آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » فرضيات المعركة والتقييم

فرضيات المعركة والتقييم

بلال اللقيس

 

 

نفترض أن لعدوّنا ثلاثة خيارات، أو التراجع بغطاء أميركي (قنبلة دخانية) لاستنقاذ بعض ما بقي منه، وله أن يختار بينها ويتحمّل كلفة أفعاله:١- معركة استنزاف مفتوحة على كامل أرض فلسطين المغتصبة (لا يحيّد فيها شيء، لا موانئ ولا طاقة…)، والأيام المقبلة ستريه نموذجاً مخففاً جداً منها في غير مكان من فلسطين المحتلة، وستكون فيها قدرات الشعب العراقي وسلاحه وإمداده مفتوحاً (إن فتوى آية الله السيد السيستاني لنصرة لبنان هي كفتواه في محاربة «داعش»). واليمن سيضاعف جهده الفرط صوتي. هذه المعركة، بمعزل عن كلفتها البشرية في جبهات المقاومة، ستبقي الكيان في الملاجئ لأشهر وسنوات معطلاً بشكل تام.

٢- حرب برية يمكن أن يهاجم فيها لبنان والمقاومة من أحد الاتجاهين من الشمال أو من الجولان، هذه الحرب هي ما تنتظرها المقاومة وبنت خططها العملياتية عليها فتجعل الإسرائيلي في مصيدة أو ورطة لا يصدر منها ولا يعود إليها. وهي الفرضية الأقوى، لأنه لن يستطيع أن يعيد المستوطنين إلى الشمال مهما صعّد من فوق، فالجو لا يحسم ولا يحقق هدفاً إنما يساعد، تبقى الأرض هي الأصل، ولن يكون قادراً على كسر ترابط الساحات مهما أفرط في استخدام قوته الجوية. بل ستتعمق وحدة الساحات ويزداد التهجير عنده، ولن يبقى له خيار إلا خيار البر، أي أن أداءه سيجعله أمام مسار حتمي إلى العمل البري: ومن هنا تأتي خشية ضباط الجيش وأفراده.

٣- حرب شاملة إقليمية وتعني في ما تعني حرباً عالمية في تداعياتها، فحتى لو دخلتها أميركا مباشرة لن تستطيع أن تنهيها أو تضع حداً لنهايتها وقد تأخذ عقوداً، والمستفيد الأول منها ستكون روسيا والخاسر الأول الغرب الأوروبي. وإذا استخدم النووي، لن يكون صعباً أن يشتري أعداؤه ويجرّعوه نفس الكاس على قاعدة دفع الشر بالشر.

كل هذه الخيارات ليست مناسبة له وستنقلب عليه وعلى الأميركي من ورائه وهيمنته العالمية.

لذلك، نقول إننا في موقع أفضل بكثير منه رغم العراضات والقتل الذي يمارسه والتخويف والإرهاب.

فما هو المطلوب؟ المطلوب النظر إلى هذه المعركة بطريقة مركبة ومتعددة الطبقات والأبعاد واعتبارها فصلاً تاريخياً وليس حدثاً عسكرياً، مع ما يقتضيه من تحشيد كل جوانب ومقدرات محور المقاومة وعلاقاته وأوراقه بطريقة دقيقة وبعقلية باردة وبنفَس طويل. إن إدارة المعركة تفترض تنفيس احتقانه وتكذيب دعاواه، وإظهار بعض جوانب البأس ومظاهر قوتنا، وإطلاق حلفاء المقاومة يدهم في العراق واليمن لتسديد ضربات لمنشآت حيوية منتقاة بعناية كرسائل أولى وتحذيرات.

مبادرة العراق وسوريا والجزائر لأخذ دورهم العربي، إن بإيصال الإمداد أو بإعلان كسر قانون قيصر الظالم على سوريا، ولبنان، والتلويح بخطوات سياسية ضد الإدارة الأميركية التي تخشى اليوم أيّ أزمة سياسية قبل الانتخابات، وربما تحريك أوراق اقتصادية، وإعلان سحب الملف الفلسطيني من احتكار الأميركيين له. وكذلك مساندة لبنان اجتماعياً وغذائياً وصحياً.

أمّا المطلوب من جمهور المقاومة، فهو فقط الاستقامة على الموقف المتماهي مع المقاومة وعدم تسلل الشك نتيجة لعبة الإعلام وتعميق الثقة بحقهم وبالنصر الآتي والاحتساب والتعاضد ومواجهة الدعاية بالثقة بالذات والصبر في سبيل كرامة الإنسانية وشرفها الذي تزيّفه إسرائيل.

ومن الشعب اللبناني عموماً؛ فليس لنا إلا أن نؤكد ميزة لبنان وأنه وطن يستحق أن يقود ويكون نموذجاً، فلا ننظر إلى صغار هنا أو هناك، بل إلى المشهد الكبير حيث يتضافر المسلمون كما رأينا مع الشيخ سعد الحريري ووليد جنبلاط، والمسيحيون كما مع سليمان فرنجية والتيار الوطني الحر والكثير من الشخصيات اللبنانية الوازنة. المطلوب أن نستمر بهده الوحدة في الشعور والانتماء للحق الإنساني وأن لا نخشى التهديد والوعيد. بل أدعو إلى أن يطمئن الجميع للمستقبل، فإن المقاومة قوية ومن خلفها جبهات لا تتخلى عنها بنهاية المطاف وحين الحاجة الضرورية، وهي، أي قوى التحرر في المنطقة، حاضرة أن تخلق واقعاً جيوستراتيجياً يخلط الأوراق العالمية كلها. لذلك، لا يجب أن نستعجل، المستقبل للبنان ولكل من صمد وتعاطف ولم يتخلّ، بل ساند ودعم وفقاً لقدرته. فلا يصحّ أن نتعجل الخطوات.

نظام الغرب منفعل وفاقد للإبداع ولا يمتلك إلا مقاربة عسكرية كلاسيكية، بينما لدينا الكثير من الجدّة والجديد.

* باحث لبناني

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صاروخ فادي وصاروخ ماديرا…

    بقلم:باسل علي الخطيب   كان ذلك قبل سنوات، جورج بوش الابن يزور المملكة، غطت وسائل الإعلام السعودية الزيارة، و كأن أحد أنبياء العهد ...