ويكون أحد الأقارب كأب أو أخ أو عم أو جد، ويتم توكيل أحدهم لفظياً أمام الحضور بإجراء عقد الزواج مع والد الفتاة أو أخيها أو عمها أو جدها، ويتبادلان ألفاظ عقد الزواج، وجميع التفاصيل المتعلقة بإتمام الزواج، وهنا على الزوجة أن توكل محامياً يرفع دعوى تثبيت الزواج في المحكمة الشرعية السورية.
تثبيته بوكالة عن غائب
وعن كيفية تثبيت الزواج في المحكمة الشرعية السورية، أوضح الأستاذ الحناوي أنه بهذه الحالة يذهب وكيل الزوج ويقدم طلباً للقاضي الشرعي لتعيينه وكيلاً عن غائب في الدعوى المقامة عليه من الزوجة، لتحويله إلى الديوان وإعطائه بيان الدعوى، بينما يطلب القاضي بيان حركة للتأكد من تواجد الزوج خارج البلد، كما يطلب بياناً عائلياً، وبعد استجماع الأوراق يذهب وكيل الزوج إلى المحكمة الشرعية، ويوجهه القاضي إلى ديوان الأيتام، فيقوم رئيس الديوان بإقرار تعيين الوكيل عن غائب فيما يخص الدعوى المقامة فقط، ويتم تحديد الجلسة لتثبيت الزواج، بحضور الشهود الذين حضروا مراسم عقد الزواج واستمعوا من الزوج توكيل الوكيل عنه.
العصمة بيدها
وختم الأستاذ الحناوي بتوجيه نصيحة للمقدمين على الزواج بهذه الطريقة وخاصة الفتيات، أن تشترط العصمة بيدها إلى حين وصولها إلى مكان إقامة الزوج، لأن بعض الدول قد تتأخر في إتمام لم الشمل أو قد تطلب أوراقاً يعجز الزوج عن تقديمها، فيضطر إلى إنهاء الزواج، وأحياناً يفقد التواصل معه، أو يرفض الطلاق فيتركها (لا معلقة ولا مطلقة)، كما ينصح أهل الفتاة عدم الانجرار وراء المظاهر المادية، والسؤال عن الشاب والتأكد من أخلاقه ووضعه الاجتماعي، كي لا تقع بناتهم ضحية عمليات النصب والاحتيال.
سيرياهوم نيوز 2_الثورة