خالد زنكلو
أطلق منفذ «أبو الزندين»، الذي يصل مناطق هيمنة ميليشيات أنقرة في مدينة الباب بمناطق الحكومة السورية بحلب، العنان لمخيلة الميليشيات المعارضة والمؤيدة لافتتاحه، بغية اكتساب مزيد من الحظوة والمصالح، أو مد نفوذها إلى مناطق جديدة على حساب بعضها بعضاً، وتحت نظر «معلمها» التركي، الذي اغتنم الفرصة لتصفية حساباته القديمة مع مناوئيه، وبحسب استجابة كل منهم لقراراته وتوجهاته الجديدة في المناطق التي يحتلها في الريف الحلبي.
وما لبثت أنقرة، وبعد فترة من التجاذبات والاصطفافات في أوساط ميليشياتها تخللها استنفار عام واشتباكات متقطعة في بعض المناطق، وخصوصاً في ريف عفرين، أن أصدرت الأوامر بإنهاء الاستنفار وإعادة المسلحين المتحاربين إلى مقراتهم العسكرية التي أتوا منها، والتي ترسم حدود النفوذ والسيطرة لكل منهم.
التوتر بين مكونات ما يسمى «الجيش الوطني»، الذي شكلته إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المناطق التي تحتلها شمال وشمال شرق البلاد، جاء على خلفية معارضة بعض الميليشيات وفي مقدمتها «الجبهة الشامية» إعادة وضع «أبو الزندين» في الخدمة، ما أدى إلى حدوث شقاق بين «الشامية» والميليشيات المرحبة بافتتاح المنفذ مثل «القوة المشتركة»، التي تضم فصيلي «العمشات» و«الحمزات»، تلا ذلك إصدار ما يدعى بـ«الحكومة المؤقتة» المعارضة والتابعة لإدارة أردوغان، قراراً بحل ميليشيا «صقور الشمال» الرافضة لافتتاح المنفذ والتي رفضت قرار الحل وانضمت لـ«الشامية»، الأمر الذي خلق تجاذبات جديدة أفضت إلى تحشدات عسكرية وصدامات بين الأخيرة و«القوة المشتركة» التي تنفذ أوامر أنقرة.
مصادر معارضة مقربة من ميليشيات أردوغان، ذكرت أن الإدارة التركية وبعد رعايتها جولة مفاوضات فاشلة بين «القوة المشتركة» و«الشامية» الجمعة الماضية، استشعرت خطر نشوب حرب شاملة بين ميليشياتها وخروج الوضع عن سيطرتها، ما دفعها إلى التدخل عن طريق وسطاء وليس بشكل مباشر لحفظ ماء وجهها في حال الفشل، كما حدث في اجتماع مطار ولاية غازي عنتاب في ٤ الشهر الجاري عندما جمعت استخباراتها المعارضة المسلحة والسياسية وفشلت في توحيد وجهات نظرها حيال فتح «أبو الزندين»، بل زادت من حال التنافر فيما بينها.
وأكدت المصادر لـ»الوطن» أن الاستخبارات التركية أوعزت إلى ميليشيات إدارة أردوغان المتناحرة بريف حلب وعبر وسطاء لم تسمهم، بضبط النفس في المرحلة الحالية لحين إعادة ترتيب أوراقها المبعثرة على خلفية حل فصيلي «صقور الشمال» و«صقور الشام»، وخلال فترة وصفتها بأنها «ليست» ببعيدة.
وأشارت المصادر إلى أن أنقرة كانت تفضل احتواء الميليشيات التي «تمردت» عليها، مثل «الشامية» و«صقور الشمال» بدل الذهاب إلى صدام مباشر مع الميليشيات الموالية لها مثل «القوة المشتركة»، وهو ما بدت نذره في بلدات البلورية وشيخورزة والكمروك بريف عفرين.
وكشفت أن التوجيهات الجديدة لأنقرة تقضي بإعادة مسلحي جميع الميليشيات إلى معسكراتهم لوقف الاستفزازات التي تسببت بها حشود القوات مقابل بعضها بعضاً، بعدما استقدم كل طرف تعزيزات عسكرية من مناطق نفوذه إلى خط المواجهة، ولاسيما في بلدة كفر جنة ذات الموقع الحيوي على الطريق المؤدي إلى مركز عفرين.
المصادر أوضحت أن التوتر لا يزال سيد الموقف في المناطق التي كانت على أهبة الاستعداد لحدوث اشتباكات في منطقتي إعزاز وعفرين في ريف حلب الشمالي، والتي شهدت إرسال أرتال عسكرية إليها من قبل «الشامية» وحلفائها و«القوة المشتركة» ومناصريها، وهو ما وضع أنقرة في مأزق ودفعها للمسارعة إلى التدخل لإيجاد حل مرض لجميع الأطراف، لكنه يأخذ بالحسبان سياستها وتوجهاتها المستقبلية في المنطقة، وخصوصاً التي تراعي الضامن الروسي لـ«التفاهمات» التي أبرمتها معه في المنطقة، وفي مقدمتها وضع «أبو الزندين» في الخدمة.
ولفتت إلى أن يد مسلحي الميليشيات المؤيدة والرافضة لسياسة أنقرة في كفر جنة، ما زالت على الزناد، لكون خطوط الاشتباك في البلدة متداخلة قبلا بين تلك الميليشيات، على الرغم من «فك» الاستنفار وانسحاب التعزيزات إلى مواطنها الأصلية، ما قد يربك المشهد العسكري، التي تخطط أنقرة لضبطه، في أي وقت.
سيرياهوم نيوز١_الوطن